قدم زكى مبارك فى كتابه المدائح النبوية فى الأدب العربى دراسة لأدب المديح النبوى، عبر قصائد حسان بن ثابت والشريف الرضى، التى أحدث كلٌّ منها نقلةً نوعيةً فى فنِّ المدائح، وصولا إلى البوصيرى بالبُردة والحموى بالبديعيات. ويرى زكى مبارك أن الاحتفال بالمولد نشأ في بلاد فارس، وأقدم ما وصلتُ إليه في تاريخ هذا النوع من الاحتفال ما قرأته في نفح الطيب عن ابن دحية، وقد مرَّ بأربل سنة 604 هجرية ورأى مظهر الدين كوكبري معتنيًا بعمل المولد النبوي في شهر ربيع الأول من كل عام، فصنَّف له كتابًا سماه: التنوير في مولد السراج المنير وختمه بقصيدة طويلة فأجازه مظهر الدين بألف دينار. وعن المولد النبوى الشريف واستخدام كلمة المولد يقول زكي مبارك إنه من المؤكَّد أن تأليف الموالد أقدم من ذلك؛ فقد استُعْمِلت لفظة مولد بمعنى تاريخ منذ عهد بعيد، وللواقدي كتاب اسمه: مولد الحسن والحسين ويضيف: لا جدال في أن المسلمين اهتموا منذ عهد بعيد بتدوين أخبار الرسول، أما وضع القصص الخيالية عن مولده ونبوته وأزواجه وغزواته، فهو من عمل الصوفية، وهم الذين اتخذوا قصة مولده أحبولة يتصيدون بها أهواء الناس، والذي ينظر في تقاليد الصوفية يراهم أدخلوا المولد في صميم الحياة الدينية؛ أي جعلوه عنصرًا أصيلًا في الحفلات الشعبية، فتُقرأ القصة في ربيع الأول وفقًا للتقاليد الرسمية، ثم تُقرأ في كل وقت حين تُخلق المناسبات، كحفلات التهاني وحفلات الأعراس، وقد صار الاحتفال بالمولد من الأعياد الرسمية في مصر بفضل الدعاية الصوفية. ولم نستطع الوصول إلى معرفة أول من ألَّف في الموالد، فَلْيكتفِ القارئ الآن بأن يعرف أن من أقدم ما عرفنا من هذا النوع كتاب العروس وهو مولد ألَّفه ابن الجوزي ورسالة ابن جابر ورسالة الرعيني الغرناطي. وفي دار الكتب المصرية نحو أربعين مولدًا أُلِّفت في عصور مختلفة، ولو استقصينا لعرفنا أن هذا النوع من التأليف كثر جدًّا؛ فلكل طريقة مولد، بل لكل شيخ مولد، وهي جميعًا تتشابه في الغرض والأسلوب.