"الوطنية للانتخابات": 2409 مرشحين على المقعد الفردي.. وقائمتان فى سابع أيام الترشح لانتخابات مجلس النواب 2025    وزير قطاع الأعمال يتفقد التشغيل التجريبي لمصنع بلوكات الأنود الكربونية بالعين السخنة    الإمارات.. الكشف عن أول موظف حكومي رقمي بالذكاء الاصطناعي في العالم    موعد صرف مرتبات شهر أكتوبر 2025.. التفاصيل الكاملة وجدول الصرف حتى ديسمبر    النائب عصام هلال: قمة شرم الشيخ للسلام نقطة تحول تاريخية.. وكلمة الرئيس حاسمة لوقف إطلاق النار    عضو بحزب النهضة الفرنسي: اعتراف باريس بفلسطين مهّد لتوافق أوروبي بشأن حل الدولتين(فيديو)    صراع إيطالي مشتعل على ضم نيمار في الميركاتو الشتوي    تعرف على ترتيبات الشباب والرياضة لعقد الجمعية العمومية لنادي بني سويف    تأجيل محاكمة 3 أشخاص بتهمة هتك عرض طفل في بولاق الدكرور    عمرو سلامة يكشف سبب توقف إحدى مشروعاته الفنية: هذا ما يمكن قوله حاليا    عبدالغفار يبحث مع التحالف الصحي الألماني تعزيز التعاون الصحي والاستثماري.. ومصر تعرض تجربتها في الرقمنة والتأمين الشامل ومكافحة فيروس سي خلال قمة برلين    في هذا الموعد.. محمد فؤاد يستعد لإحياء حفل غنائي ضخم في بغداد    غدا.. فرقة النيل للموسيقى تختتم فعاليات معرض الزمالك الأول للكتاب    مدبولي يتابع الموقف التنفيذي لأعمال تطوير ورفع كفاءة بحيرة البردويل    محافظ كفرالشيخ يتفقد مستشفى قلين ويشدد على جودة الرعاية وحسن معاملة المرضى    التخطيط: استضافة مصر للأكاديمية الإقليمية للقيادة خطوة جديدة لترسيخ دورها الإقليمي كمركز للمعرفة    «البيئة» وشركات القطاع الخاص يطلقون حملة إعادة تدوير العبوات الكرتونية    محمود مسلم: قمة شرم الشيخ تمهد لسلام واستقرار الشرق الأوسط.. وحماس لن يكون لها تواجد سياسي في غزة    نجم الزمالك السابق: فيريرا لا يجيد قراءة المباريات    الزمالك ينهى أزمة خوان بيزيرا ومحمود بنتايج قبل موعد فسخ التعاقد    «الحرب الكيميائية» توقع بروتوكولا مع «المحطات النووية» لتوليد الكهرباء    تأجيل محاكمة 73 متهما بقضية خلية اللجان النوعية بالتجمع لجلسة 24 نوفمبر    ارتفاع عدد الوفيات بين تلاميذ تروسيكل أسيوط ل5 أطفال    «أمن الجيزة» يضبط ربة منزل اقتحمت مدرسة بأكتوبر    تشغيل عدد من الرحلات المخصوصة من وإلى طنطا الجمعة المقبلة    رحمة عصام تتعرض لحادث تصادم فى شارع البحر الأعظم    بدء أولى جلسات اللجنة الرئيسية لتطوير الإعلام برئاسة المهندس خالد عبدالعزيز    «منتصف النهار» يبرز الإشادات الدولية بدور مصر في وقف الحرب على غزة    أرقام تفصيلية.. إطلاق سراح 3985 أسيرا فلسطينيا خلال صفقات التبادل    نقابة الموسيقيين: مصر راعية السلام فى المنطقة ودرع منيع للحق والعدالة    نادي أدب البادية يواصل فعالياته في بئر العبد في شمال سيناء    ميريهان حسين: «أصور فيلم جديد مع هاني سلامة.. واسمه الحارس»| خاص    ما حكم إخراج الزكاة في عمل تسقيف البيوت؟    إدارة ترامب تطلق برنامج "درونز" ب500 مليون دولار لتأمين مواقع مونديال 2026    عاهل الأردن يبحث تعزيز التعاون مع إيطاليا وهنغاريا وسلوفينيا خلال جولة أوروبية    وزير الصحة: فحص أكثر من 94 مليون مواطن للكشف عن الأمراض غير السارية وفيروس سي    وزيرا الري والإسكان ومحافظ دمياط يشهدون ورشة عمل إطلاق الخطة المتكاملة للمناطق الساحلية    موقف البنك الأهلي من رحيل أسامة فيصل للقلعة الحمراء    أهالي مطروح يهنئون الرئيس السيسي بنجاح قمة شرم الشيخ التاريخية للسلام    حقيقة تأجيل «القائمة الوطنية من أجل مصر» التقدم بأوراق ترشحها للانتخابات (خاص)    احتفالا بذكرى انتصارات أكتوبر.. الرقابة الإدارية تنظم ندوة حول مكافحة الفساد ببورسعيد    وزير الري يبحث مع مدير المنظمة الإسلامية للأمن الغذائي حوكمة إدارة المياه ورفع كفاءة الاستخدام    مكاسب مالية وحب جديد.. الأبراج الأكثر حظًا نهايات عام 2025    دار الإفتاء توضح حكم ارتداء الأساور للرجال.. متى يكون جائزًا ومتى يُمنع؟    بروتوكول تعاون بين المجلس القومي للأشخاص ذوي الإعاقة وهيئة قضايا الدولة    المرجان ب240 جنيهًا.. قائمة أسعار الأسماك والمأكولات البحرية بسوق العبور اليوم الثلاثاء    دار الإفتاء توضح حكم تنفيذ وصية الميت بقطع الرحم أو منع شخص من حضور الجنازة    مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 14-10-2025 في الشرقية    «الصحة» تنظم يوما علميًا للتعريف بالأدلة الاسترشادية بمستشفى المطرية التعليمي    وفد رفيع المستوى من مقاطعة جيانجشي الصينية يزور مجمع الأقصر الطبي الدولي    صحيفة إسبانية: شرم الشيخ لؤلؤة سيناء تتألق كعاصمة للسلام وتخطف أنظار العالم    طقس الإسكندرية اليوم.. انخفاض في درجات الحرارة وفرص ضعيفة لأمطار خفيفة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 14-10-2025 في محافظة الأقصر    حماس توضح أسباب تسليم عدد أقل من جثامين الرهائن وتؤكد: «القيود الميدانية خارجة عن الإرادة»    شادي محمد: حسام غالي خالف مبادئ الأهلي وأصول النادي تمنعني من الحديث    وفاة شقيق عبد المنعم إبراهيم .. تعرف على موعد ومكان العزاء    هبة أبوجامع أول محللة أداء تتحدث ل «المصري اليوم»: حبي لكرة القدم جعلني أتحدى كل الصعاب.. وحلم التدريب يراودني    «التعليم» توضح موعد بداية ونهاية إجازة نصف العام 2025-2026 لجميع المراحل التعليمية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من قصر الاتحادية إلى الأكاديمية العسكرية.. «إفلاس الألسنة» أمام نزاهة الموقف المصرى ونُصرة التاريخ والجغرافيا.. 5 آلاف شاحنة تقف عند معبر رفح تؤكد أن مصر فى قلب غزة
نشر في اليوم السابع يوم 08 - 08 - 2025

- تحذيرات الرئيس من محاولات بث الفُرقة بين الشعوب العربية عبر وسائل الإعلام تؤكد وجود حرب ناعمة تمارسها قوى إقليمية وأجهزة استخبارات دولية تتسلل من المنصات لتغذى الخلافات وتضرب الثقة وتُعمق الكراهية بين الشعوب
- 5 آلاف شاحنة تقف عند معبر رفح تؤكد أن مصر فى قلب غزة.. التاريخ سيحاسب كل من صمت وتواطأ.. وحديث الرئيس السيسى يقدّم شهادة تاريخية عن حجم المأساة فى غزة وعلى ثقل الدور المصرى رغم تنصل القوى الكبرى من مسؤوليتها
- دعوة الرئيس لاستثمار وسائل التواصل الاجتماعى تؤكد أننا بحاجة عاجلة لإطلاق حملة إعلامية وتوعوية شاملة للحفاظ على القيم المصرية الأصيلة وتسليط الأضواء على النماذج الملهمة والرد على حملات الكذب والتشويه وكشف الحقائق للرأى العام
- الرئيس السيسى يواجه «مزدوجى المعايير» و«مروجى الشائعات» بخطابين حاسمين فى أقل من 48 ساعة.. مصارحة للداخل وردع للخارج.. والموقف المصرى ليس لحظة انفعال بل موقف استراتيجى راسخ لا يسقط بالتقادم
لا يخفى على أحد، أننا نعيش فى مرحلة فارقة من تاريخ الأمة والعالم؛ فلم تعد المخططات التى تستهدف المنطقة - وفى القلب منها مصر- مجرد أفكار يتم تداولها فى الكواليس أو تسريبات تصلنا عبر أروقة المباحثات ودهاليز السياسة، بل تحوّلت إلى محاولات متكررة تسعى إلى إعادة رسم خارطة الإقليم، عبر الضغط والتشكيك وتزييف الوعى.
هذه المخططات تجاوزت استهداف الجغرافيا والاقتصاد، وباتت تضرب فى عمق الوعى الجمعى، تحاول تفكيك سردية الدولة الوطنية، وإضعاف الثقة بين المواطن ومؤسساته، لكن ما يغيب عن أصحاب تلك الأجندات، هو أن مصر بتاريخها، وموقعها، ووعى شعبها، وصلابة مؤسساتها، ليست رقما سهلا فى معادلات التقسيم أو الاختراق، وأنها تقرأ المشهد جيدا، بفضل قيادتها السياسية الواعية والرصينة، ومؤسساتها الوطنية الراسخة التى تتحرك وفق إدراك عميق للمخاطر المحيطة والرهانات الدولية المتشابكة.
إن هذه القيادة المصرية المخلصة، بمؤسساتها العريقة، وشعبها صانع الحضارة والتاريخ، يؤمنون جميعا بأن مصر ليست ساحة للمراهنات، ولا يمكن أن تُختزل فى تجارب مستوردة أو نماذج مكررة لدول انهارت وتهاوت ولم تعُد، فمن يظن أن ما جرى فى عواصم شقيقة يمكن نسخه إلى القاهرة، مخطئ فى قراءة التاريخ، وجاهل بطبيعة هذا الوطن، فمصر التى تشكّلت على مدى آلاف السنين، لا تُدار بالانفعالات، ولا تُرهبها العواصف الإعلامية، أو الحملات المدفوعة، أو حتى الضغوط السياسية مهما تعددت وجوهها. ولأنها تدرك تماما موقعها فى خارطة الكرة الأرضية، وتعرف حجم الأطماع المحيطة بها، فهى لا تنكفئ، ولا تفرط، ولا تسمح بتكرار سيناريوهات الخراب التى شهدها الإقليم من حولها، لقد اختارت الدولة المصرية أن تكتب روايتها بنفسها، وبخط يدها، رافضة الوصاية، ومتمسكة بحقها فى القرار والمصير، كما أنها لا يمكن أبدا أن تتخلى عن دورها التاريخى فى دعم الأشقاء ودعم صلابة ووحدة وسلامة الأمة العربية شعبا وأرضا.
الرئيس السيسي
من هنا، وفى أقل من 48 ساعة، اختار الرئيس عبدالفتاح السيسى، أن يُطل على الداخل والخارج برسالتين متكاملتين، الأولى من قصر الاتحادية، فى مؤتمر صحفى مشترك مع رئيس جمهورية فيتنام الاشتراكية «لوونج كوونج»، والثانية من قلب الأكاديمية العسكرية فى العاصمة الإدارية الجديدة.
هذان الخطابان، يمثلان وثيقة سياسية بليغة، لمن أراد أن يعرف ويفهم، وأن يدرك ملامح الرؤية المصرية فى هذه المرحلة المفصلية، لقد وضع الرئيس السيسى فى هاتين المناسبتين النقاط فوق الحروف، وكشف من خلالهما بوضوح عن جوهر الموقف المصرى، سواء فيما يتعلق بالتحديات الداخلية ومسار الدولة فى البناء والإصلاح، أو فى ما يخص الوضع الإقليمى، وخاصة ما يتعلق بفلسطين والضغوط التى تمارس على مصر باسمها.
بالتالى، يمكن القول، إن هذا الكلمات لا يجب فصلها عن قراءة الواقع بعيون الدولة، كما أنها تخاطب الداخل بلغة المصارحة، والخارج بمنطق الردع والاحترام المتبادل، إنها - فى تقديرى - تمثل استعادة الصوت المصرى فى لحظة إقليمية مشوّشة، وتؤكد على الثوابت الوطنية فى وجه العواصف، وترد بشكل حاسم على حملات التشكيك التى تطل برأسها كلما اشتدت المعركة على حدود الحقيقة!
رسائل حاسمة من الاتحادية
خرجت كلمات الرئيس السيسى - خلال المؤتمر الصحفى المشترك مع نظيره الفيتنامى بقصر الاتحادية الثلاثاء، لترد على كل هذه الأكاذيب والادعاءات التى تروج باسم القضية الفلسطينية وباسم الشعب الفلسطينى وتحاول النيل من دور مصر السياسى والإنسانى، فقال بكلمات حازمة، إن: «الادعاء بأن مصر تشارك فى حصار غزة.. إفلاس»، وهى المرة الأولى التى يستخدم فيها الرئيس السيسى هذا الوصف، فى مؤتمر صحفى أو بيان سياسى، وبالتالى فإن نبرة الحسم فى تعبير «إفلاس» لم تأتِ من فراغ، بل من يقين بالدور الوطنى الذى قامت به مصر منذ اللحظة الأولى لحرب السابع من أكتوبر، وهو يقين لم يكن مجرد رد فعل على شائعات، بل مواجهة مباشرة مع سردية مضادة تسعى إلى تحميل مصر وزر الفشل الدولى فى إنقاذ غزة. ولأن الحرب الإعلامية لا تقل خسة وضراوة عن القصف، فقد واجهت مصر سيلا من الأكاذيب، ومحاولات شيطنة ممنهجة، رغم أنها، وبشهادة الجميع، فتحت معبر رفح، وداوت الجرحى، وأدارت المفاوضات، وكانت الدولة الوحيدة التى لم تتاجر بالدم الفلسطيني.
لم يكتفِ الرئيس السيسى بالدفاع عن دور مصر الذى أراد الخائنون من يسكنون فى الفنادق الفاخرة بعواصم عربية وأوروبية تشويهه، بل قلَب الطاولة على كل المشككين، عندما قال: «إن التاريخ سيتوقف طويلا ليحاسب ويحاكم دولا كثيرة على مواقفها من حرب غزة» وهى عبارة تختصر فلسفة مصر فى هذه المرحلة «لسنا من هواة الشعارات، بل من الفاعلين على الأرض، والتاريخ سيكتب الحقيقة، وإن تأخرت».
فى هذا الإطار كانت هناك عبارات لافتة قصدها الرئيس السيسى، بصوت حاسم وحازم، عندما قال «إن الحرب فى غزة ليست حربا لتحرير رهائن، بل حرب إبادة وتجويع وتصفية للقضية الفلسطينى»، مؤكدا أن «الضمير الإنسانى لن يصمت طويلا»، وهى جملة تتجاوز الوصف السياسى إلى ما يُشبه الاتهام الأخلاقى، فمصر، التى تحملت ما لم تتحمله دولة فى محيطها، تجد نفسها موضع تشكيك واتهام ظالم، فيما يتنصل الآخرون من مسؤولياتهم، أو يتاجرون بالمواقف.
من هنا، كان لا بد أن يأتى التصريح المفصلى حول معبر رفح، ليؤكد الرئيس السيسى بأن «المعبر لم يُغلق.. وتم تدميره 4 مرات خلال الحرب.. وقوات الاحتلال على الجانب الآخر هى من تمنع دخول المساعدات». وهنا لم يقصد الرئيس أن يقدم توضيحا، بقدر ما أراد أن يفند ادعاءات، ويُسقط سردية مزيفة انتشرت بشكل ظالم وسافر فى وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعى، حيث خرجت هذه الكلمات لترد على المرجفين وتكشف الحقيقة للقاصى والدانى، فى وجه ماكينة إعلامية تتعمد التشويش وتُحاول كسر الموقف المصرى عبر تضليل متعمد للرأى العام.
وحين قال الرئيس السيسى، إن «التاريخ سيتوقف كثيرا ليحاسب ويحاكم دولا وأشخاصا على موقفهم من هذه الحرب»، لم يكن مدافعا فقط عن موقف مصر ومدينا تخاذل المجتمع الدولى، بل كان هجوما محسوبا، وهى كلمات تحمل نبرة الاتهام المؤجل، وتلوّح بمحاسبة أخلاقية وسياسية لمن اختاروا الصمت، أو التواطؤ، أو المتاجرة بدماء الفلسطينيين، على حساب دولة وقفت وحدها فى الميدان بشهادة كل الذين زاروا العريش ورفح على الأرض.
أضاف الرئيس السيسى: «5 آلاف شاحنة محملة بالمساعدات متواجدة سواء من جانب مصر أو من جانب دول أخرى تساهم فى هذا الأمر، مع الوضع فى الاعتبار أن أكثر من 70% من المساعدات التى تم تقديمها للقطاع خلال 21 شهرا كانت تقدمها مصر، وإن كانت ليست هذه القضية الآن، القضية الآن هى إدخال أكبر حجم من المساعدات لأشقائنا الفلسطينيين حيث أننا نرى أن هناك إبادة ممنهجة فى القطاع، هناك إبادة ممنهجة فى القطاع لتصفية القضية، وبالتالى، فقد ناديتُ سابقا وكان ندائى للعالم أجمع، وللأوروبيين، وكان ندائى أيضا للرئيس ترامب وأكرره مرة أخرى، وسوف أكرر هذا النداء فى كل مرة حتى تقف هذه الحرب ويتم إدخال المساعدات إلى القطاع».
حديث الرئيس السيسى عن غزة، لم يكن اكتفاء بتوصيف المشهد أو استعراضا للأرقام، بل قدّم الرئيس شهادة تاريخية على حجم المأساة وعلى ثقل الدور المصرى فى زمنٍ تتنصل فيه قوى كبرى من مسؤولياتها.
فال5 آلاف شاحنة المحمّلة بالمساعدات الإغاثية والإنسانية من مصر ومن دول أخرى تقف شاهدة على حجم التضامن الإنسانى، لكن مصر وحدها تحملت العبء الأكبر، بأكثر من 70% من إجمالى المساعدات التى دخلت القطاع خلال 21 شهرا، دون مَنٍّ أو دعاية. ومع ذلك، يذكّر الرئيس بأن القضية لم تعد فى عدّ الشاحنات، بل فى وقف الإبادة الممنهجة التى يتعرض لها شعب أعزل، فى جريمة تتجاوز الحسابات السياسية إلى نطاق التصفية الجغرافية والإنسانية للقضية الفلسطينية ذاتها.
فى هذا السياق، لم يكن نداء الرئيس للعالم، من الأوروبيين إلى الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، مجرد مناشدة، بل صرخة ضمير حى فى وجه عالم أصمّ.
وما يلفت النظر أن الرئيس يعيد النداء ويكرر التحذير عن قصد، ليؤكد أن الموقف المصرى ليس لحظة انفعال، بل موقف استراتيجى راسخ، لا يسقط بالتقادم، ولا يتورط فى صفقات ولا يساوم على الثوابت، حتى ولو وقف العالم كله فى كفة الباطل، ومصر صامدة وحدها فى كفة الحق.
خطاب الحاضر والمستقبل
فى فجر اليوم التالى، ومن موقع استراتيجى لا يقل رمزية عن قصر الاتحادية التاريخى، جاءت الكلمة الثانية للرئيس السيسى من قلب الأكاديمية العسكرية، التى تشكل عقيدة الجيش جيلا خلف جيل، وحيث يُبنى الوعى الاستراتيجى للشباب، حرص الرئيس على مصارحة أبنائه من الطلبة والطالبات بكل التحديات الداخلية والخارجية.
ففى ضوء مخططات التقسيم، والتحديات الداخلية والحروب النفسية، والتشويه المتعمد للسرديات الوطنية، أكد الرئيس أن «المنطقة لم تبدأ معاناتها فى 7 أكتوبر.. نحن فى حالة اضطراب منذ 2011، وهو كلام من القلب لأن الرئيس منذ أن جاء إلى الحكم، وهو يصارحنا بالحقائق - مهما كانت المعاناة - ويرفض أن يتم العبث بعقول الناس.
فالرئيس السيسى يدرك بأن معارك اليوم تُخاض على جبهة الوعى أكثر مما تُخاض فى الميدان، ثم عاد ليؤكد ثوابت السياسة المصرية: «نحن لا نتدخل فى شؤون الآخرين، لكننا لا نسمح أيضا بالمساس بأمننا»، وهو ما يؤكد على المسار المستقل لمصر، والذى تؤسسه وتشدد عليه القيادة المصرية، فمصر لا تُصعّد، لكنها لا تُهادن حين يقترب أحد من خطوطها الحمراء.
إنها معادلة تعكس قوة ناعمة وصلبة فى آنٍ واحد، تقوم على ضبط النفس والحوار والتحرك الهادئ، لكنه فى ذات الوقت ليس ضعفا ولا تنازلا، بل مشفوعا بالجاهزية الكاملة للرد، وبمعنى أوضح، فإن مصر تُجيد استخدام الدبلوماسية كخيار أول، والقوة كخيار اضطرارى لا تتردد فى استخدامه عند الحاجة، «واللى عايز يجرب يقرب».
وعندما تحدث الرئيس عن الوضع الاقتصادى، وعن الإصلاحات، وعن الواقع الداخلى بكل تحدياته، فهو هنا لا يخاطب النخبة، بل الشعب: «نحن لا نخدع الناس ولا نجمّل الواقع.. لكننا نبنى رغم كل شىء»، فالإصلاحات الاقتصادية اتُخذت بشجاعة، والدولة لا تُدار بالمجاملات».
وفى إطار حرصه على بناء الوعى الجمعى وترسيخ ثقافة الاستخدام المسؤول للتكنولوجيا، أكد الرئيس السيسى أن مواقع التواصل الاجتماعى ليست شرّا فى ذاتها، بل إن خطورتها أو فائدتها تتوقف على طريقة التعامل معها.
الرئيس السيسي فى المؤتمر الصحفى
وهو هنا يؤكد بأن وسائل التواصل الاجتماعى، أداة حديثة ذات طابع مزدوج، يمكن أن تكون نافعة إذا وُظفت لنشر المعرفة، والتواصل البنّاء، وتعزيز قيم الانتماء والوعى، ويمكن أن تتحول إلى سلاح مُدمّر إذا استُخدمت لنشر الشائعات، وتزييف الوعى، وبث الإحباط، والنيل من تماسك المجتمع.
فى هذا الإطار، شدد الرئيس على أن الرهان الحقيقى ليس على تقييد الأداة، بل على وعى المستخدم، فبضغطة على زر الموبايل أو أجهزة الكمبيوتر يمكن أن يساهم المرء فى بناء أو هدم دول.
ثم عاد الرئيس، ليؤكد فلسفته التى يؤمن بها فى حماية الأوطان ومقدّرات الشعوب، وهى «الوعى» و«تماسك الجبهة الداخلية»، وهو ما يعزز من تصريح الرئيس بأن الشعب المصرى بات أكثر إدراكا لمحاولات الاستهداف المعنوى التى تتسلل من خلال هذه المنصات، وأن هذا الوعى المجتمعى المتنامى هو خط الدفاع الأول فى مواجهة حملات التشكيك والتضليل.
إن دعوة الرئيس السيسى لاستثمار وسائل التواصل الاجتماعى تؤكد أننا بحاجة عاجلة لإطلاق حملة إعلامية وتوعوية شاملة للحفاظ على القيم المصرية الأصيلة وتسليط الأضواء على النماذج الملهمة والرد على حملات الكذب والتشويه وكشف الحقائق للرأى العام
وحين يعود الرئيس فى حديثه إلى عام 2011، فهو لا يُعيد سرد الماضى، بل يُذكّر الجميع بأن هذا الزلزال المدمر الذى ضرب المنطقة لم تنتهِ توابعه بعد، وأن النيران التى اشتعلت فى الجوار كانت نتيجة مباشرة لسياسات التهور والفوضى تحت لافتة «التغيير».
لقد قالها وكررها الرئيس صراحة بأن «المنطقة العربية تمر بظروف استثنائية منذ عام 2011، وليس فقط منذ 7 أكتوبر 2023» وهو هنا يثبت 3 حقائق مهمة، أن ما تعيشه المنطقة من أزمات لم يبدأ من غزة، بل يمتد لأكثر من 15 سنة، وأن السياسات المصرية التى اختارت التوازن واحترام السيادة ليست حيادا سلبيا، بل رؤية استراتيجية منضبطة، كما أن من يراهن على ضعف الجبهة العربية عبر التحريض الإعلامى أو الاختراق الإقليمى سيُصدم بجدار الصلابة المصرى والعربى حين تتوحد الرؤية وتتكاتف الأمة.
ثم رد الرئيس، على كل الحملات التى تستهدف بث الفُرقة بين الشعوب العربية، والتى نشاهدها جميعا من تنابذ بالألقاب عبر مختلف منصات التواصل، فانتقد الرئيس السيسى محاولات بث الفُرقة بين الشعوب العربية عبر وسائل الإعلام، وهو هنا يشير بوضوح إلى حرب ناعمة تمارسها قوى إقليمية وأجهزة استخبارات دولية، تتسلل من الشاشات والمنصات، لتغذى الخلافات، وتضرب الثقة، وتُعمق الكراهية بين الشعوب.
وقال الرئيس السيسى: «الأمن العربى وحدة متكاملة ترتبط به مصر ارتباطا وثيقا»، ومنذ 2014 ونحن جميعا نؤمن بشواغل الرئيس وخوفه الدائم على تأثر الأمن القومى العربى بكل المتغيرات التى ترتبط بالوعى والتكنولوجيا وحروب الجيل الخامس، وهو هنا لا يُلقى بشعار، بل يُعلن عقيدة سياسية واستراتيجية، مفادها أن مصر لن تقف متفرجة إذا ما استُهدفت أى دولة عربية، لأن سقوط دولة عربية يعنى تهديدا مباشرا لمصر.
وفى قول الرئيس، عن أن «أى تدخل خارجى يهدف إلى زعزعة استقرار الدول العربية»، دعوة واضحة لليقظة الجماعية، ولردع كل محاولة استقواء بالخارج أو استخدام أدوات الداخل ك»حصان طروادة» لتفكيك الجبهة العربية.
وثيقة عمل مصرية خالصة

لقد كانت كلمات الرئيس السيسى، فى قصر الاتحادية، ثم فى الأكاديمية العسكرية خلال أقل 48 ساعة فقط، تمثل وثيقة عمل مصرية خالصة، ورؤية استراتيجية، وخارطة ألم وأمل يمكن أن ترد على كل التساؤلات المرتبطة بالمشهد الإقليمى.
فالرئيس السيسى يراهن على وعى هذا الشعب، وعلى رصيد المصداقية، ويُحافظ على تموضع مصر الثابت فى الخريطة السياسية والأخلاقية، أما أولئك الذين يظنون أن بإمكانهم إخراج مصر من معادلة فلسطين، أو التشويش على دورها التاريخى، فإن خطاب رئيس مصر فى «الاتحادية» ثم فى «الأكاديمية» كان كافيا ليردّ عليهم.
التقرير بالعدد اليومي لليوم السابع


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.