من المتوقع أن يتم الإعلان في شهر أكتوبر القادم عن الفائزين بجوائز نوبل ، على أن تُسلم في العاشر من ديسمبر من نفس العام، وهو ذكرى وفاة ألفريد نوبل، ويترقب العالم كله الإعلان عن جائزة نوبل للسلام هذا العام ، التي لا يتردد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن الإعلان الصريح برغبته في الحصول عليها، وهو لم يكتف بهذا بل يمارس العديد من الضغوط السياسية من أجل الضغط على رؤساء دول العالم بهدف ترشيحه، ولعل ما قام به مع عدد من رؤساء الدول الأفريقية خلال زيارتهم للبيت الأبيض- كان نموذجاً صارخا لممارساته الضاغطة على زعماء العالم من أجل ترشيحه. فسّر البعض سعي ترامب للحصول على هذه الجائزة لكون أربعة رؤساء أمريكيين حصلوا عليها من قبل وكلهم ينتمون إلى الحزب الديمقراطي، وهم تيودور روزفلت، لدوره في إنهاء الحرب الروسية اليابانية عام 1906 ، ووودور ويلسون لدوره في تأسيس عصبة الأممالمتحدة عام 1919 ، وچيمي كارتر لجهوده في تعزيز الدبلوماسية الدولية عام 2002 ، وأخيراً باراك أوباما لنفس السبب عام 2009 ، ثم يريد ترامب الآن الحصول عليها حتى يكون أول رئيس أمريكي جمهوري ينالها ، وهذا - في رأيي - ليس السبب الوحيد أو الحقيقي. إنه الثراء أيها القارئ الكريم ، لقد امتلك ترامب كل شيء المال والشهرة والثروة والسلطة والرفاهية المفرطة ، وهو الآن يريد هذه اللعبة التي من المؤكد انه لم يستحقها بعد ، فالأطفال والنساء في غزة مازلت دماؤهم تراق ، ومازل العالم وهو على رأسه عاجز عن ردع الكيان الصهيونى ، كما أن الحرب بين روسيا وأوكرانيا مازالت تدور راحاها وقد عجز عن إيقافها ، رغم كل وعوده إبان ترشحه لرئاسة الولاياتالمتحدة ، بأنهما من أولوياته وأن لديه خطط مؤكده لإنهائهما ، وهاتان القضيتان هما الأهم على مستوى العالم ، وبدون حلهما ليس لأحد أن يدعي أنه استطاع أن يحقق سلاما عادلاً يمَّكنه من نيل هذه الجائزة. من هنا إذا ما حصل ترامب على جائزة نوبل للسلام فان هذا يعني أن هذه الجائزة الكبيرة قد فقدت فلسفتها الحقيقية، وتراجعت قيمتها الأدبية، وسيكون ترامب ليس أول من حصل عليها دون استحقاق ، لكن سبقه من قبل أوباما ومناحم بيجن وغيرهما، وهو ما يضفي طابعاً سياسياً غير عادل على الجائزة التي تحظى باحترام كبير في العالم ، وبالتالي أصبحت الكرة الآن في ملعب القائمين على هذه الجائزة ، ومن المفترض أنها لجنة رفيعة المستوى ومتخصصة تستعين بخبراء مستقلين لتحليل انجازات المرشحين، وهذا ما يضع هذه اللجنة وبالتالي الجائزة كلها على المحك إما أن تحافظ على أهدافها وفلسفتها ، أو أنها ستخضع للضغوط التي من المؤكد أن ترامب ومن وراءه نتنياهو سيمارسونها حتى الآن لم تؤكد اللجنة النرويجية أو تنفي إذا ما كان ترشح ترامب قد قُبل أو رُفض ، لكن المؤكد أن إسرائيل وكمبوديا وباكستان وأعضاء من الكونجرس الأمريكي قد قاموا بترشيحه ، وهو لم يخف رغبته أو ضغوطه التي يمارسها ، وهو حر في ذلك ، ولكن فوز ترامب أو فشله سيكون مؤشراً قوياً لنزاهة هذه الجائزة والقائمين عليها ، أو خضوعهم وضعفهم وهو ما ينسحب على القيمة الأدبية لجائزة نوبل ، وتكون قد انهارت مثلها مثل أشياء كثيرة في هذا العالم .