قولا واحدا نحن نعيش مرحلة فريدة في تفاصيلها، غير متوقعة في مستقبلها، وكل مجرياتها تتداخل فيها الأطماع والأهواء والتجاذبات، ويتقاطع فيها ما هو دنيوى مع ما هو إلهى، وتبقى حكمة الله في كل ما جرى وسيجرى موجودة، ولعل كل ما نراه بأعيننا الآن، ليس إلا وسيلة للوصول لغاية لا ندركها، ويعلمها الله، وانطلاقا من اليقين الكامل بأن نصر الله قادم لا محالة، مهما تصور البعض، وتاهت الوقائع، واختلطت بالظنون، فصارت كل المسارات مشوشة، وتشابه الرجال مع أنصافهم، وحوصر الحق بظلال الباطل، فانحصر أهله بباطل غيرهم، ولا تكاد تمر الساعات، إلا زادت الأمور تعقيدا، ويقول الشاعر الشعبى في ذلك الوصف " شفت اللى جرى في زمانا، عملوها ولد الفواتي، كلام العوازل زملنا، شوف السبع طاطا بعينه، خليها ده النوم أستار، لما الهلف ياخد يومينه". في اللحظة التي يقع فيها مئات الشهداء، ويخرج فيها أغبى أهل الأرض أفيخاي أدرعى، يقارن بين حال تل أبيب وحال غزة، غير مدرك أن عصابته وجماعته هم من أفنوا غزة، وهم القائمين على فعل الإبادة الجماعية لأهلنا في القطاع والضفة، في اللحظة التي يصارع فيها الرئيس ترامب أخبار الموت، وحديث حول تولى شركات أمنية أمريكية الدفاع عن أوكرانيا، ومنها ومن خلالها تم طرح تلك الشركات لإدارة غزة، وهم في الطريقين مازالوا يبحثون عن التمويل، بشرط ألا تكون أموال الأمريكان، ، وهى نفس الفترة التي يتحدث فيها بعض قادة لبنان حول نزع سلاح حزب الله، ويصارعهم الأمين العام للحزب حول ذلك، ويلمح لأمور يرفضها، وربما يذهب إليها مرغما، بينما يتسكع زامير رئيس أركان جيش الاحتلال في جنوبلبنان، في مناطق يحتلها الإسرائيليون، ولم يجد نفس الحمية التي فعلها البعض حول نزع السلاح الخاص بالحزب، وقد احتل الإسرائيليون تلك المناطق مع غيرها في المنطقة العازلة وجبل الشيخ، وجنوبسوريا، وأجرى الجيش الإسرائيلي انزالا "ضباط هبطوا من الطائرات" بالقرب من دمشق، كما توغل بالسيارات في جنوبسوريا، مع أخبار تتواتر حول اجتماعات بين إسرائيليين ومتصدرى المشهد السورى، حول نزع السلاح في جنوبسوريا، وربما في سوريا كاملة، في نفس الفترة التي خرج فيها موفق طريف، القيادى الدرزى الأشهر يقابل نتنياهو وهو يقول " لبيك إسرائيل" فقد نجدتهم، ويسعى لأن ينجدوا دروزا آخرين في نطاقات متفرقة، يقول الشاعر الغنائي في إحدى المأثورات "خشب المراكب من الصمت، في البحر ياخد مهاجه، واجب على الحر يتبع الصمت، لما الندل ياخد نهاجه". قبل أيام كان نتنياهو خاطب الشعب الإيراني داعيا إياهم بالثورة على النظام، وهو يعد قرار ضرب قيادات حوثية في اليمن، وقيادات في جنوبلبنان، في اللحظات التي خرج فيها مسئول إيرانى يذكر بأن روسيا كانت تقف مع إسرائيل في حرب ال12 يوم بين الجانبين، وقد صرح العميد سمير راغب في بودكاست ارض النار بأن إيران أزالت أحياء بأكملها في إسرائيل، وهناك خسائر لم يعلن عنها، فيما يصرح نتنياهو بأنه يحلم بإسرائيل الكبرى، فيما يتحدث مبعوث ترامب "براك" في سوريا حول أن إسرائيل لا تنظر حاليا للخطوط والحدود التي رسمتها اتفاقية سايكس بيكو وأنها لا معنى لها، فالإسرائيلى سيذهب حيثما يشاء، وقتما يشاء، وسيفعل ما يشاء"، متغافلا مشيئة الله التي لها قول الفصل في النهاية، وكأن سايكس " البريطاني" وبيكو " الفرنسي" حينما قسما المنطقة باعتبار أن الإمبراطورية العثمانية ولقبها رجل أوروبا المريض، يجب أن تتوزع مناطق النفوذ فيها، واحتار الاثنان في فلسطين، وجعلاها تحت الإدارة الدولية، وبعدها اشتغل اليهود على جعلها موطنا لإسرائيل وتحقق ذلك بوعود من الجانبين، اشتهر منها الوعد البريطاني المسمى وعد بلفور 1917، والذى أعطى من لايملك أرضا لمن لا يستحق، ودخلت عصابات الإسرائيليين في حملات، حتى تكون لديهم مؤسسات وكيانات، وبينما كانوا يبحثون عن وطنا يقيم فيه اليهود اختاروا لفلسطين الإبادة والتهجير، وهم اليوم يرغبون في تهجير الفلسطينيين، ومؤكد أن هناك إدارات وجماعات أمريكية وإسرائيلية تقابل قادة ورؤساء في دولا عدة لعرض الامتيازات، وكذلك التهديد لو لم يقبل هؤلاء بالتهجير، ونجت من ذلك مصر، غير أن غيرها في مرحلة الريبة، في نفس اللحظات التي يتكشف فيها خطة لغزة وضعتها إدارة ترامب، بينما هناك الخطة العربية الإسلامية لإعادة الاعمار، وكلاهما يسيران في طريق يتقاطع مع طريق الدول الكبرى التي بدأت تستفيق حول ضرورة الاعتراف بدولة فلسطين، ودعم حل الدولتين، وصولا لأفضل موائمة ممكنة ترضى الجميع، بمن فيهم الإسرائيليين الذى اعترف ترامب بأنهم يخسرون في مجال العلاقات العامة، حتى لو نجحوا عسكريا، بل وتراجعت سطوة الإسرائيليين على الكونجرس الأمريكي، وكلها ضمن آلاف التصريحات التي يطلقها ترامب، وربما يسير خلفه دى فانس الوريث المحتمل في حال رحيل ترامب!!، وما بين كل تلك اللحظات والمساحات، يتبقى لهذا الإقليم المريض بعض البواقى، التي يمكن أن تنجده في لحظة قدرية.