توصلت الأحزاب الحاكمة فى ألمانيا إلى اتفاق نهائى يرسم شكلاً جديداً للخدمة العسكرية فى البلاد يستهدف ضم متطوعين جدد، باستدعاء جميع الرجال الألمان البالغين من العمر 18 عاماً إلى فحوصات طبية لتحديد مدى لياقتهم للخدمة العسكرية، وذلك إطار مساعي الحكومة الألمانية لزيادة عدد قوات الجيش كرد فعل لمخاوف دول الناتو من أي حرب روسية. خطة وزير الدفاع الالمانى حول حركة التجنيد
فبعد أشهر من المشاحنات السياسية حول تفاصيل الخطة، حسبما كشفت صحيفة فاينانشيال تايمز، وافق وزير الدفاع الألمانى، بوريس بيستوريوس، على أن يقدم تحديثاً إلى البرلمان (البوندستاج) كل ستة أشهر حول تطور حركة التجنيد وفق الخطة الجديدة. وإذا أخفقت الخطة في تأمين أعداد كافية من الجنود المتطوعين، سيُطلب من أعضاء البرلمان النظر في بدائل أخرى- بما فيها فكرة الاختيار العشوائي (لوتري) يتم بموجبه اختيار الأفراد جزافياً لأداء الخدمة العسكرية الإلزامية. ولدى إعلانه الخطة، أكد وزير الدفاع بيستوريوس أن بقية أوروبا توجه أنظارها صوب ألمانيا ليس بسبب أنها خصصت عشرات المليارات من اليوروات لتعزيز عتادها العسكري خلال السنوات المقبلة فحسب، بل أيضاً بسبب جهودها لزيادة عديد أفراد القوات المسلحة. وقال أنا واثق للغاية أن كل ذلك سينجح. وعقب توليه منصبه في مايو الماضي، وعد المستشار الألماني، فريدريش ميرتس، بأنه سوف يجعل جيش البلاد أقوى قوة عسكرية تقليدية في أوروبا. خطط لزيادة حجم الجيش وقوات الاحتياط
وقال مسؤولون عسكريون إن الجيش الألمانى يحتاج إلى زيادة حجم قواته من 182 ألفاً إلى 260 ألف جندي بحلول عام 2035، كما يحتاج إلى توسيع قوات الاحتياط التي يمكن استدعاؤها حال اندلاع أزمات من 60 ألفاً إلى 200 ألف عنصر احتياط. وألغت ألمانيا التجنيد الإلزامي في عام 2011. ووعد الائتلاف الحاكم، الذي توصل إليه الحزب المسيحي الديمقراطي، بقيلدة ميرتس، وشريكه الأصغر الحزب الديمقراطي الاشتراكي، بتقديم شكل تطوعي جديد للخدمة العسكرية. وبرهنت محاولة تحويل ذلك التعهد إلى تشريع قانوني على أنها عملية محفوفة بالمخاطر؛ فالعديد من أعضاء حزب ميرتس حذروا أن نموذج التجنيد التطوعي لن يكون كافياً في ظل الوضع الأمني المتوتر في أوروبا. أما الحزب الاشتراكي، الذي يضم تياراً سلمياً قوياً، فقد قاوم من جانبه دعوات تطبيق الخدمة العسكرية الإلزامية. وبدا الحزبان، عندما توصلا إلى اتفاق في الشهر الماضي، وكأنهما قد ألقيا بالكرة في ملعب وزير الدفاع بيستوريوس، الذي عُرف عنه أنه غير راضٍ عن العديد من بنود الخطة المطروحة. استبيانات وفحوصات إلزامية لجميع الشباب مع مزايا تحفيزية
وتقول فاينانشيال تايمز إنه بموجب الاتفاق الجديد، الذي تم التفاوض بشأنه حتى وقت متأخر من مساء الأربعاء، فإن جميع الرجال البالغ أعمارهم 18 عاماً، سيتلقون استبياناً يسأل عن بعض التفاصيل المتعلقة بالصحة الجسدية والعقلية، علاوة على رغبتهم وقدرتهم على الخدمة في القوات المسلحة. وسيكون لزاماً على الرجال ملء استمارات الاستبيان. أما بالنسبة للنساء، فإن ذلك الأمر سيكون اختيارياً وبشكل طوعي. ويعد ذلك ميراث لنظام الخدمة العسكرية السابق الذي كان يُطبق فحسب على الرجال. كما أن إزالة التفرقة بين الجنسين في هذا الإطار تستلزم تغييراً في الدستور الألماني، وهي خطوة تحتاج إلى موافقة الأغلبية بتصويت ثلثي الأعضاء في البرلمان، التي ليس من المرجح أن ينجح التحالف الراهن في تأمينها. وبعد ملء استثمارات الاستبيان، سيكون لزاماً على جميع الشباب الخضوع لفحص بدني، حتى إن لم يرغبوا في التطوع للخدمة العسكرية. وأكد بيستوريوس على تلك الجزئية من أجل التهيؤ في حال اندلاع أزمة عندما يكون من الضروري آنذاك استدعاء جميع الشباب القادرين على الخدمة. وقال بيستوريوس - في تصريحات أدلى بها أمس الخميس، إن مثل هذه الخطوة سوف "تتيح صورة كاملة" للشباب الألماني، مضيفاً أن تلك المسألة كانت "ضرورية لتقييم القدرات الدفاعية". تحفيز المجندين برواتب ومزايا تنافسية
ويسعى الجيش الألماني إلى إغراء المجندين في صفوفه برواتب تنافسية وغيرها من المزايا مثل مساعدات تجعل حصولهم على رخص قيادة سيارات أرخص كثيراً. من جانبه، أكد الأمين العام للحزب الديمقراطي الاشتراكي، ماثياس ميرش، أن النموذج كان "عرضاً وليس إلزاماً"، وتابع قائلاً إن كل العائلات التي لديها أطفال ولدوا منذ عام 2008 سوف يكون "لديهم تلك الحالة النقاشية" الآن بشأن ما إذا كان الشباب يرغبون أو لا يرغبون في الخدمة العسكرية داخل وحدات الجيش. بدوره، قال زعيم الكتلة البرلمانية ل الحزب المسيحي الديمقراطي، ينس شبان، إن اشتراط تقديم التقارير مرتين سنوياً يعني "أننا كمجتمع نعرف دائماً أين نقف من حيث نمو قواتنا المسلحة حتى نتمكن من الدفاع عن أنفسنا".