أبرزهم قرشي ونظير وعيد والجاحر، الأعلى أصواتا في الحصر العددي بدائرة القوصية بأسيوط    حملة «طفولتها حقها»: تحذيرات إنسانية من الصحة لوقف زواج القاصرات    «ترامب» يتوقع فائزًا واحدًا في عالم الذكاء الاصطناعي.. أمريكا أم الصين؟    جوتيريش يدين الغارات الإسرائيلية على غزة ويؤكد عدم قانونية المستوطنات في الضفة الغربية    ترامب محبط من روسيا أوكرانيا    تزايد الضغط على مادورو بعد اعتراض ناقلة نفط تابعة ل«الأسطول المظلم»    محافظ الجيزة يتفقد موقع حادث ماسورة الغاز بعقار سكني في إمبابة    سقوط «أيظن وميسي».. ثنائي الرعب في قبضة مباحث بنها    عمرو دياب يتألق في حفل الكويت ويرفع شعار كامل العدد (فيديو)    أشرف زكي: عبلة كامل بخير واعتزالها ليس له علاقة بأي مرض    الرئيس الأمريكى ترامب: زيلينسكي لا يدعم خطة واشنطن لإنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا    فيديو.. لحظة إعلان اللجنة العامة المشرفة على الانتخابات البرلمانية الجيزة    د. أسامة أبوزيد يكتب: الإخلاص .. أساس النجاح    الحصر العددي لدائرة حوش عيسى الملغاة بانتخابات النواب بالبحيرة    مؤشرات الحصر العددي بدائرة بولاق، تقدم محمد إسماعيل وعلي خالد وإعادة مرتقبة بين حسام المندوه وعربي زيادة    قصف عنيف شمال شرق البريج.. مدفعية الاحتلال تشعل جبهة جديدة في وسط غزة    الفريق أسامة ربيع: لا بديل لقناة السويس.. ونتوقع عودة حركة الملاحة بكامل طبيعتها يوليو المقبل    أعرف حالة الطقس اليوم الجمعة 12-12-2025 في بني سويف    ظهر في حالة أفضل، أحدث ظهور لتامر حسني مع أسماء جلال يخطف الأنظار (فيديو)    ياسمين عبد العزيز: لماذا نؤذي بعضنا؟ الحياة لا تستحق.. أنا مات لي 5 مقربين هذا العام    بعد إعلان خسارة قضيتها.. محامي شيرين عبدالوهاب ينفي علاقة موكلته بعقد محمد الشاعر    رد مفاجئ من منى زكي على انتقادات دورها في فيلم الست    الصحة: نجاح استئصال ورم خبيث مع الحفاظ على الكلى بمستشفى مبرة المحلة    البابا تواضروس: «من الأسرة يخرج القديسون».. وتحذيرات من عصر التفاهة وسيطرة الهواتف على حياة الإنسان    كواليس لقاء محمد صلاح مع قائد ليفربول السابق في لندن    حمزة عبد الكريم: من الطبيعي أن يكون لاعب الأهلي محط اهتمام الجميع    كأس العرب - هدايا: كنا نتمنى إسعاد الشعب السوري ولكن    قائمة نيجيريا - سداسي ينضم لأول مرة ضمن 28 لاعبا في أمم إفريقيا 2025    كامل الوزير: الاتفاق على منع تصدير المنتجات الخام.. بدأنا نُصدر السيارات والاقتصاد يتحرك للأفضل    كامل الوزير: أقنعتُ عمال «النصر للمسبوكات» بالتنازل عن 25% من حصصهم لحل أزمة ديون الشركة    رئيس الطائفة الإنجيلية: التحول الرقمي فرصة لتجديد رسالة النشر المسيحي وتعزيز تأثيره في وعي الإنسان المعاصر    كاري الدجاج السريع، نكهة قوية في 20 دقيقة    وائل رياض يشكر حسام وإبراهيم حسن ويؤكد: دعمهما رفع معنويات الأولاد    تصريحات خطيرة من أمين عام الناتو تثير غضبا سياسيا في ألمانيا    الشروط المطلوبة للحصول على معاش الطفل 2026، والفئات المستحقة    كالاس تعلق على فضيحة احتيال كبرى هزت الاتحاد الأوروبي    مرصد الأزهر مخاطبا الفيفا: هل من الحرية أن يُفرض علينا آراء وهوية الآخرين؟    الدفع ب 5 سيارات للسيطرة على حريق بمخزن نادي الترسانة في إمبابة    رحيل الشاعر والروائى الفلسطينى ماجد أبو غوش بعد صراع مع المرض    العثور على جثة مجهولة لشخص بشاطئ المعدية في البحيرة    طلاب الأدبي في غزة ينهون امتحانات الثانوية الأزهرية.. والتصحيح في المشيخة بالقاهرة    طريقة عمل كيكة السينابون في خطوات بسيطة    قفزة في سعر الذهب بأكثر من 65 جنيها بعد خفض الفائدة.. اعرف التفاصيل    أولياء أمور مدرسة الإسكندرية للغات ALS: حادث KG1 كشف انهيار الأمان داخل المدرسة    ياسمين عبد العزيز: ندمت إني كنت جدعة مع ناس مايستاهلوش    أليو ديانج يقود قائمة منتخب مالى الرسمية استعدادا لأمم أفريقيا 2025    مدير الصحة العالمية: رصدنا سلالة جديدة من كورونا نراقبها    فصل التيار الكهربائي عن 11 منطقة وقرية بكفر الشيخ السبت المقبل    أيهما الزي الشرعي الخمار أم النقاب؟.. أمين الفتوى يجيب    محمد رمضان ل جيهان عبد الله: «كلمة ثقة في الله سر نجاحي»    وزير العمل يشهد تسليم 405 عقود عمل لذوي همم في 27 محافظة في وقت واحد    وزير الصحة يتفقد مقر المرصد الإعلامي ويوجه باستخدام الأدوات التكنولوجية في رصد الشائعات والرد عليها    أستاذ قانون دستورى: قرارات الهيئة الوطنية للانتخابات متوافقة مع الدستور    حكم كتابة الأب ممتلكاته لبناته فقط خلال حياته    بث مباشر الآن.. مواجهة الحسم بين فلسطين والسعودية في ربع نهائي كأس العرب 2025 والقنوات الناقلة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 11-12-2025 في محافظة الأقصر    أسعار الفضة تلامس مستوى قياسيا جديدا بعد خفض الفائدة الأمريكية    دعاء الفجر| (ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فات الميعاد دراما هادئة تثير صخبا فى العمق
نشر في اليوم السابع يوم 23 - 07 - 2025

شهدت الدراما التليفزيونية المصرية عبر السنوات العشر الأخيرة شهدت فارقا كبيرا وملحوظا سواء على مستوى الجودة البصرية أو الفنية ككل . ذلك بعد أن خاض سينمائيون كثر تجربة الدراما التليفزيونية ، وأستطاعوا أن يضفوا على الدرما التليفزيونية مسحة سينمائية زادت من روعتها وإتقانها فى كثير من الأعمال.
فى مسلسل (فات الميعاد ) دراما ذكية ، تلمح منذ البداية مهارة مخرج يمتلك أدواته /سعد هنداوى يعرف كيف يدير الأشخاص والأشياء لتصنع مزيجا فنيا راقيا ورائقا .
يتألق نجمى العمل سلوى محمد على / عبلة وأحمد مجدى / مسعد فى مباراة فنية رائعة ، عبلة تلك الأم التى لا تتوانى عن قلب الحقائق بالباطل ، لكنها فى قرارة ذاتها تراها حقا وتدافع عنه حتى النهاية . فهى التى تعرف وترى وتسمع حجم الإهانات التى تتعرض لها زوجة أبنها أسماء أبو اليزيد / بسمة لكنها تراها بعين أخرى على أنها شيئا أعتياديا ، تماما كما تقتنع معظم الشعبيات والريفيات بأن ضرب المرأة بغرض التأديب مقبول شرعيا وإجتماعيا حتى ولو كان مجرد التعدى بالعنف محض إهانة وترويع لا يغتفر . عبلة التى تقوى قلب أبنها فى كل أخطاءه ولا تقومه قولا أو فعلا على العكس تبرر له وتلتمس له الأعذار حتى وإن كان مذنبا سارقا تم تجريمه وسجنه بالفعل . عبلة التى تتعاطف مع أبنها الأخر محمد على رزق / منعم لأنه لا يحسن إدارة حياته مثل أخيه ، فتتغاضى عن كونه تصرف فى مال أخيه وقت غيابه ودون علمه ولا تنطق ببنت شفة ، عبلة التى تتعاطف مع أبنائها فقط ولا تملك ذرة تعاطف مع غيرهم حتى وإن كانت المواقف متشابهة ، عبلة التى ترى أن الطلاق يعيب المرأة وحدها دون الرجل حتى وإن كان الرجل سببه الأول فى بعض الأحيان ، عبلة التى تجند أحفادها لنقل أسرار بيوتهم دون خجل .
هذا النموذج الأنثوى اللعين الذى دمر ومازال يدمر حياة الكثيرين تدميرا نفسيا وإجتماعيا ومؤكد بدنيا ، كان نتيجة ثقافة ذكورية تلبستها وتتلبسها كثيرات فى مجتمعاتنا حتى الأن . فلديهن قدرة على تكرار أفكار ذكورية بإمتياز غرضها الأول والأخير السيطرة لا أكثر ولا أقل .
ما الذى يدعو أما أن تستبيح لنفسها التدخل فى حياة أبنائها ، كى تحرمهم خصوصية وأمانا يستحقونه ؟ أنها الأفكار البالبة ، أفكار جميلة عاطفيا لكنها لعينة على أرض الواقع ، لماذا يجب أن يعيش الأبناء مع امهم فى نفس البيت بعد زواجهم ؟ عاطفيا لأن ذلك من أسباب الترابط الأسرى ورعاية الأم خاصة إن كانت بلا زوج ، عمليا وإجتماعيا كان ذلك سببا فى تعاسة وشقاء الكثيرين وأولهم الأبناء . لماذا برأيك وضع مجتمعنا الجميل الذكورى هذا العرف ؟ حبا وتبجيلا وتقديرا للأم الأرملة ؟ ربما ، لكنه فى الأغلب نوع من انواع السيطرة خلف لافتة جذابة .
فى مجتمعاتنا تتجذر بعمق ثقافة تؤمن بان المرأة عورة ، وناقصة عقل ودين حتى عندما خرجت دراسة تحمل نفس العنوان أقاموا الدنيا ولم يقعدوها و'حجب الكتاب قبل أن يقرأه أحد . هذه الأفكار الراسخة التى تم ترويجها عن جهل وإجتزاء بغرض السيطرة ، خلقت أوضاعا أجتماعية ترقى إلى درجة " الكارثة " لا يحق معها لأى أنثى أن تدير أمورها أو ترفض أوضاعا لا تناسبها أو تتجرأ لا قدر الله وتستمتع بحريتها فى تقرير مصيرها .
إذا استوعبت جيدا هذه التركيبة ستعرف أن عبلة ليست شخصية سيئة تتلف حياة الأخرين تحت لافتة الحب فقط ، لكنك ستعرف أنها منطق إجتماعى تم أستخدامه بمهارة وتحول مع الوقت لثقافة حمقاء تفرض نفسها بقوة على عقول الكثيرين .
كان طبيعيا ألا تتأقلم بسمة / أسماء أبو اليزيد مع هذه الحماقة الغاشمة التى تهدد أمنها الشخصى وسلامها النفسى الذى أعتادته وتربت عليه فى بيتها . مع أب محب حاضر دائما داعم وواعى محمود/ محمود البزاوى يتفهم أبنته ولا يردعها بحكم العيب والأصول . أب يقف إلى جوارها واحيانا خلفها حتى يحمى قراراتها هى وفقط فيما تحتاجه وترغبه وليس فيما يراه هو أو يرغبه أو يخاف صورته أمام احد . حب خالص وبرىء من أى جنوح للسيطرة .
عكس مسعد الذى تربى على يد عبلة . ذكر شرقى أصيل ومنقرض تماما كما وصفه دكتور محمد طه فى كتابه الذى يحمل نفس الأسم . تربى مسعد انه لا يجوز لزوجته أن تعترض وبالأخص لا يجوز لها ان تنفعل ويرتفع صوتها عليه . توقف معى ثانية عزيزى الرجل ، ربما تكون أنت أيضا تربية عبلة ، وربما تشعر بطريقة ألية بالغضب عندما ترفع أنثى صوتها عليك ، ربما لا تهم بضربها لأنك أرقى درجة ولكنك قد تكون غاضبا من داخلك ومنفعلا حد الجنون . هل أنت كذلك ؟
ربما يكون مسعد أيضا مزيجا محكما من المفاهيم الخاطئة ومركبات النقص داخله ، التى جعلته هو أيضا يرى حقه الأبدى فى حب بسمه بطريقته ووفق أفكاره . هو لا يرى نفسه جيدا مثل معظمنا . هو يرى فقط أنه يحبها وأنها " بتاعته " ملكه ولا يحق ان تكون ملكا لسواه . راجع معى عزيزى القارىء كم مرة رددت أنت شخصيا او سمعت كلمة " أنت بتاعتى " من حولك ؟ أنه نوع من الخلل النفسى ، خلل لا يسمح لأى أحد أن يعرف حدوده الشخصية جيدا . نحن لا نعرفها لأننا لم نتربى عليها .
تمنحنا ثقافتنا العربية حقا باطلا فى مراقبة الأخرين والتدخل فى شئونهم ربما مردة لفهم خاطىء لتعاليم الدين الإسلامى عن ما يخص وحدة الجماعة وقوة الأمة ، فهم يمنح البعض حقا باطلا فى الحكم على الأخرين ، على تدينهم ، على ملبسهم ، على طريقة كلامهم وحتى على أفكارهم . نحن نستبيح الأخرين ولا نحترم خصوصياتهم ونفرض تصنيفا إجتماعيا وماديا وشكليا وشخصيا على كل من حولنا دون أن يطلب منا أحد ذلك . نحن " ملوك تصنيف البشر " أتعرف كيف يحلل علماء النفس هذه التركيبة ؟ إنها تركيبة تفتقر إلى الثقة بالنفس وتنتقص من الأخرين دائما لأنها ترى نفسها ناقصة فى قرارة نفسها وتعوض نقصها بالتعدى على حقوق الأخرين تماما كما يفعل مسعد .
مسعد الناقص فى قرارة نفسه وأفكاره بدرك أن هناك فجوة بينه وبين بسمة من البداية ، وحسن فعل فريق الكتابة – إشراف على الكتابة محمد فريد ، سيناريو وحوار إسلام أدهم - بألا يغوص فى كل التفاصيل فى كل مواضع العمل حتى يترك لنا حرية تكميلها . تلك الفجوة التى تشعره دائما انه قليل امامها ، أمام طموحها فى مسكن منفصل فى منطفة افضل تؤمن مستقبلا معقولا لأطفالهما فى المستقبل . مسعد الذى يتركها تجمع الأموال وتبحث عن الشقة وفى نهاية المطاف يستولى على أموالها حتى دون أن يستأذنها ، هو نفسه الذى لا يتردد فى ضربها حينما تثور وتمنح فعلته تلك أسمها الفعلى " سرقة " . وفى كل مرة لا يستطيع السيطرة على مركبات نقصه وذكورته المريضة يتطاول عليها بالضرب متوقعا أن تسامحه وتغفر له ذلة وقت غضب تماما كما علمته عبلة .
مسعد المقتنع تماما بأن بسمة " بتاعته " لا يحق لها الطلاق ولا المطالبة بأثاثها التى أشترته بحر مالها . هو نفس الذكر الشرقى الذى نقرأ عنه كل يوم فى قضايا محاكم الاسرة . لا يستوعب ولا يقبل أن ترفضه أنثى ، و لا يتردد فى ظلمها قيد أنملة عقابا لها على فعلتها ، فنراه يبدد قائمة أثاثها التى تخصها ودفع أهلها ثمنها ويستبدلها بأشياء بالية لا تساوى شيئا ، ونراه يتنصل من دفع نفقة شرعية لها ولأبنائها تضطر معها المرأة خاصة التى بلا عائد مادى ان تجرى بين المحاكم حتى تثبت دخل طليقها الحقيقى الذى يتفنن هو عبر ثغرات القانون فى إخفائه حتى لا تتمتع هى وأولادها بشىء منه ، متناسيا تماما أبنائه وهو الرجل الشرقى الذى يعرف الأصول ، أصول يعرفها ويستخدمها وقت الحاجة فقط . تماما كما يفعل مسعد ، حينما يلين لطلب شقيقته فى الطلاق داعما لها ومقدرا لرغبتها ، لكنه فى نفس ذات اللحظة ينكر على بسمة رغبتها وإرادتها الحرة . مسعد الذى يسرق فى مشاهد بديعة أداها أحمد مجدى بأحترافية وحساسية شديدة خاصة فى مشهد تفتيش العاملين داخل حافلة المصنع بحثا عن هاتف ضائع ، فى هذا المشهد وبدون كلمة واحدة أستطاع أحمد مجدى أن يشعرنا برعبه البالغ وتقلب ألوان وجهه وطلب التواطىء معه دون كلمة واحدة . هو نفسه مسعد الذى يسعى جاهدا وبأى شكل أن تعرف بسمة أنه لم يكن سارقا وأنه سٌجن ظلما ويهتانا . مسعد الذى يسعى بكل الطرق خيرها وشرها أن يضم أبنته لحضانته ، ليس حبا خالصا لأبنته ولكنه مرة اخرى نكاية فى طليقته حتى النهاية . ملوحا لنا بورقة قميئة يستخدمها الأباء مرة أخرى تحت لافته الحب كى يسيطرون أو ينتقمون باللأحرى من مطلقاتهم " حضانة الأبناء " .
ينبغى ألا ننسى قطاعا من الأباء المحترمين الذين لا يعانون مركبات نقص كما مسعد ويحملون حبا خالصا لأبنائهم ويجدون فى قانون الرؤية إهانة كبيرة فى حقهم وحق أبنائهم . لكن الدراما كما الفن عموما تبرز الشاذ حتى ننتبه إليه ونعالجه . وكى نسأل الأسئلة الواجبة : لماذا ينتفى حق الزوجة فى حضانة أبنائها البديهية فترة الطفولة بمجرد زواجها ؟ لماذا بحق السماء يجوز لطليقها أن يتزوج على الملأ ويسعد وهى لا ؟ هل تعلمون عدد المطلقات اللاتى أضطررن للزواج بشكل عرفى تماما كما فعلت بسمة كى لا تٌحرم من صغارها ؟ لماذا ؟ . و لماذا لم يفلح المشرعون حتى الأن فى تجاوز نقاط عفى عليها الزمن . لماذا لا يجدون مخرجا منطقيا عبر قوانين رادعة للطرفين تضمن حقوقا عادلة وأوضاعا منصفة للطرفين ؟ لماذا تشوب بعض القوانين شائبة ذكورية ؟ لماذا لا يحق للمرأة أن تدير شئون أبنائها التعليمية دون اللجوء إلى الوصاية التعليمية تماما كما الأب ؟ لماذا لا يجوز للمرأة أن تسافر مع أولاادها دون إذن الأب بينما هو يستطيع وقتما يشاء؟ لماذا لا يجوز للمرأة حتى أن تستخرج قيد عائلى يحمل أسمها هى لا الزوج حتى وإن كان ميتا ؟ أو طلقها ؟ ومئات الأسئلة الأخرى . ربما لا يطرحها فات الميعاد لكنه يذكرنا بها شئنا أم أبينا .
يقدم لنا فات الميعاد دراما من النوع الراقى ، التى تحترم العقل والوجدان دون إسفاف أو أبتذال لا يقتصر وجودهما فقط فى نوعية دراما الأكشن أو البهارات الحارة التى أرهقت المشاهدين وأثرت سلبا فى جيل من المراهقين بلا شك ، لكن الإسفاف والإبتذال يطالان نوعية أخرى من الدراما دراما المنتجعات السكنية الجديدة أو " كمباوندات البلاستيك " كما أسماها البعض حيث القصور والفلل والسيارات الفارهة التى من الأفضل ألا يراها على الشاشة مجتمع اكثر من نصفه تحت خط الفقر فتأجج أحقاد إجتماعية تشعلها مواقع التواصل الإجتماعى ليل نهار . فى دراما غريبة على ذائقة العوام وحيث ممثلات تتركز مهارتهن فى حجم نفخ الخدود والشفاه دون أى حجم يذكر للمهارة الفنية .
تم اختيار الممثلين بعناية فائقة فى مسلسل فات الميعاد ، رغم أختلاف التوليفة والأدوار المتوقعة وهذا يحسب لمخرج العمل . كما يحسب له إدارة الممثلين وإيقاع العمل ككل ، ففى كثير من الأحيان لا نجد تفاصيل متعددة تشرح تسلسل الأشياء ، لكن مهارة الحذف تضاهى أحيانا كثيرة وربما تتفوق على مهارة الإضافة فى العمل الفنى ، وحسنا فعل فى كثير من المحذوفات . إلا فى بعض المواضع التى تترك تساؤلا يحتاج إلى توضيح : مثلما أنقضت عقوبة مسعد فى السجن وخرج لحسن السير والسلوك ، لم يٌكتب كم من الوقت مر لكن الملاحظة أن مصطفى الطفل المتبنى لمعتصم كان أكبر سننا من أبنة بسمة ، وبعد إنقضاء الوقت وجدنا ريم تبدو أكبر من مصطفى دون منطق .
وفى بعض المواضع الأخرى كان ملحوظا أن السيناريو أهمل - ربما عن قصد- حضورا متوازيا لباقى الشخصيات ، فجاء الحضور لعدد كبير من الشخصيات بمثابة ضيوف شرف على مدى طويل ، سواء كانوا نجوما كبار مثل محمد أبو داوود ، محمود البزاوى ، حنان سليمان ، التى كان حضورها بالفعل شرفيا . أو حتى النجوم الشباب الذين أبدعوا كل فى دوره بشكل لافت وممتاز : محمد على رزق ، فدوى عابد ، محمد خميس ، محمد السويسى ، هاجر عفيفى ، عماد إسماعيل ، ولاء الشريف ، كريم أدريانو . والوجه المميز يوسف وائل نور.
لقد أجاد السيناريو فى رسم كل شخصية على نحو رائع دون أن يشتتنا عن خطنا الأساسى وقصتنا الأساسية ، قصة مسعد وعبلة وليست مسعد وبسمة . بسمة التى أجادت الدور بشكل لا جدال فيه ، لكن مسحة من روح مفقودة أو ضائعة أو غارقة فى شىء ما غلبت أداء الوجة المصرى الأصيل والمميز لأسماء أبو اليزيد ، فدائما ما تألقت فى معظم الأدوار التى قدمتها كدورها فى مسلسل ( صلة رحم ) تنصهر أسماء أبو اليزيد ببراعة ملحوظة مع الدور وكأنها هى الشخصية بكل حذافيرها إلا هذا الدور ، الذى أدته بشكل جيد لكنه جاف ، الأمر الذى يدفعك فى بعض الأحيان أن تشعر أن هناك لوح من الزجاج بينكما .
كما أجاد السيناريو فى رسم الشخصية السوية الأهم فى هذا العمل وهى شخصية معتصم / أحمد صفوت الذى جاء دوره فى البداية فى منطقة وسط ومحيرة من هو ؟ وماذا يريد ؟ هل هو سوى أم مختل أيضا !! وبرع أحمد صفوت فى أداء الدور بشكل لافت يحسب له فى كل المشاهدد ، خاصة مشهد وفاة الوالد ، الذى كان أروعها على الإطلاق . فقد مهدنا نفسيا سعد هنداوى لأن شيئا ما سيحدث للوالد ، ربما وفاته . لكنه لم يشأ أن يكون أستنتاجا منطقيا بتغيبه وتجاوزه فى المشهد التالى . أراد مخرج العمل أن يصنع مشهدا مميزا ومؤثرا فأوهمنا بالنهاية وعاد بمعتصم يحتضن الوالد المتوفى مكلوما باكيا فى مشهد مكتمل الأركان .
أجاد سعد هنداوى فى أختيار كافة العناصر الفنية فى هذا العمل الجيد ، بداية بالممثلين وإنتهاءا بالتصوير الذى أداره ببراعة فنية مدير التصوير زكى عارف ، صاحب البصمة الفنية المميزة . وما بينهما من موسيقى تصويرية لعزيز الشافعى وإشراف فنى وديكور رضوى شعبان ، التى اعدت ديكورا وعناصر فنية متناغمة ومتناسقة وتخدم الدراما تماما مثل ديكور منزل مسعد وبسمة ، ، فالمنزل فى منطقة شعبية لكن الأثاث والديكور ينتمى لبسمة التى جاءت من طبقة أعلى قليلا وكونه أنيقا بدرجة لا تتناغم مع المنزل نفسه ولا مكانه يمنحنا شعورا تلقائيا بعدم التوافق تماما كعلاقة مسعد وبسمة . لكن الديكور الأنيق لمنزل راغب ووفاء لم يقدم منطقا دراميا على الإطلاق ، فراغب القادم من نفس بيئة وفاء الشعبية كبف لهما أن يضعا لوحة فنية بطريقة معاصرة فى منزلهما ؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.