انتخاب اللواء أحمد العوضي والمستشار فارس سعد وكيلين لمجلس الشيوخ    رئيس قطاع الإرشاد الزراعي يشارك بافتتاح مهرجان النباتات الطبية والعطرية ببني سويف    اليوم الرسمي ل بدء التوقيت الشتوي 2025 في مصر بعد تصريحات مجلس الوزراء.. (تفاصيل)    وسائل إعلام سورية: انفجار قنبلة في بلدة خربة غزالة بريف درعا أدى إلى إصابة عدد من الأطفال بجروح متفاوتة    كارولين ليفيت من بائعة آيس كريم إلى المتحدثة باسم البيت الأبيض    عاجل- الاحتلال الإسرائيلي ينصب حاجزًا عسكريًا في دير جرير شرق رام الله ويمزق صور شهداء    تشكيل الأهلي إيجل نوار في دوري أبطال إفريقيا    موعد مباراة الأخدود ضد الحزم في الدوري السعودي والقنوات الناقلة    المشدد 6 سنوات وغرامة 100 ألف جنيه لعامل لاتجاره فى الهيروين بشبين القناطر    الأرصاد: طقس خريفي غدًا مائل للبرودة صباحًا وحار نهارًا.. العظمى بالقاهرة 30 والصغرى 20    كشف ملابسات فيديو تضمن قيام شخص بإطلاق النار على قائد سيارة بالإسماعيلية    أمن المنافذ يضبط 77 قضية متنوعة خلال 24 ساعة    نجمات اخترن تسريحة ذيل الحصان فى مهرجان الجونة 2025    أحمد مراد: نجيب محفوظ ربّاني أدبيًا منذ الصغر.. فيديو    2700 مظاهرة.. ذا هيل: احتجاجات لا للملوك ضد ترامب تدخل لحظة حاسمة اليوم    وزير المالية يلتقي نظيره اليوناني بواشنطن لتعزيز التعاون الثنائي بين البلدين    النفط يتكبد خسارة أسبوعية وسط مخاوف تخمة المعروض    موقف الدوسري من اللحاق بمباراة الهلال والسد القطري    موعد مباراة المغرب ضد الأرجنتين والقنوات الناقلة في نهائي كأس العالم للشباب 2025    القنوات الناقلة لمباراة بايرن ميونخ ضد بوروسيا دورتموند في الدوري الألماني.. والموعد    بعثة المصري تغادر طرابلس فى طريقها إلى القاهرة بعد التعادل مع الاتحاد الليبي    الرئيس السيسي يستقبل رئيس مجلس إدارة مجموعة «إيه بي موللر ميرسك» العالمية    ميناء دمياط يستقبل 33 ألف طن قمح قادمة من روسيا    قالي عايز تتعلم ادخل شعبة ب1400.. طالب يقاضي والده أمام محكمة الأسرة: رافض يدفعلي مصاريف الكلية    مرشح وحيد للمنصب.. «الشيوخ» يبدأ انتخاب رئيسه الجديد    ضبط منادى سيارات اعتدى على سائق وطلب إتاوة فى الجيزة    اليوم.. استكمال محاكمة 37 متهما بالانضمام لجماعة إرهابية ب«خلية التجمع»    «شؤون التعليم والطلاب» بجامعة أسوان يناقش خطة الأنشطة الطلابية للعام الجديد    الدويري: خروج مروان البرغوثي سيوحد حركة فتح ويمنح الموقف الفلسطيني زخمًا    لا تدَّعِ معرفة ما تجهله.. حظك اليوم برج الدلو 18 أكتوبر    الثقافة: تعامد الشمس على وجه رمسيس الثانى من أعظم المعجزات الفلكية فى التاريخ    ياسر جلال بعد أداء القسم بمجلس الشيوخ: لحظة فخر ومسؤولية كبيرة    ما هو حكم دفع الزكاة لدار الأيتام من أجل كفالة طفل؟.. دار الإفتاء توضح    مركز الأزهر العالمى للفتوى الإلكترونية يوضح 7 فضائل لإطعام الطعام.. اعرفها    تعليمات جديدة من «الصحة» لضبط معدلات الولادات القيصرية في الإسكندرية    رئيس هيئة الدواء: 91% من استهلاك مصر ينتج محليا ومخزون المواد الخام يكفي 7 أشهر    ضمن «رعاية بلا حدود».. إجراء 64 ألف زيارة طبية منزلية لخدمة كبار السن وذوي الهمم بالشرقية    نجوى إبراهيم عن تطورات صحتها بعد الحادث: تحسن كبير واستكمل العلاج بمصر    ثلاث حفلات كبرى وندوات علمية في ثالث أيام مهرجان الموسيقى العربية    عبير الشرقاوي ترد على تجاهل ذكر والدها: نقابة المهن خسرت كتير    مجلس أمناء جامعة بنها الأهلية يوافق على إنشاء 3 كليات جديدة    الدفاع الأوكراني يتصدّى لهجوم جوي روسي واسع    دميترييف: العمل على فكرة النفق بين موسكو وواشنطن بدأ قبل 6 أشهر    ضبط محطة وقود لتصرفها في 13 ألف لتر سولار.. وتحرير محاضر لتعطيل أجهزة ATG بالبحيرة    100 مُغامر من 15 دولة يحلقون بمظلاتهم الجوية فوق معابد الأقصر    «الصحة» تواصل برنامج «درّب فريقك» لتعزيز مهارات فرق الجودة بالمنشآت الصحية    فيديو.. منى الشاذلي تمازح حمزة نمرة: أنت جاي تتنمر عليا    تعرف على عقوبة عدم التصويت في الانتخابات البرلمانية    زراعة 8000 شتلة على هامش مهرجان النباتات الطبية والعطرية في بني سويف    مواقيت الصلاة اليوم السبت 18 أكتوبر 2025 في محافظة المنيا    جولة لمدير الرعاية الصحية بالأقصر بوحدة طب أسرة طيبة لمتابعة خدمات المواطنين    رئيس وزراء مالطا يشيد بدور مصر في وقف حرب غزة خلال لقائه السفيرة شيماء بدوي    وزير الري: مواصلة إدارة الموقف المائي بصورة ديناميكية وفقا للرصد اللحظي في أعالي النيل والتنبؤات الهيدرولوجية    استقرار أسعار الدواجن والبيض في الأسواق المحلية بعد زيادة أسعار البنزين والسولار    تعادل مثير بين سان جيرمان وستراسبورج في الدوري الفرنسي    هل يجوز للمريض ترك الصلاة؟.. الإفتاء تُجيب    المصري هيثم حسن يقود تشكيل ريال أوفييدو أمام إسبانيول في الليجا    حكم التعصب لأحد الأندية الرياضية والسخرية منه.. الإفتاء تُجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فات الميعاد دراما هادئة تثير صخبا فى العمق
نشر في اليوم السابع يوم 23 - 07 - 2025

شهدت الدراما التليفزيونية المصرية عبر السنوات العشر الأخيرة شهدت فارقا كبيرا وملحوظا سواء على مستوى الجودة البصرية أو الفنية ككل . ذلك بعد أن خاض سينمائيون كثر تجربة الدراما التليفزيونية ، وأستطاعوا أن يضفوا على الدرما التليفزيونية مسحة سينمائية زادت من روعتها وإتقانها فى كثير من الأعمال.
فى مسلسل (فات الميعاد ) دراما ذكية ، تلمح منذ البداية مهارة مخرج يمتلك أدواته /سعد هنداوى يعرف كيف يدير الأشخاص والأشياء لتصنع مزيجا فنيا راقيا ورائقا .
يتألق نجمى العمل سلوى محمد على / عبلة وأحمد مجدى / مسعد فى مباراة فنية رائعة ، عبلة تلك الأم التى لا تتوانى عن قلب الحقائق بالباطل ، لكنها فى قرارة ذاتها تراها حقا وتدافع عنه حتى النهاية . فهى التى تعرف وترى وتسمع حجم الإهانات التى تتعرض لها زوجة أبنها أسماء أبو اليزيد / بسمة لكنها تراها بعين أخرى على أنها شيئا أعتياديا ، تماما كما تقتنع معظم الشعبيات والريفيات بأن ضرب المرأة بغرض التأديب مقبول شرعيا وإجتماعيا حتى ولو كان مجرد التعدى بالعنف محض إهانة وترويع لا يغتفر . عبلة التى تقوى قلب أبنها فى كل أخطاءه ولا تقومه قولا أو فعلا على العكس تبرر له وتلتمس له الأعذار حتى وإن كان مذنبا سارقا تم تجريمه وسجنه بالفعل . عبلة التى تتعاطف مع أبنها الأخر محمد على رزق / منعم لأنه لا يحسن إدارة حياته مثل أخيه ، فتتغاضى عن كونه تصرف فى مال أخيه وقت غيابه ودون علمه ولا تنطق ببنت شفة ، عبلة التى تتعاطف مع أبنائها فقط ولا تملك ذرة تعاطف مع غيرهم حتى وإن كانت المواقف متشابهة ، عبلة التى ترى أن الطلاق يعيب المرأة وحدها دون الرجل حتى وإن كان الرجل سببه الأول فى بعض الأحيان ، عبلة التى تجند أحفادها لنقل أسرار بيوتهم دون خجل .
هذا النموذج الأنثوى اللعين الذى دمر ومازال يدمر حياة الكثيرين تدميرا نفسيا وإجتماعيا ومؤكد بدنيا ، كان نتيجة ثقافة ذكورية تلبستها وتتلبسها كثيرات فى مجتمعاتنا حتى الأن . فلديهن قدرة على تكرار أفكار ذكورية بإمتياز غرضها الأول والأخير السيطرة لا أكثر ولا أقل .
ما الذى يدعو أما أن تستبيح لنفسها التدخل فى حياة أبنائها ، كى تحرمهم خصوصية وأمانا يستحقونه ؟ أنها الأفكار البالبة ، أفكار جميلة عاطفيا لكنها لعينة على أرض الواقع ، لماذا يجب أن يعيش الأبناء مع امهم فى نفس البيت بعد زواجهم ؟ عاطفيا لأن ذلك من أسباب الترابط الأسرى ورعاية الأم خاصة إن كانت بلا زوج ، عمليا وإجتماعيا كان ذلك سببا فى تعاسة وشقاء الكثيرين وأولهم الأبناء . لماذا برأيك وضع مجتمعنا الجميل الذكورى هذا العرف ؟ حبا وتبجيلا وتقديرا للأم الأرملة ؟ ربما ، لكنه فى الأغلب نوع من انواع السيطرة خلف لافتة جذابة .
فى مجتمعاتنا تتجذر بعمق ثقافة تؤمن بان المرأة عورة ، وناقصة عقل ودين حتى عندما خرجت دراسة تحمل نفس العنوان أقاموا الدنيا ولم يقعدوها و'حجب الكتاب قبل أن يقرأه أحد . هذه الأفكار الراسخة التى تم ترويجها عن جهل وإجتزاء بغرض السيطرة ، خلقت أوضاعا أجتماعية ترقى إلى درجة " الكارثة " لا يحق معها لأى أنثى أن تدير أمورها أو ترفض أوضاعا لا تناسبها أو تتجرأ لا قدر الله وتستمتع بحريتها فى تقرير مصيرها .
إذا استوعبت جيدا هذه التركيبة ستعرف أن عبلة ليست شخصية سيئة تتلف حياة الأخرين تحت لافتة الحب فقط ، لكنك ستعرف أنها منطق إجتماعى تم أستخدامه بمهارة وتحول مع الوقت لثقافة حمقاء تفرض نفسها بقوة على عقول الكثيرين .
كان طبيعيا ألا تتأقلم بسمة / أسماء أبو اليزيد مع هذه الحماقة الغاشمة التى تهدد أمنها الشخصى وسلامها النفسى الذى أعتادته وتربت عليه فى بيتها . مع أب محب حاضر دائما داعم وواعى محمود/ محمود البزاوى يتفهم أبنته ولا يردعها بحكم العيب والأصول . أب يقف إلى جوارها واحيانا خلفها حتى يحمى قراراتها هى وفقط فيما تحتاجه وترغبه وليس فيما يراه هو أو يرغبه أو يخاف صورته أمام احد . حب خالص وبرىء من أى جنوح للسيطرة .
عكس مسعد الذى تربى على يد عبلة . ذكر شرقى أصيل ومنقرض تماما كما وصفه دكتور محمد طه فى كتابه الذى يحمل نفس الأسم . تربى مسعد انه لا يجوز لزوجته أن تعترض وبالأخص لا يجوز لها ان تنفعل ويرتفع صوتها عليه . توقف معى ثانية عزيزى الرجل ، ربما تكون أنت أيضا تربية عبلة ، وربما تشعر بطريقة ألية بالغضب عندما ترفع أنثى صوتها عليك ، ربما لا تهم بضربها لأنك أرقى درجة ولكنك قد تكون غاضبا من داخلك ومنفعلا حد الجنون . هل أنت كذلك ؟
ربما يكون مسعد أيضا مزيجا محكما من المفاهيم الخاطئة ومركبات النقص داخله ، التى جعلته هو أيضا يرى حقه الأبدى فى حب بسمه بطريقته ووفق أفكاره . هو لا يرى نفسه جيدا مثل معظمنا . هو يرى فقط أنه يحبها وأنها " بتاعته " ملكه ولا يحق ان تكون ملكا لسواه . راجع معى عزيزى القارىء كم مرة رددت أنت شخصيا او سمعت كلمة " أنت بتاعتى " من حولك ؟ أنه نوع من الخلل النفسى ، خلل لا يسمح لأى أحد أن يعرف حدوده الشخصية جيدا . نحن لا نعرفها لأننا لم نتربى عليها .
تمنحنا ثقافتنا العربية حقا باطلا فى مراقبة الأخرين والتدخل فى شئونهم ربما مردة لفهم خاطىء لتعاليم الدين الإسلامى عن ما يخص وحدة الجماعة وقوة الأمة ، فهم يمنح البعض حقا باطلا فى الحكم على الأخرين ، على تدينهم ، على ملبسهم ، على طريقة كلامهم وحتى على أفكارهم . نحن نستبيح الأخرين ولا نحترم خصوصياتهم ونفرض تصنيفا إجتماعيا وماديا وشكليا وشخصيا على كل من حولنا دون أن يطلب منا أحد ذلك . نحن " ملوك تصنيف البشر " أتعرف كيف يحلل علماء النفس هذه التركيبة ؟ إنها تركيبة تفتقر إلى الثقة بالنفس وتنتقص من الأخرين دائما لأنها ترى نفسها ناقصة فى قرارة نفسها وتعوض نقصها بالتعدى على حقوق الأخرين تماما كما يفعل مسعد .
مسعد الناقص فى قرارة نفسه وأفكاره بدرك أن هناك فجوة بينه وبين بسمة من البداية ، وحسن فعل فريق الكتابة – إشراف على الكتابة محمد فريد ، سيناريو وحوار إسلام أدهم - بألا يغوص فى كل التفاصيل فى كل مواضع العمل حتى يترك لنا حرية تكميلها . تلك الفجوة التى تشعره دائما انه قليل امامها ، أمام طموحها فى مسكن منفصل فى منطفة افضل تؤمن مستقبلا معقولا لأطفالهما فى المستقبل . مسعد الذى يتركها تجمع الأموال وتبحث عن الشقة وفى نهاية المطاف يستولى على أموالها حتى دون أن يستأذنها ، هو نفسه الذى لا يتردد فى ضربها حينما تثور وتمنح فعلته تلك أسمها الفعلى " سرقة " . وفى كل مرة لا يستطيع السيطرة على مركبات نقصه وذكورته المريضة يتطاول عليها بالضرب متوقعا أن تسامحه وتغفر له ذلة وقت غضب تماما كما علمته عبلة .
مسعد المقتنع تماما بأن بسمة " بتاعته " لا يحق لها الطلاق ولا المطالبة بأثاثها التى أشترته بحر مالها . هو نفس الذكر الشرقى الذى نقرأ عنه كل يوم فى قضايا محاكم الاسرة . لا يستوعب ولا يقبل أن ترفضه أنثى ، و لا يتردد فى ظلمها قيد أنملة عقابا لها على فعلتها ، فنراه يبدد قائمة أثاثها التى تخصها ودفع أهلها ثمنها ويستبدلها بأشياء بالية لا تساوى شيئا ، ونراه يتنصل من دفع نفقة شرعية لها ولأبنائها تضطر معها المرأة خاصة التى بلا عائد مادى ان تجرى بين المحاكم حتى تثبت دخل طليقها الحقيقى الذى يتفنن هو عبر ثغرات القانون فى إخفائه حتى لا تتمتع هى وأولادها بشىء منه ، متناسيا تماما أبنائه وهو الرجل الشرقى الذى يعرف الأصول ، أصول يعرفها ويستخدمها وقت الحاجة فقط . تماما كما يفعل مسعد ، حينما يلين لطلب شقيقته فى الطلاق داعما لها ومقدرا لرغبتها ، لكنه فى نفس ذات اللحظة ينكر على بسمة رغبتها وإرادتها الحرة . مسعد الذى يسرق فى مشاهد بديعة أداها أحمد مجدى بأحترافية وحساسية شديدة خاصة فى مشهد تفتيش العاملين داخل حافلة المصنع بحثا عن هاتف ضائع ، فى هذا المشهد وبدون كلمة واحدة أستطاع أحمد مجدى أن يشعرنا برعبه البالغ وتقلب ألوان وجهه وطلب التواطىء معه دون كلمة واحدة . هو نفسه مسعد الذى يسعى جاهدا وبأى شكل أن تعرف بسمة أنه لم يكن سارقا وأنه سٌجن ظلما ويهتانا . مسعد الذى يسعى بكل الطرق خيرها وشرها أن يضم أبنته لحضانته ، ليس حبا خالصا لأبنته ولكنه مرة اخرى نكاية فى طليقته حتى النهاية . ملوحا لنا بورقة قميئة يستخدمها الأباء مرة أخرى تحت لافته الحب كى يسيطرون أو ينتقمون باللأحرى من مطلقاتهم " حضانة الأبناء " .
ينبغى ألا ننسى قطاعا من الأباء المحترمين الذين لا يعانون مركبات نقص كما مسعد ويحملون حبا خالصا لأبنائهم ويجدون فى قانون الرؤية إهانة كبيرة فى حقهم وحق أبنائهم . لكن الدراما كما الفن عموما تبرز الشاذ حتى ننتبه إليه ونعالجه . وكى نسأل الأسئلة الواجبة : لماذا ينتفى حق الزوجة فى حضانة أبنائها البديهية فترة الطفولة بمجرد زواجها ؟ لماذا بحق السماء يجوز لطليقها أن يتزوج على الملأ ويسعد وهى لا ؟ هل تعلمون عدد المطلقات اللاتى أضطررن للزواج بشكل عرفى تماما كما فعلت بسمة كى لا تٌحرم من صغارها ؟ لماذا ؟ . و لماذا لم يفلح المشرعون حتى الأن فى تجاوز نقاط عفى عليها الزمن . لماذا لا يجدون مخرجا منطقيا عبر قوانين رادعة للطرفين تضمن حقوقا عادلة وأوضاعا منصفة للطرفين ؟ لماذا تشوب بعض القوانين شائبة ذكورية ؟ لماذا لا يحق للمرأة أن تدير شئون أبنائها التعليمية دون اللجوء إلى الوصاية التعليمية تماما كما الأب ؟ لماذا لا يجوز للمرأة أن تسافر مع أولاادها دون إذن الأب بينما هو يستطيع وقتما يشاء؟ لماذا لا يجوز للمرأة حتى أن تستخرج قيد عائلى يحمل أسمها هى لا الزوج حتى وإن كان ميتا ؟ أو طلقها ؟ ومئات الأسئلة الأخرى . ربما لا يطرحها فات الميعاد لكنه يذكرنا بها شئنا أم أبينا .
يقدم لنا فات الميعاد دراما من النوع الراقى ، التى تحترم العقل والوجدان دون إسفاف أو أبتذال لا يقتصر وجودهما فقط فى نوعية دراما الأكشن أو البهارات الحارة التى أرهقت المشاهدين وأثرت سلبا فى جيل من المراهقين بلا شك ، لكن الإسفاف والإبتذال يطالان نوعية أخرى من الدراما دراما المنتجعات السكنية الجديدة أو " كمباوندات البلاستيك " كما أسماها البعض حيث القصور والفلل والسيارات الفارهة التى من الأفضل ألا يراها على الشاشة مجتمع اكثر من نصفه تحت خط الفقر فتأجج أحقاد إجتماعية تشعلها مواقع التواصل الإجتماعى ليل نهار . فى دراما غريبة على ذائقة العوام وحيث ممثلات تتركز مهارتهن فى حجم نفخ الخدود والشفاه دون أى حجم يذكر للمهارة الفنية .
تم اختيار الممثلين بعناية فائقة فى مسلسل فات الميعاد ، رغم أختلاف التوليفة والأدوار المتوقعة وهذا يحسب لمخرج العمل . كما يحسب له إدارة الممثلين وإيقاع العمل ككل ، ففى كثير من الأحيان لا نجد تفاصيل متعددة تشرح تسلسل الأشياء ، لكن مهارة الحذف تضاهى أحيانا كثيرة وربما تتفوق على مهارة الإضافة فى العمل الفنى ، وحسنا فعل فى كثير من المحذوفات . إلا فى بعض المواضع التى تترك تساؤلا يحتاج إلى توضيح : مثلما أنقضت عقوبة مسعد فى السجن وخرج لحسن السير والسلوك ، لم يٌكتب كم من الوقت مر لكن الملاحظة أن مصطفى الطفل المتبنى لمعتصم كان أكبر سننا من أبنة بسمة ، وبعد إنقضاء الوقت وجدنا ريم تبدو أكبر من مصطفى دون منطق .
وفى بعض المواضع الأخرى كان ملحوظا أن السيناريو أهمل - ربما عن قصد- حضورا متوازيا لباقى الشخصيات ، فجاء الحضور لعدد كبير من الشخصيات بمثابة ضيوف شرف على مدى طويل ، سواء كانوا نجوما كبار مثل محمد أبو داوود ، محمود البزاوى ، حنان سليمان ، التى كان حضورها بالفعل شرفيا . أو حتى النجوم الشباب الذين أبدعوا كل فى دوره بشكل لافت وممتاز : محمد على رزق ، فدوى عابد ، محمد خميس ، محمد السويسى ، هاجر عفيفى ، عماد إسماعيل ، ولاء الشريف ، كريم أدريانو . والوجه المميز يوسف وائل نور.
لقد أجاد السيناريو فى رسم كل شخصية على نحو رائع دون أن يشتتنا عن خطنا الأساسى وقصتنا الأساسية ، قصة مسعد وعبلة وليست مسعد وبسمة . بسمة التى أجادت الدور بشكل لا جدال فيه ، لكن مسحة من روح مفقودة أو ضائعة أو غارقة فى شىء ما غلبت أداء الوجة المصرى الأصيل والمميز لأسماء أبو اليزيد ، فدائما ما تألقت فى معظم الأدوار التى قدمتها كدورها فى مسلسل ( صلة رحم ) تنصهر أسماء أبو اليزيد ببراعة ملحوظة مع الدور وكأنها هى الشخصية بكل حذافيرها إلا هذا الدور ، الذى أدته بشكل جيد لكنه جاف ، الأمر الذى يدفعك فى بعض الأحيان أن تشعر أن هناك لوح من الزجاج بينكما .
كما أجاد السيناريو فى رسم الشخصية السوية الأهم فى هذا العمل وهى شخصية معتصم / أحمد صفوت الذى جاء دوره فى البداية فى منطقة وسط ومحيرة من هو ؟ وماذا يريد ؟ هل هو سوى أم مختل أيضا !! وبرع أحمد صفوت فى أداء الدور بشكل لافت يحسب له فى كل المشاهدد ، خاصة مشهد وفاة الوالد ، الذى كان أروعها على الإطلاق . فقد مهدنا نفسيا سعد هنداوى لأن شيئا ما سيحدث للوالد ، ربما وفاته . لكنه لم يشأ أن يكون أستنتاجا منطقيا بتغيبه وتجاوزه فى المشهد التالى . أراد مخرج العمل أن يصنع مشهدا مميزا ومؤثرا فأوهمنا بالنهاية وعاد بمعتصم يحتضن الوالد المتوفى مكلوما باكيا فى مشهد مكتمل الأركان .
أجاد سعد هنداوى فى أختيار كافة العناصر الفنية فى هذا العمل الجيد ، بداية بالممثلين وإنتهاءا بالتصوير الذى أداره ببراعة فنية مدير التصوير زكى عارف ، صاحب البصمة الفنية المميزة . وما بينهما من موسيقى تصويرية لعزيز الشافعى وإشراف فنى وديكور رضوى شعبان ، التى اعدت ديكورا وعناصر فنية متناغمة ومتناسقة وتخدم الدراما تماما مثل ديكور منزل مسعد وبسمة ، ، فالمنزل فى منطقة شعبية لكن الأثاث والديكور ينتمى لبسمة التى جاءت من طبقة أعلى قليلا وكونه أنيقا بدرجة لا تتناغم مع المنزل نفسه ولا مكانه يمنحنا شعورا تلقائيا بعدم التوافق تماما كعلاقة مسعد وبسمة . لكن الديكور الأنيق لمنزل راغب ووفاء لم يقدم منطقا دراميا على الإطلاق ، فراغب القادم من نفس بيئة وفاء الشعبية كبف لهما أن يضعا لوحة فنية بطريقة معاصرة فى منزلهما ؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.