محمد صلاح الأعلى دخلاً فى ليفربول وأجره بالساعة وبالثانية، وعند حسابه بالمصرى تجدها أرقاماً تحتاج لخبير بنوك ليقرأ لك الأرقام. وأنا أقول بارك الله له وعليه. ربما كان هذا عنوان الصحف فى مصر والعالم، وكان فضل ليفربول والدورى الإنجليزى على محمد صلاح هو المسار فى العلاقة، لكن ما يحصل عليه الملك المصرى ربما يكون قليلاً مقارنة بما قدمه، فكما تصنع العديد من الدول عملاتها فى لندن وتودع خزائنها فى بنك إنجلترا المركزى، بدا لى وكأن صلاح أحد ماكينات ضخ النقود والودائع بنادى ليفربول. وخلال 7 سنوات كان مو أحد موارد الدخل لهذا النادى العريق، يفوق أضعاف ما حصل عليه صلاح . فعلى سبيل المثال، وطبقاً للإحصائيات المنشورة، بلغ دخل النادى من بيع قميص محمد صلاح أكثر من 70 مليون دولار مع نهاية عام 2021، وكان ثانى أعلى قميص مبيعاً بعد ليونيل ميسى بما يقرب من 820 ألف قميص. ومع نهاية العام قبل الماضى ظل ثانى الأعلى مبيعاً فى متاجر النادى، والأعلى العام الماضي. وقبل توقيع العقد الماضى مع ليفربول، هددت إحدى شركات الرعاية بتقليل عقدها بعدة ملايين جنيه فى حالة عدم تمديد التعاقد مع صلاح، وهو ما يوكد القيمة المالية للمك المصرى، أيضا حصل ليفربول على ما يقرب من مائة مليون دولار من حقوق البث المباشر للمباريات خلال سنوات تواجد صلاح فى النادى، مع بث مباريات الفريق فى منطقة الشرق الأوسط، وبما يقرب من مليون دولار عن كل مباراة، وبمعدل 38 مباراة من 38، بسبب حرص ملايين المشاهدين من مصر على متابعة مباريات ليفربول. إدارة النادى تدرك ذلك جيداً، وكانت هناك مزحة نُقلت إلى الرائع يورجن كلوب، عندما كان يقوم باستبدال صلاح فى بعض المباريات مع التأكد من الفوز، قيل إن 100 ألف مقهى فى مصر تخسر كثيراً إذ تنتهى المباراة فى مصر فور استبداله. فماذا لو جمعنا له دولاراً من كل مقهى ليحصل على مائة ألف دولار عن كل مباراة! ورغم أنها مزحة، لكنها وصلت إلى إدارة النادى وتعكس مدى تأثير صلاح على مداخيل الفريق. وهنا أعود إلى خبر نشرته صحيفة "ذا أثلتيك" الأمريكية نقلاً عن مسؤول فى الشركة المالكة لنادى ليفربول، عندما دار حديث عن انتقال الملك المصرى إلى السعودية. نقلت الصحيفة عن مصدر مطلع أن الحديث استغرق بضع ثوانٍ فقط مع مسؤول صندوق الاستثمار السعودى، وكانت الرسالة واضحة: "نستطيع الحديث عن التعاون والاستثمار كما شئت، لكن ليس عن مو صلاح". وهنا تبرز نقطة هامة، وهى أن مالكى النادى الحاليين جون هنرى وتوم ورنر يعلمان جيداً أنه مع قدوم يورجن كلوب وفريقه وتحديدا صلاح ارتفعت قيمة النادى من 773 مليون دولار إلى 5.4 مليار دولار، مع مرحلة العودة للبطولات خلال السنوات الماضية. وهنا تبرز قصة رائعة، وهى حرص مالك النادى على الحضور مع مو صلاح فى حفل مجلة "تايمز" للشخصيات الأكثر تأثيراً على مستوى العالم فى نيويورك قبل جائحة كوفيد 19. لهذا كان رفض أى عرض لبيع ماكينة الأهداف والنقود لأى جهة مهما كان العائد المالى. ومع ارتفاع مداخيل البث المباشر، الذى وصل فى عام واحد إلى أكثر من 130 مليون دولار، ووصول الليفر إلى القمة مع وصول صلاح، ففى عام 2018 كان الثانى فى الدورى الإنجليزى، و2019 الفائز بدورى أوروبا، ومع المنافسة مع المان سيتى ارتفعت مداخيل الفريق بنسبة 140٪ من 370 مليون دولار فى 2017 إلى 720 مليون دولار العام الماضى. ومع الأخذ فى الاعتبار أن صلاح خلال هذه السنوات سجل ما بين 25 إلى 30٪ من أهداف الفريق، وكان صاحب التأثير الأكبر إعلامياً وجماهيرياً، وهو ما جعله محل تركيز شركات الدعاية والإعلان لتواجد صلاح فى أى حملة تابعة للنادي. وخير دليل على ذلك الهاتف الذى رفعه العام الماضى خلال إحدى المباريات وتأثيره على مبيعات الشركات. نقطة هامة، ومن بلدية مدينة ليفربول، فقد ارتفع حجم السياحة والزوار إلى المدينة، والتى تشير إلى ارتفاع عدد زوار المدينة من 250 ألفا سنوياً إلى 400 ألف لمتابعة مباريات الفريق، خصوصاً مع الفرق الكبرى. نسبة منهم من الشرق الأوسط وتحديداً من مصر، وهذه نقطة مهمة. مصر تحديداً رفعت القيمة التسويقية لنادى ليفربول على وسائل التواصل الاجتماعى بنسبة كبيرة للغاية، حيث يحظى النادى بمتابعة تفوق مليون متابع من مصر، وهذه قيمة تسويقية كبيرة يحرص عليها النادى ورابطة الدورى الإنجليزى، التى أصبحت الأعلى متابعة من الدورى الإسبانى وريال مدريد وبرشلونة، وهى نبأ لو تعلمون عظيم. لذا لا أكون مندهشاً إذا جدد نادى ليفربول عاماً آخر أو عامين لصلاح، فخسارة أسباب هذه المداخيل خسارة صعب تعويضها. هذا هو مو صلاح الحقيقى الذى أُطلق عليه لقب "الملك المصري" ليس من فراغ.