الاحتفالات تتواصل على أرض مصر، بعد أيام قليلة من الاحتفال المبهر والمدهش والضخم للمتحف المصرى الكبير، تستضيف محافظة قنا بداية من اليوم الأربعاء أول مهرجان للفنون والحرف التراثية تحت شعار قوتنا فى تراثنا، ويستمر حتى يوم السبت القادم تحت رعاية رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي. قنا من المحافظات المصرية التى يتميز تراثها وتاريخها الشاهد على عبقرية الإنسان المصرى القديم والحضارة المصرية، بالتنوع الفريد وبمزيج إنسانى فريد على أرضها من الآثار الفرعونية والقبطية والإسلامية، بالإضافة إلى الحرف اليدوية التقليدية الأصيلة والعادات والتقاليد الشعبية. وفى رأيى أن قنا وباقى محافظات مصر بعد افتتاح المتحف المصرى الكبير وما حققه من وضع مصر فى المكانة اللائقة بها على خارطة السياحة العالمية، ينبغى التسويق السياحى لها بصورة مختلفة تتناسب مع ما تحويه من آثار وتراث ومعالم تاريخية معروفة لتعظيم القيمة المضافة لها وتحقيق العائد الاقتصادى المرجو بزيادة التدفقات السياحية. قنا بها عدد من أبرز المعالم التاريخية مثل معبد دندرة ومعبد سيتى الأول (أبيدوس) ومعبد قوص البطلمى الذى أقيم على إطلال معبد مصرى قديم، ومسجد عبد الرحيم القنائى والمسجد العمري (أحد أقدم المساجد فى مصر ويضم أحد أقدم المنابر)، ودير الصليب بنقادة ويعود إنشاؤه إلى القرن الرابع الميلادى وهو من الأديرة التاريخية الهامة، وتشمل الحرف اليدوية صناعة الخزف فى قرية جراجوس والنسيج الخشن أو صناعة الفركة والصناعات القائمة على الجريد مثل صناعة الأثاث مثل الكراسى والأسِرَّة والأقفاص والستائر والتحف. المهرجان فرصة لاطلاع الأجيال الجديدة على العادات والتقاليد التراثية العريقة فى مظاهر الاحتفالات فى المناسبات الاجتماعية التى ما زال يتمسك بها الكبار من أهل قنا، وفرصة أيضا للتذكير ومعرفة الأعلام والمشاهير من أبناء المحافظة الذين تركوا بصماتهم فى الحياة السياسية والفنية والدينية فى مصر ومنهم، السيد عبد الرحيم القنائى، والمفكر الإسلامى الدكتور رشدى فكار، والقارئ الشيخ عبد الباسط عبد الصمد. والشعراء الكبار عبد الرحمن الأبنودى، أمل دنقل، عبد الرحيم منصور، والإعلامى القدير فهمى عمر، والزميل مصطفى بكرى، والسياسيين الكبار أمثال مكرم باشا عبيد، والدكتور أحمد فتحى سرور، وياسين باشا أحمد حامد وزير الأوقاف الأسبق فى حكومة الوفد، أحمد فراج طايع وزير الخارجية الأسبق، أنور أبو سحلى وزير العدل الأسبق، ماهر مهران وزير الصحة والسكان الأسبق، والسيد عمر سليمان رئيس جهاز المخابرات العامة الأسبق وغيرهم. مهرجان قنا التراثى هو أحد الأدوات المهمة فى استثارة الوعى لدى الأجيال الجديدة من أبناء المحافظة والصعيد عموما، وترسيخ معانى الانتماء للوطن. وموافقة الدكتور مصطفى مدبولى على رعايته للمهرجان تأتي -كما قال د. خالد عبد الحليم محافظ قنا ورئيس اللجنة العليا للمهرجان- فى إطار توجه الدولة المصرية للحفاظ على التراث والموروثات الشعبية عبر عدة محاور تشمل التوثيق الرسمى عبر مراكز متخصصة ودعم المبادرات الفردية والمجتمعية وتوظيف التراث فى التنمية السياحية، وتعزيز الوعى المجتمعى بأهمية هذه الموروثات. فالمهرجان -كما يشرح الناقد الفنى هيثم الهوارى رئيس المهرجان-يهدف الى إحياء وحفظ الفنون والحرف التراثية والبيئية والتأكيد على دور المجتمع ودور المؤسسات فى التوعية بالحفاظ على التراث الشعبى وايضا اقامة ورش تدريبية للمتخصصين فى مجال الفنون الشعبية والحرف التراثية لتطوير مهارات الشباب. بالإضافة إلى تقديم الفنون والحرف التراثية فى كل الأماكن، خاصة القرى والنجوع والمستشفيات لأول مرة. وأيضا خلق فرص اقتصادية من خلال دعم المنتجات الحرفية وتعريف الأجيال الجديدة بها وتدريبهم على صناعتها وتمكين الفنانين والحرفيين المحليين وتوفير منصات عرض إبداعاتهم وتنمية المهارات الفنية لدى الحرفيين من أبناء قنا على يد المتخصصين فى الورش الفنية. المهرجان يتضمن خمسة محاور متنوعة، الفنون التراثية ويتضمن استعراضات الفنون الشعبية، عروض المولوية والتنورة، السيرة الهلالية، السيرة الشعبية، عروض الحكى، فنّ الكَفّ والغناء الشعبى، المديح والإنشاد الدينى، الترانيم الكنسية، عروض الأراجوز وخيال الظل، بالإضافة إلى عروض المزمار والربابة. والألعاب الشعبية، مثل المرماح، التحطيب، والرقص بالحصان، إلى جانب الألعاب الشعبية القديمة التى اندثرت بسبب التطور التكنولوجى، ومنها: السيجا، لعبة الطائرات الورقية، لعبة السبع طوبات، لعبة الكرة (الشراب)، لعبة النحلة أو الدبور، لعبة البلى، لعبة قفاشة الملك (أو المساكة)، ولعبة كهرباء، وغيرها. والحِرَف التراثية، ويضم معرض الملابس الصعيديّة والأزياء الشعبية، معرض الحُلى والإكسسوارات الشعبية، ومعرض صور للعمارة الشعبية والحِرَف والفنون التراثية. أيضا هناك الورش التدريبية مثل ورش الانشاد الدينى بقيادة المنشد ربيع زين، ورشة الربابة للفنان شوقى الضوي.ورشة صناعة العرائس للفنان أحمد أبو طالب.ورشة الخط العربى للخطاط بهاء الدين عيسى. ورشة الحكى للفنانة مى عبد السلام. ورشة النحت على الخشب من تقديم مؤسسة ريدك. ورشة الكليم تقدّمها نعيمة محمد من مؤسسة نوبت. ورشة الأكلات التراثية تقدّمها ناهِد رمضان من مؤسسة البيت المصري.ورشة عزف الناى للفنان طه النبوي. ورشة الألعاب الشعبية للفنان حسين سامي. المحور الخامس — برنامج تنمية القرية: يتضمن إقامة الفعاليات فى قرى ونجوع محافظة قنا، ويشمل عروضًا فنية، ألعابًا شعبية، ورشًا تدريبية مختلفة، بالإضافة إلى فعاليات تراثية متنوعة تهدف إلى دعم وإحياء التراث المحلى داخل المجتمع الريفي. فعاليات المهرجان لن تقتصر فقط على مدينا قنا، فهناك عروض فنية وألعاب وورش فى عدد من القرى والنجوع فى اطار توسيع رقعة المشاركة والمتعة والاستفادة العامة مهرجان قنا التراثي.. رحلة فى روح الجنوب، هنا الأصالة تحكى حكاية حضارة مصر وعبقرية المصريين فى الحفاظ على التاريخ والتراث والموروثات الشعبية الممتدة عبر التاريخ بكل تنوعها بما يمنحنا قوة ناعمة ثرية وغنية علينا أن نحافظ عليها ونؤكد من خلالها باستمرار جدارتنا فى قيادة التاريخ. اختيار المهرجان "قوتنا فى تراثنا" شعار له، اختيار موفق للغاية ويحمل دلالات كثيرة. وهى فرصة لوسائل الاعلام بتنوعها للاهتمام بالمهرجان وفعالياته لنشر الوعى بتاريخ وتراث مصرى رائع ومبهر أيضا يؤكد الهوية التاريخية والحضارية للمصريين.