قالت الفنانة التشكيلية والباحثة في تاريخ الفن وعضو لجنة التقييم الفني لمعرض "منار أبوظبي" علياء زعل لوتاه إن استخدام التكنولوجيا في الإبداع البشري يعتبر تطورا طبيعيا في تاريخ الابداع ولا يؤثر استخدامها في إضعاف الشغف الانساني لمزيد من الإبداع، لافتة الى أن التطور عبر التاريخ مرّ بمراحل عديدة، فالثورة الصناعية غيّرت مسار الفن وأدخلت التصوير الفوتوغرافي، الذي اعتُبر حينها تهديدًا للفنانين، لكنه في الحقيقة فتح بابًا جديدًا للتعبير كذلك الثورة الرقمية والذكاء الاصطناعي الذي نعيشه حاليا لن يؤثر على حرفية الفنان وطريقة تفكيره وابداعه بل سوف يساهم في دعم وتطور هذا الابداع، فكل تطور يخلق موجة جديدة من التأقلم والفكر. وأضافت لوتاه في تصريحات ل"اليوم السابع" على هامش فعاليات معرض "منار أبوظبي" : لست خائفة من هذا التطور. على العكس، أراه تحديًا يبرز حرفية الفنان وطريقة تفكيره. اليوم نرى أعمالًا تُنتج بالتعاون بين الإنسان والتكنولوجيا أو الروبوتات، وهذا يخلق لغة فنية جديدة. الفنانة الإماراتية علياء لوتاه وللسنة الثانية على التوالي، تنظم دائرة الثقافة والسياحة بأبوظبي مهرجاناً عاماً واسع النطاق مخصَّصاً للأعمال النحتية والإنشائية والعروض الإسقاطية التي تعتمد الضوء عنصراً أساسياً في تركيبها. تحمل دورة العام الجاري اسم «بوصلة الضوء» تحت شعار "دليلك نجم سهيل" وتضم الدورة أعمالاً لتركيب قام بها 15 فناناً إماراتياً ودولياً، تُعرض في محيط أبوظبي على جزيرة الجبييل وسوق الميناء. يأتي المعرض الذي يستمر في استقبال الزوار حتى 4 يناير المقبل، في إطار مبادرة أبوظبي للفن العام، ليعكس التزام دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي بتعزيز المشهد الثقافي والفني للإمارة وتدير نَسْقها لجنة استشارية من أربعة أعضاء، المدير الفني السنغافوري خاي هوري ، إلى جانب الفنانات الاماراتيات زعل لوتاه، ومنيرة الصايغ، ومريم الشحي. وحول المعايير التي تعتمد عليها لجنة التقييم للأعمال المشاركة، أوضحت علياء لوتاه أن المعايير ترتبط أولاً بمستوى الفن والثقافة في أبوظبي. فحاليا لدينا متاحف عالمية في السعديات والعين، وأقدم متحف في العين تم افتتاحه في أواخر الستينات وتمت توسعته مؤخرًا لذلك، معيار الجودة ومستوى الخطاب الثقافي هو أول ما ننظر إليه. المعيار الثاني هو المعيار التقني. ولا نقبل أعمالًا يمكن أن تتأثر بالعوامل الجوية، أو لا تُسمع بوضوح، أو تفتقر إلى مستوى تقني مناسب. أما المعيار الثالث فيرتبط بالفنان نفسه من ناحية المستوى الفني ، وأهليته لعرض أعماله في منصة مثل منارة أبوظبي. ونحن نفتح الأبواب للفنانين لتقديم أعمال تحتاج أحيانًا إلى بحث أو تمويل، ولا نعتبر ذلك عائقًا. والمعيار الرابع، وربما الأهم، هو ارتباط العمل بالمنطقة والمكان واستلهامه من البيئة المحيطة. متحف العين وتواصلت فعاليات معرض "منار أبوظبي " داخل مدينة العين ، المصنفة كموقع تراث عالمي لليونسكو في واحة القطارة وواحة الجيمي، وهي المرة الأولى التي يمتد فيها المعرض الى منطقة العين حيث يقدم 19 عملا فنيا جديداً لفنانين من دولة الإمارات والعالم. وتمتد حدود المعرض الى واحة الجيمي في العين حيث تتقاطع العمارة والزراعة والذاكرة التاريخية في مساحة متناغمة نابضة بالحياة وتقع بين أشجار النخيل ومساكن وأبراج محصنة من أبرزها منزل الشيخ أحمد بن هلال الظاهري وبرج المراقبة الدائري الذي كان يحمي شريعة الفلج حيث تتدفق المياة الجوفية الى السطح وتستخدم للشرب والري. ومن أبرز الأعمال الفنية في نطاق "متحف العين" وواحاتها التراثية، قدمت الفنانة الاماراتية ميثاء حمدان عملًا يتناغم مع خطوط الواحة وتكويناتها الطبيعية.. الضوء هنا لا يسطع… بل يزحف ببطء، كأن الفنانة تعيد وصل الأرض بالسماء بخيط ضوئي غير مرئي.. عمل أقرب إلى التأمل منه إلى المشاهدة، يكمّل روح المكان ولا ينافسه. ويحول الفنان الاماراتي عمار العطار الضوء إلى أداة لتسجيل الزمن، ويقدم كريستيان برينكمان هندسة الضوء في حضرة التاريخ ويركز خالد الشعفار على الخطوط والمسارات، ويحوّل حركة الزائر إلى جزء من العمل. فالضوء لديه ليس مجرد تأثير بصري، بل صوت خافت يربط الزائر بالموقع ويحوّل خطواته إلى عنصر من عناصر التكوين. ويتعامل الفنان عبدالله الملا مع الضوء كإيقاع طبيعي وبأنه ينمو مثل النخيل في خطوط هندسية تتماشى بانسجام مع حركة الظل والماء، في توازن دقيق بين الشكل والفراغ. ويقدم لوزانو همير واحدًا من أكثر الأعمال تفاعلية في موقع العين، حيث يصبح وجود الزائر نفسه جزءًا من التكوين الضوئي، ظله، صوته، وربما حركة أنفاسه، تتحول إلى عناصر تتحرك داخل الشاشة البصرية للعمل. الفعاليات داخل مدينة العين شملت أيضا الى جانب الأعمال الفنية، ورش عمل متخصصة وحلقات تفاعلية، تمنح الزائر فرصة لفهم الضوء كأداة للخلق، وتسمح له بخوض التجربة من خلف الكاميرا أو بين النباتات، أو في قلب الواحة نفسها. وجولات داخل الممرات التراثية والنخيل، الى جانب العروض الموسيقية المرتبطة بالمكان.