في مونولوج كوميدي بطله الفنان "إبراهيم جكلة" الذي أدى دور الإمبراطور الروماني نيرون في فيلم المليونير من بطولة الفنان القدير إسماعيل ياسين؛ يصدح "نيرون" قائلًا: "والنبي ناولوني الولاعة عاوز أولع روما بحالها أنا متأخر عندي إذاعة.." هذه الاسكتش الكوميدي الذي يتجاوز عمره 75 عاما؛ حكي نرجسية أشهر إمبراطور في التاريخ القديم وهو "نيرون" الأكثر حبًا لذاته حتى وإن كان علي حساب روما وأهله، فنيرون المحب لشخصه وفنه فقد كان مولعا بالعزف لروما جبرًا حتى أحرق النيران في البلاد وجلس مستمتعًا منتشياً والنيران تأكل البلاد والعباد. "نيرون" صاحب القصة التاريخية وليس المونولوج الأشهر للقدير "إبراهيم جكلة"؛ هو موجود في كل زمان ومكان وموقع وظيفي وفي المواصلات العامة؛ هو وسلالته ممن لا يسمعون سوى أنفسهم وآرائهم فقط وتضخيم إنجازاتهم ومواهبهم بشكل أكبر مما هي عليه، والمبالغة فى الحديث عن المواهب والمهارات ولو كانت على غير الواقع لإثبات تفوقهم على الآخرين حتى وإن كانت النتيجة التزلزل بإحراق روما مع احتساء كوب من القهوة ودخان سيجارته يتصاعد للأعلى بنشوة منقطعة النظير.
نسل الإمبراطور الروماني هو موجود ولم ينقطع فهو غير مرتبط بمكان أو زمان؛ هذا النموذج من أبناء " نيرون" على سبيل المثال لا الحصر تجده ممثلاً فى بعض القطاعات الاقتصادية أو ربما بعض المواقع الإنتاجية أو حتى داخل دولاب العمل الحكومي التي لا تتأخر الدولة قط في دعم هذه القطاعات والهيئات لتحقيق الإنتاجية الفعالة ومن ثم تحقيق مستهدفاتها وخططها الطموحة، ولكن فى المقابل يسعى هذا " النيرون " للتسلط تارة وتكدير موظفيه الأدنى تارة أخرى بلا سبب لمجرد أنهم لا يرغبون في الاستماع لمعزوفاته حتى وإن كان لا يمتلك آلالات للعزف أصلًا.. يفقد الاقتصاد المصري دائماً مستهدفاته، ويرتفع حالة الاحتقان للبسطاء من أهل روما داخل هذه الجهات، تتزايد المشكلات ربما المضايقات، مع بعض المواقف والتصرفات يفقد " مواطنو روما" الانتماء والولاء فتتحول الخدمة والجهد والثمار إلى اللا شيئ ويزداد معه السخط والصخب ولا تحقق روما أي شيئ..
تفعيل قواعد الثواب والعقاب والشفافية واللوائح الوظيفية، ربما هو الحصن الحصين والحبل الوتين، لتقويم كل " نيرون" أو تقويده، حتى لا تتعرض روما للحريق..
وخلاصة القول إن ترك بعض المسئولين خصوصا في القطاعات الانتاجية والاقتصادية سواء أصحاب الكوادر الأعلى ومن يتمسكون في ذيلها دون محاسبة أو تقييم حقيقي لمعدلات إنجاز واقعية؛ سيرسخ لاستمرار المحسوبية والفساد والتربح وهو لا يتوافق مع الجمهورية الجديدة وإستراتيجية الدولة الطموحة نحو البناء والتنمية وبناء فكر وسياسات جديدة تتناسب مع رؤية مصر الجديدة 2030 .. استقيموا يرحمكم الله..