قال الدكتور أحمد نبوي، الأستاذ بجامعة الأزهر الشريف، إن هناك مفهومًا شائعًا خاطئًا لدى بعض الناس، يتمثل في الاعتقاد بأن الإسلام يدعو للفقر، موضحًا أن الإسلام في الحقيقة يدعو إلى الزهد بمعنى عدم التعلق الشديد بالدنيا، مع العمل الجاد والسعي المشروع، مستشهدًا بأمثلة من الصحابة الأثرياء كعثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهما. وأضاف خلال حلقة برنامج "منبر الجمعة"، المذاع على قناة الناس، اليوم الخميس، أن بعض الناس أساءوا فهم الزهد، فاعتبره بعضهم دعوة لترك العمل والجلوس بلا إنتاج، بينما اتجه آخرون إلى الكسب السريع بطرق غير مشروعة، مستغلين الوسائل الحديثة، مثل القمار الإلكتروني أو التجارة في المواد المحرمة أو إنتاج محتوى خادش للحياء لتحقيق المشاهدات والأرباح. وأكد أن هذا النوع من السلوك يمثل أشد صور الحرام، لأنه يقوم على تحريف مفهوم العمل، مشددًا على أن العمل في جوهره يعني بذل الجهد والتعب، وأن أي إنسان ناجح أو ثري وصل إلى ما هو عليه بعد رحلة كفاح طويلة. وأوضح نبوي أن السعي وراء المال أو النجاح دون جهد حقيقي يعد مغالطة منطقية، مبينًا أن الانشغال بمشاريع أو أنشطة غير مشروعة، وترك العمل الأصلي الذي منحه الله للإنسان ليفتح به بيته ويطور نفسه، هو في حقيقته إفساد في الأرض، وليس عملًا صالحًا مقبولًا. وأكد الدكتور أحمد نبوي، الأستاذ بجامعة الأزهر الشريف، أن مقولة "العمل عبادة" ليست نصًا من القرآن الكريم أو الحديث النبوي، لكنها تعبر عن روح الإسلام وجوهره، موضحًا أن العمل والسعي على الرزق عبادة إذا كان من طريق الحلال ويؤدى بإتقان وإخلاص النية لله. وأشار إلى أن كلمة "العمل" بمشتقاتها وردت في القرآن الكريم نحو 360 مرة، وهو ما يعكس المكانة العظيمة التي أولاها الإسلام للعمل، لافتًا إلى أن الله تعالى قرن في كتابه بين العبادة والسعي، كما في قوله: "فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله". وأوضح نبوي أن الإسلام لا يعرف البطالة أو الكسل، وأن الأنبياء جميعًا كانوا أصحاب مهن، مثل رعي الغنم، والنجارة، وصناعة الدروع، وكذلك الصحابة الكرام الذين مارسوا نحو 200 مهنة وحرفة في زمنهم، مؤكدًا أن السعي على الرزق الحلال لإعالة الأسرة والإنفاق على الأقارب والمحتاجين يعد من أعظم القربات إلى الله.