اختتمت الشيخة موزة بنت ناصر فعاليات منتدى الدوحة، بخطاب ركّز على محور العدالة العالمية وأهميتها في حماية حقوق الإنسان والقيم الثقافية والاجتماعية. وأشارت الشيخة موزة إلى أن العدالة ليست شعارات أو تداولًا لفظيًا فحسب، بل هي إيمان وثقافة وممارسة تتجذر في الواقع، مؤكدة أن الانخراط اللغوي الشعاراتي لا يمكن أن يحل محل العدالة الحقيقية. ولفتت إلى أن النظام العالمي يعاني غياب معايير العدالة بينما تنتشر على الأرض مشاهد ظلم مسكوت عنها، بل يتم تجاهلها عن قصد. وأضافت الشيخة موزة أن الإخفاق في مواجهة سؤال العدالة أصبح نتيجة طبيعية في زمن تهيمن فيه صراعات غير مسبوقة وتنهار آليات الحوكمة، موضحة أن الدول الكبرى تنخرط أحيانًا في تعزيز مصالحها وتمرير أجنداتها تحت مظلة نظام عالمي يشهد اضطرابًا وتراجعًا في معايير العدالة، وهو ما يحولها إلى مفهوم نسبي يتأثر بالظروف والمصالح بدلًا من أن تكون قيمة عالمية ثابتة. كما شددت على أن تطبيق العدالة على أرض الواقع هو الأهم، مشيرة إلى حالات انتقائية في تطبيق الحق في العدالة ومناطق تستصرخ شعوبها العالم لكف يد الظالم وإحقاق الحق دون وجود استجابة فعّالة. وأضافت: «لا نحتاج إلى شاهد عيان لإثبات وقائع الجرائم التي وثقتها شاشات التلفزة، بما فيها من تقتيل وحشي للمدنيين في غزّة والسودان، ومع ذلك فإن صوت العدالة هو الأكثر خفوتًا في ضوضاء العالم». وأكدت الشيخة موزة أن العدالة حاجة إنسانية شاملة وشرط ضروري لحماية الضعيف أمام القوي، ولصحة العلاقات الدولية، معبّرة عن القلق من الفجوة بين ما يتعلمه الشباب عن العدالة وما يواجهونه في الواقع، ما يدفعهم أحيانًا إلى الاحتجاج ضد ممارسات القوة وخذلان المواثيق الدولية. وأضافت أن العدالة تحمي الإنسان من الإفناء الجماعي الذي تتيحه الأدوات الحديثة للقتل، مشددة على أن التقدم التكنولوجي يجب أن يصاحبه تقدم في مجال القيم، وأن احترام الخصوصية الثقافية وتحقيق الأمن التعليمي شرط أساسي لتحقيق العدالة الاجتماعية وصون الهويات الثقافية. وأوضحت الشيخة موزة أن العدالة تتجلى في كل فعل إنساني، من تعزيز التماسك الأسري والاجتماعي، إلى الرعاية الصحية، وحماية التعليم، وتوفير فرص العمل، وضمان حق الإنسان في التعبير، وأن هذه الركائز مترابطة لتشكل أساس عالم أكثر عدلاً. وفي ختام خطابها، دعت الشيخة موزة إلى مقاربة جسورة لاستعادة ميزان العدالة المائل، مشددة على أهمية جهود المشاركين في المنتدى لتحقيق العدالة وحماية معاييرها، معربة عن أملها في أن تثمر مخرجات المنتدى تأثيرًا إيجابيًا ملموسًا على الواقع الإنساني.