لم تبتعد مصر عن الصورة لترجع إليها، لكن الأعين تتجه أكثر إلى القاهرة، التى تمثل المركز الذى ينتظر الجميع أن تبدأ تحركاتها لإنهاء حرب استغرقت عامين، ضمن أكثر جولات الصراع عنفا، والأخطر هو إزالة آثار هذه الحرب، وبدء ملف إعادة الإعمار والتعافى ومعالجة آثار جرائم الاحتلال الأطول والأكثر إجراما فى التاريخ الحديث. ويتوقع أن تبدأ القاهرة فى استقبال وفود أمريكية على رأسها وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلى، رون ديرمر، ومبعوث الرئيس الأمريكى، ويتكوف، وربما جارد كوشنر، حسب تقرير منسوب لمواقع عبرية نشره الزميل عبدالوهاب الجندى فى «اليوم السابع»، لبحث تنفيذ المرحلة الأولى من خطة ترام لإنهاء الحرب على القطاع، ورسم الخطوات والتفاهمات فى ما يتعلق بإدارة غزة ، والإعمار الذى يتطلب إزالة ركام ضخم قبل البدء فى عملية بناء لأكثر من 80% من القطاع، وقبلها إدخال كميات ضخمة من المساعدات لإغاثة سكان القطاع الذين عانوا الجوع والمرض والحصار طوال 24 شهرا. مصر أعربت عن تقديرها لبيان حركة حماس، ردا على خطة الرئيس الأمريكى «ترامب»، وترى مصر أنه يعكس حرص الحركة وكل الفصائل الفلسطينية على حقن دماء الشعب الفلسطينى والحفاظ على أرواح المدنيين الأبرياء، والرغبة فى إنهاء فترة مظلمة من تاريخ المنطقة، بما يؤسس للمضى نحو تحقيق تطلعاته نحو تجسيد الدولة الفلسطينية. حماس ردت على خطة ترامب، بالموافقة على صفقة واحدة لإطلاق جميع المحتجزين وإعادة جثامين القتلى منهم، ومبدية استعدادها «الفورى» للدخول من خلال الوسطاء فى مفاوضات لمناقشة كل النقاط، مع موافقتها على تسليم إدارة القطاع لهيئة فلسطينية من المستقلين بتوافق وطنى واستنادا لدعم عربى إسلامى، وفى ما يتعلق بمقترح ترامب عن مستقبل قطاع غزة وحقوق الشعب الفلسطينى ترى حماس انه «يرتبط بموقف وطنى يناقش فى إطار وطنى فلسطينى جامع تكون حماس ضمنه وستسهم فيه بكل مسؤولية». والواقع أن رد حركة حماس فاجأ سلطات الاحتلال الإسرائيلية بردها الإيجابى بالموافقة على الخطة، وتبقى الكرة الآن فى ملعب الرئيس الأمريكى الذى يجب أن يدافع عن خطته للسلام، وصورته أمام العالم، لأن استجابة حماس تضع رئيس الوزراء الإسرائيلى فى الواجهة، بشكل أكثر مما سبق، وهو الذى يراهن على استمرار الحرب، خاصة أن حماس قبلت خطة سبق أن رفضت بعض بنودها، وكانت هذه المرة أسرع فى الرد، والتفاعل مع المساعى المصرية التى رأت أن قبول الخطة يضع المتطرفين فى جانب الاحتلال فى مأزق، وربما فى مواجهة مع الولاياتالمتحدة التى يفترض أن تدافع عن صورتها التى لطختها الحرب، وسط استهجان وغضب دولى من استمرار الجرائم الإسرائيلية ضد غزة. يبقى وقف الحرب هو الخطوة الأهم الآن، خاصة أن الرئيس ترامب أعاد نشر بيان حماس الذى تعلن فيه قبول الخطة وأعلن أن «الحركة مستعدة لسلام دائم، وعلى إسرائيل أن توقف قصف غزة فورا، حتى نتمكن من إخراج الرهائن بأمان وسرعة، وفى الوقت الحالى، من الخطير جدا القيام بذلك». مصر أعربت عن تقديرها لجهود الرئيس الأمريكى «ترامب» والتزامه الكامل بإنهاء الحرب فى قطاع غزة، فضلا عن رفضه الكامل لضم الضفة الغربية أو تهجير الشعب الفلسطينى من أرضه، وإطلاق خطة لإعادة إعمار قطاع غزة مع بقاء الفلسطينيين فى أراضيهم وعودة من يرغب فى العودة إلى وطنه، وترى ان ترامب انتصر للرؤية التى طرحها الرئيس عبد الفتاح السيسى ورفض فيها التهجير وخاضت مصر جولات سياسية ودبلوماسية على كل الأصعدة لمواجهة مخططات التهجير، وبالتالى فقد اعتبرت خطة ترامب بداية لفرض التعايش والاستقرار فى المنطقة، ودعت مصر أن ترتقى كافة الأطراف إلى مستوى المسئولية بالالتزام بتنفيذ خطة الرئيس «ترامب» على الأرض وإنهاء الحرب، ونفاذ المساعدات الانسانية عبر الآليات الأممية دون قيود وإطلاق سراح الرهائن والمحتجزين، بما يؤسس لمرحلة جديدة نحو السلام، فى إطار أفق سياسى يقود إلى حل الدولتين الذى توافق المجتمع الدولى على مرجعيته، وأعلنت القاهرة اعتزامها القيام بأقصى جهد بالتنسيق مع كل الأشقاء بالدول العربية والإسلامية والولاياتالمتحدة والجانب الأوروبى والمجتمع الدولى للوصول إلى وقف دائم لإطلاق النار وإزالة المعاناة عن الشعب الفلسطينى، وإعادة إعمار قطاع غزة، ويتوقع أن تستضيف مصر مؤتمرا عالميا لبحث مستقبل غزة. الجارى الآن أن الوسطاء يجرون مشاورات واتصالات مكثفة لبدء تنفيذ المرحلة الأولى فى الخطة، وتأمين الظروف الميدانية بوقف العمليات العسكرية فى غزة وانسحاب الجيش الإسرائيلى من داخل التجمعات السكنية»، حتى تتمكن الفصائل الفلسطينية من إطلاق سراح المحتجزين. قبول حركة حماس بمفردات الخطة، يمهد الأرض لإنهاء الحرب، ودخول المساعدات والبدء فى مفاوضات لبدء الترتيبات، ورسم خطوط إدارة قطاع غزة، وهناك بالفعل خطة مصرية جاهزة لإعادة الإعمار والتعافى تم اقرارها فى قمة القاهرة الطارئة، وأصبحت خطة عربية إسلامية وتحظى بتأييد دولى وموافقة أمريكية، تضع الإعمار على الطريق، وتدعم مرحلة إنهاء مأساة سكان غزة، وتوقف غرور المتطرفين الإسرائيليين بقيادة نتنياهو الذى لا يبدو أنه أصبح صالحا للاستمرار فى حكم إسرائيل التى أصبحت منبوذة ومعزولة عالميا وإقليميا.