اكتشف علماء الآثار في تولون، جنوبفرنسا، بقايا ميناء ومستوطنة ساحلية قديمة تعود إلى القرن الثاني قبل الميلاد، يلقي هذا الاكتشاف، الذي تم خلال أول عملية تنقيب تجرى على الإطلاق داخل أراضي القاعدة البحرية، الضوء على أكثر من ألفي عام من النشاط من التجارة المبكرة في البحر الأبيض المتوسط إلى صعود القوة البحرية الفرنسية. وقال باحثون من المعهد الوطني الفرنسي للبحوث الأثرية الوقائية (إنراب) إن الحفريات توفر نظرة غير مسبوقة على تطور المنطقة، من فترة ما قبل الاحتلال الروماني إلى دورها الطويل في الدفاع البحري للبلاد. قبل ربطها بالبر الرئيسي في ثلاثينيات القرن العشرين، كانت الجزيرة الصغيرة قبالة ساحل تولون، وكشفت الحفريات عن آثار مأهولة تعود إلى القرن الثاني قبل الميلاد، وهي فترة تبادل ثقافي على طول البحر الأبيض المتوسط، حيث كان الغال واليونانيون من مرسيليا والرومان يتاجرون ويعيشون معا. اكتشف علماء الآثار هياكل حجرية واسعة تغطي آلاف الأمتار المربعة، وتضمنت ما يعتقد أنها مساكن وورش عمل مرتبطة بالحرف وصيد الأسماك والتجارة، وتشير البقايا إلى أن الجزيرة كانت نشطة من القرن الثاني قبل الميلاد إلى القرن الثاني الميلادي، مما يعكس ازدهار مجتمع ساحلي. أسفرت أعمال التنقيب أيضا عن عدد كبير من القطع الأثرية، بما في ذلك الخزف والسلع المستوردة والعملات المعدنية ويعود أصل العديد من هذه القطع إلى جنوبإيطاليا، مما يظهر روابط تجارية قوية عبر البحر الأبيض المتوسط، وقد دفع تنوع العملات المعدنية الخبراء إلى الاشتباه في وجود دار سك عملة محلية في الموقع، وهي فرضية تهدف الحفريات المستقبلية إلى تأكيدها. بحلول أواخر القرن السابع عشر، أنشأت البحرية الملكية مخزنا للبارود في الجزيرة، مما ضمن استخدامها الاستراتيجي للأغراض العسكرية، شكّل هذا بداية تحول الموقع إلى عنصر حيوي في ترسانة تولون، داعما الأسطول البحري الفرنسي المتنامي. بالقرب من مخزن البارود، وهو أحد المخازن القليلة المتبقية من تلك الحقبة، اكتشف علماء الآثار رصيفا حجريا ضخما بطول 80 مترا، كان هذا الهيكل المحفوظ جيدا يستخدم في السابق لنقل البارود والذخيرة إلى السفن الحربية الراسية في ميناء تولون. ويخطط الباحثون لدراسة أساسات الأكوام الخشبية، وطرق البناء، والميزات المتبقية مثل السلالم وأنظمة الرفع. قد لا يزال قاع البحر يحتوي، تحت الرصيف، على أدوات وحبال وخزفيات أو حتى حطام سفن مرتبطة بتشغيله، وهي بقايا يمكن أن تقدم مزيدا من التبصر في النشاط اليومي للميناء قبل قرون.