حديثنا عن أهمية دحض الشائعات، وضرورة التصدى بصورة، تقوم على منهجية منضبطة وفق آليات محددة، وأساليب احترافية، يعد أمرًا يشكل أهمية فى تعزيز استقرار هذا الوطن، والدفع بمسار نهضته إلى الأمام؛ كى لا تؤدى الأباطيل دورها؛ حيث إضعاف الثقة بين المواطن، ومؤسسات وطنه، وعلى هذا يتوجب أن نزيد من الوعى الجماهيرى، وفق استراتيجية تنمية مهارات التفكير الناقد لدى الفرد، الذى عليه أن يتحرى، ويتثبت، ويتيقن من كافة الأخبار المتداولة، عبر الفضاء المسموم، وأن يراجع على الدوام مصادر، وأوعية المعلومات الرسمية، والموثوق فيها. عندما نقول إن المواطن شريك رئيس فى عملية البناء المستدام، فإن هذا ليس من قبيل الشعارات، وعلى أثر ذلك يتوجب أن تكون عملية الإعداد، والبناء، والتأهيل لمنتسبى الوطن قائمة على ماهية تعزيز المعرفة الصحيحة لدى الأذهان؛ فمن يواجه الأزمات، ومن يتصدى للتحديات، ومن يساعد فى توفير حالة من الاستقرار الداخلى، ومن يقوم على كاهله البناء، والنهضة هو المواطن دون مواربة؛ لذا فإن أكثر من نخشاه من الشائعات، وما تحمله من زيف، يتمثل فى ضعف الروابط، وحدوث حالة من الشرذمة بين الجميع؛ فيصير التباين خلافًا، يؤدى فى نهاية المطاف إلى نزاعات، وصراعات، تتمدد بصورة تدريجية؛ ليكتوى بها المجتمع بأسره.
نريد أن نعزز من ثقافة التساؤلات، التى تسهم فى تنمية مهارات التفكير لدى الإنسان؛ فدومًا ما يوجه لنفسه أولًا، ثم للآخرين من تحدث عن هذا الأمر، أو قال المعلومة؟، وما الشواهد، والأدلة المؤكدة على مصداقية ما تم تناقله، أو تداوله؟، وما الغاية الرئيسة من وراء ما تم الإفصاح عنه، أو نشره؟، وما المنطق الذى يعتمد عليه الخبر المتناقل؟، وما الجهات الرسمية المرجعية لما توارد من أحاديث، وأخبار عبر المنصات المختلفة؟، وأعتقد أن هذه التساؤلات المشروعة تساعد إلى حد كبير فى الكشف عن وجود الزيف، أو تحديد درجته، أو رصد حالة المبالغة، والتهويل، أو الكشف عن مأرب جذب الانتباه حول قضية بعينها فى وقت ما، ولا نبالغ إذا ما قلنا إن المواطن بهذا الشكل، يعد غير قابل للاختراق الفكرى، بل يستطيع أن يكشف عن حالة التضليل الإعلامى، متعددة المصادر، والمآرب.
وعى المواطن يتوجب أن يكون مدعومًا بدور مؤسسى، يؤدى ما عليه، حيال ما يتمخض عن الفضاء المنفلت من أخبار، تحمل أكاذيب، وافتراءات، يصعب حصرها، أو توقفها؛ ومن ثم أرى أن سرعة الرد، وذكر البيان الرسمى فى موعده، يشكل ضرورة فى دحض الشائعات بمختلف أنماطها، وتعدد أهدافها المعلنة منها، والخفية، ومن يشير إلى أن تأخر الرد يزيد من مساحة تداول، ونشر الشائعات أعتقد أنه محق؛ فالبيئة الضبابية تساعد فى تكريس حالة السلبية لدى المتلقى، وتجعل منه فريسة لأن يقتنع بكل ما هو مفبرك، بل يساعد فى نقله، سواءً أكان عن عمد، أم غير قصد؛ لذا فأنه لا مناص عن تثبت بعرض للبيانات المدعومة بالشواهد، والأدلة؛ لتعزز لدى الإنسان فلسفة الموثوقية، وتزيد من أطر الثقة.
المسئوليات متكاملة، ومشترك ما بين إعلام، يقوم بدوره التوعوى بشكل مباشر، وصريح، وما بين مؤسسات بناء الإنسان الداعمة للمعرفة القويمة، وما بين مؤسسات، تعزز القيم النبيلة فى الوجدان، وما بين مؤسسات اجتماعية تقدم صور التنوير، من خلال نشر ثقافة الوعى بأنماطه المختلفة، وما بين مؤسسات الأمن المنوط بها المحاسبية، وإنزال العقاب الرادع لمن يقوم بترويج شائعات، تضير بالأمن القومى فى أبعاده المختلفة، وما بين أسرة تحاول بكل السبل أن تراقب السلوك، وتعدل منه؛ ليصير الفرد قادرًا على فرز الغث من الثمين، ويعمل بكل جهد من أجل أن يبنى، ويعمّر، ولا ينساق إلى منابر، تهدم الأركان، والبنيان.. ودى ومحبتى لوطنى وللجميع.