دم الشهيد ينادى

يا شباب وطنى، ردوا كيد الأعادى، دافعوا عن بلادى، إننى قد خرجت ثائرًا للحق، لا غضبًا ولا عصبية، ولقد مت فى غمرة فرحتى يوم توحدت أحلام أولاد بلادى، لقد مت لأننى أردت وطنًا يظلل كل شعب بلادى، ولم أندم، ولم أنتظر منكم سوى حرية كل مواطن على أرضها، وأردت للعدل أن يسود بين ربوعها، لقد هانت علىَّ دمائى لكى يعيش وطنى، فلا تفرطوا فى حريته، لا تسلموه للأعادى، إن أهلى أمانة فى أعناقكم، ودمى يناديكم: توحدوا وانسوا غضبكم وكرهكم لمن قتلونى، لا تسمحوا لأحد بأن يجعل دمى نارًا تحرق بلادى، شبِّكوا أياديكم واجعلوا أجسامكم دروعًا تحمون بها كل شبر من أرض بلادى، لن أسامحكم لو فرطتم فى شبر منها وتركتم من يحرقون أرضًا سالت عليها دمائى، لا تبحثوا كثيرًا عمَّن هم أعداؤكم، فقد تحترق سنابل القمح وغصون الزيتون، وكل ثغر سالت عليه دماء إخوتى وأخواتى، إن لم تهبوا يدًا واحدة فى أى لحظة فسوف تضيع بلادى، ليس لكم عذر لدىَّ إن جهلتم عدوكم وإن ضاعت بلادى، ضعوا أياديكم فى أيادى إخوانكم فى الوطن، وأحيطوا بكل مبنى وكل مسجد وكل كنيسة وكل مكان يحتضن أهل بلادى، عندها ستخنس الجرذان وترجع إلى جحورها، وتعرف أن أبناء مصر لن يحرقوها، ولن يخربوا بنيانها، ولن يجرفوا أرضها ولن يشوهوا تاريخها، عندها سيعرفون أن أبناء مصر لن يرفعوا سلاحهم فى وجوه إخوانهم، ولن يجهزوا على أحلام أولادهم، ولن يسلموا وطنهم للأعادى، إن دمى يناديكم بأن هلمُّوا دافعوا عن ثغور وطنى، فتلك وصيتى لكل أبناء بلادى، إن أجرى ليس منكم ولا من دنياكم، بل هو عند رب البرية، فلا تجزعوا، ولا تنسوا أن حقى عند من لا يعزب عنه مثقال ذرة فى الأرض ولا فى السماء، وقريبٌ ليس ببعيد، لا تحزنى يا أمى، ففى جنان الخلد تسبح روحى، وفى ربوع الجنة شفيت جراحى، وإخوانى سوف يكملون مسيرة شبابى بشبابهم، ويصلون عمرى بأعمارهم، ليذودوا عن أرض وطنى ويعمروها ويبنوا أمجادها ويردوا كيد الكائدين، ولن يشمت أبدًا بها أىٌّ من الأعادى، سوف ترتاح روحى وأنا أرى كل أحلامى تتحقق، وخير بلادى يتدفق، عندما أرى صروح المجد تُبنى، وجسور الحب تمتد، وأنهار الخير تجرى، عندها سيكون حقى من دنياكم قد وصلنى، وعند ربى سيكون لى ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.