لا صوت يعلو فى المقاهى والكافيهات وعلى شاشات الفضائيات، وعلى صفحات مواقع التواصل الاجتماعى فوق صوت انتخابات النواب، التى بدأت اليوم أولى أيامها للمصريين فى الخارج. مؤخرا تلقيت دعوة لحضور اجتماع مصغر أعده عدد من المخلصين من أبناء قريتى للتباحث فى أمر الموقف من انتخابات النواب الجارية، وتداول الآراء حول المشاركة والحشد، وكيفية الدفع بأبناء القرية للمشاركة الإيجابية للتعبير عن رأيهم واختيار من يمثلهم تحت قبة البرلمان، حقيقة لقد سعدت بحالة الديمقراطية الحقيقة التي طغت على هذا الاجتماع، حيث تم منح كل شخص من الحضور حقه في التحدث والتعبير عن رأيه دون مقاطعة – رغم اختلاف الآراء – إلا أن روح المحبة سادت كل مساحات النقاش. وهنا يجب أن نؤكد إن المشاركة فى الانتخابات وحدها لا تكفى وإنما المطلوب المشاركة الإيجابية والاختيار الذكي العاقل للمترشح الذي سنستفيد من كفاءته ، فالمشاركة في الانتخابات هي سبيلنا الآمن لبلوغ التحسين المرتجى للواقع المعيشى للمواطنين، لهذا فإن دفاعنا عن هذا الحق سيستمر ما استطعنا إلى ذلك سبيلا، حتى نطمئن إلى أننا أسهمنا بتعديل الرأي العام في الديمقراطية. لا أحد يمكنه أن يتجاهل موجة الإحباط السائدة لدى شريحة كبيرة من المواطنين، وانعكاس ذلك سلبًا على مواقفهم من المؤسسة التشريعية ومن الديمقراطية ككل جلي فيما يُتجاذب من أحاديث وينشر على التواصل الاجتماعي وردات الفعل السلبية تجاه المشاركة في الانتخابات، وهذا قطعًا أمر لا يمكن السماح به إذا ما صار حاجزًا نفسيًا يحول دون المواطن وأدائه حقه الانتخابي، وسبيلًا إلى تتفيه الممارسة الانتخابية، لكنها تصبح غير ذات معنى إذا ما وضعت هي في كفة ومصير البلاد والأجيال القادمة في كفة أخرى. مما لا شك فيه أن المواطن ابن بيئته يؤثر ويتأثر بما يدور في محيطه، فكفاءة البرلمان من عدمها ليس مرجعه الديمقراطية، وإنما كفاءة من يعملون تحت قبة البرلمان، وبالتالي فإن كفاءة المترشح تعتمد اعتمادًا كليًا على كفاءة الناخب القادر على تحديد المرشح الكفوء المستعد لخدمة الوطن والمواطن. الديمقراطية نظام يُعمل من داخله، وفضاء عام يتم تأثيثه بالمؤسسات الدستورية ومتى ما كانت هذه المؤسسات فاعلة، منتجة كلما كانت الديمقراطية نافعة في حياة الشعوب، والديمقراطية هي خيار من ضمن الخيارات الأخرى التي أثبتت نجاحها في دول العالم المتمدن، ونحن لسنا استثناء في هذا العالم، لكن الأمر يحتاج منا إلى بعض وقت مشمول بشيء من الصبر حتى يطور الناخب ذاته، وتتبلور قناعته بأهمية أن يكون هو الداعم الأساسي لبلوغ حياة نيابية يتشارك فيها أعضاء البرلمان هموم الوطن والمواطن مع الحكومة، وفي تقديري أن مهمة الناخب ستبدو أقل تعقيدًا إذا ما صدق المترشح فى وعوده الانتخابية، وصار وفيًا في تنفيذ برنامجه الانتخابي. نأمل أن يكون الناخب على مستوى من المسؤولية، لكى يختار المرشح المناسب ويكون ممثلًا حقيقيًا للشعب في البرلمان، كما نأمل من المترشحين أن يكونوا على قدر عال من الحس الوطنى ليكونوا ممثلين للشعب ولا شيء غير الشعب. أيها الجد.. الأب والعم والخال.. الأخ والصديق والجار.. الابن الغالى.. أرجوك احرص على انتزاع حقك الديمقراطى.. لا تصغ لدعاة الإحباط والعزوف.. لا تفسح مساحة يتنازع على شغلها المنتفعين والهتيفة وسريحة الانتخابات والطامعين في مقدرات هذا الشعب الطيب.. انزل شارك وسجل اسمك فى دفاتر الناخبين.. اختر من شئت دون إملاءات أو إجبار.. دمتم سالمين.