لم تكن خسارة المرأة الكويتية في الانتخابات النيابية التي أعلنت نتائجها أمس (مفاجأة) لقطاع واسع بالشارع الكويتي، حيث كان الغالب هو النظرة التشاؤمية، فيما التفاؤل كان يدور في محيط المترشحات أنفسهن، ربما من دون النظر إلى المعطيات الواقعية الأخرى. وان كان الأمل معلقا على مترشحتين حتى اللحظات الأخيرة من حسم النتائج النهائية، وهما المترشحتان في الدائرة الثالثة د. أسيل العوضي ود. رولا دشتي. وقد شكل تقدم أسيل على رولا «مفاجأة»، لكن البعض لم يعتبرها كذلك، انطلاقا من نزول العوضي ضمن تحالف انتخابي، مما عزز من فرص تقدمها، حيث كادت تكون قاب قوسين أو أدنى من الفوز، اذ احتلت المركز الحادي عشر، بخلاف رولا التي خرجت من السباق الانتخابي، بعد ان مرت بحالتي من المد والجزر. حرب الإشاعات وأرجع مراقبون تراجع حظوظ المرأة إلى عدة عوامل من أبرزها: نزولها مستقلة، حرب الاشاعات، خدلان المرأة لها، وضعف مشاركة النساء، اضافة إلى نظام الدوائر الخمس. فمن جهتها، قالت رئيسة مؤسسة نحو أداء برلماني متميز، الناشطة السياسية والإعلامية د. عائشة الرشيد ان المرأة خذلت المرأة في هذه الانتخابات، وأكدت «أنا أبصم على ذلك بالعشرة، خاصة اذا عرفنا ان المرأة وجهت الأصوات الاربعة للرجال وليس للنساء، ولو كان الصوت الرابع للمرأة لنجحت على الأقل ست مترشحات من الكفاءات في هذه الانتخابات، ولكن ما زالت المرأة لا تثق بالمرأة وبامكاناتها داخل قبة البرلمان. وما زالت الهيمنة الذكورية مسيطرة على النساء، وما زالت النساء تابعات للرجال، ولن يستطعن ان يخرجن من جلباب الرجل». اما الكاتبة والمترشحة السابقة في الانتخابات البلدية في دولة قطر د. موزة المالكي فقالت بشأن رؤيتها عن حظوظ المرأة واسباب خسارتها: «اعتقد ان السبب الرئيسي، الذي يأتي في المقدمة هو عدم تصويت المرأة للمرأة، وذلك اعتمادا على نسب الناخبين والناخبات، فلو جعلت كل امرأة الصوت الرابع لامرأة، لكان فوز المرأة مؤكدا في كل الدوائر الانتخابية». الكوتا النسائية وارتأت المالكي ان نظام «الكوتا» هو الحل، ومن دونه لن تدخل المرأة البرلمان في أي دولة خليجية، بحسب وجهة نظرها. وكشفت في هذا الصدد عن أنها بصدد اصدار كتاب عن الكوتا النسائية في الخليج، على الرغم من مخالفة البعض لها في هذه الناحية. وقد عبرت عضو مجلس الشورى البحريني د. بهية الجشي المتواجدة في الكويت للاطلاع على سير العملية الانتخابية، عن دهشتها و«خيبة أملها» من عدم فوز امرأة، وأرجعت السبب في ذلك إلى نزول المترشحات كمستقلات، وليس ضمن قوائم أو تحالفات انتخابية. واعتبرت ان نسبة مشاركة المرأة أمس في الاقتراع كانت منخفضة، مقارنة بالانتخابات السابقة، وارجعت ذلك إلى حالة اليأس أو الاحباط الذي يحتمل ان يكون قد اثر على مشاركة المرأة بشكل عام. كما تحدثت الجشي في هذا الصدد عن حرب الاشاعات التي طالت المترشحات، خاصة يوم الاقتراع. وذلك في الوقت الذي اشادت فيه بالإقبال الكبير على المقار الانتخابية للمترشحات، والتجاوب معهن من قبل الناخبين والناخبات على حد سواء، ومن هنا نبعث الدهشة اثر عدم نجاح المرأة، وفق قولها، واشارت إلى المترشحة الليبرالية د. أسيل العوضي، التي كان نصيبها في الفوز اكبر من غيرها، نظرا لانضمامها إلى تحالف انتخابي، لكنها تراجعت في ما بعد. حظوظ المرأة وتوافقت الناشطة السياسية والمترشحة في الانتخابات النيابية السابقة د. منيرة فخرو مع رؤية الجشي من ناحية تراجع حظوظ المرأة بسبب نزولها كمستقلة، وليس ضمن تحالفات انتخابية. وقالت خلال تواجدها بالكويت أمس «في البداية وقبل التراجع، كانت المترشحة د. رولا دشتي على وشك الفوز، ولو كانت ضمن قائمة انتخابية لفازت». واضاف فخرو «برأيي ان تقدم المترشحة د. أسيل العوضي كان بسبب نزولها ضمن قائمة، ولذلك كانت على وشك الفوز». وقالت (الكويت لا تسمح بتشكيل التنظيمات والاحزاب السياسية، ولا يوجد تنظيم سياسي أو نظام ديومقراطي من دون تشكيل أحزاب يكون لديها برامج وخطط وايديولوجيا محددة، اضافة إلى اعضاء ملتزمين بكل ما يطلبه الحزب منهم، ولذلك نرى انه من الصعوبة ان تفوز المرأة بشكل عشوائي، كما هي الحال عليه الآن». الأحزاب السياسية وتابعت فخرو حديثها، قائلة «من هذا المنطق يجب تفعيل قضية الكوتا، ولكن ضمن الاحزاب السياسية التي يجب تشكيلها في المستقبل، ليطرح الحزب ضمن قائمته المرأة، كما يحدث في فرنسا على سبيل المثال، حيث انها تشكل القائمة متضمنة نسبة 50% من النساء، وهكذا يفعل من يسعى بالفعل إلى ادماج المرأة في المؤسسات التشريعية، ومراكز صنع القرار السياسي». واعتبرت فخرو ان الانتخابات الكويتية اعطت مثالا يحتذى به، وقالت انها لم تر أجواء انتخابية اكثر تنظيما بالنسبة للانتخابات، كما رأته في الكويت أمس الأول. وقالت «في رأيي، علينا ان نأخذ النموذج الكويتي للدراسة والاستفادة من تطبيقه، خاصة بالنسبة للاجراءات التي اتبعت في عملية الاقتراع، خاصة ان شباب وشابات الكويت هم من ساهموا في نجاح هذه العملية، وبطريقة حضارية جدا ننحني لها احتراما واعجابا. وفي تعليق لها على النتائج التي أسفرت عنها الانتخابات بصورة عامة، ذكرت وفق رأيها، إن الحكومة لم تتدخل في نتائج الانتخابات، بل كانت نزيهة، كما هي الحال بالنسبة إلى مراقبة ومتابعة العملية الانتخابية وسيرها، واطلاع الرأي العام والجماهير الانتخابية على النتائج أولاً بأول وبكل شفافية.