لا تزال بعض مشاهد القيادة فى شوارعنا تثير الدهشة والقلق، بل وتدق ناقوس الخطر يوميًا، فهناك من يعتقد أن الطريق ملكية خاصة، وأن القيادة الجنونية وخرق القوانين نوع من المهارة أو الشجاعة، غير مبالٍ بسلامة الآخرين أو حياته هو شخصيًا. من المؤسف أن تتحول الطرق إلى مضمار سباق، لا يُراعى فيه قانون ولا يُحترم فيه إنسان، إن السير بسرعات جنونية، وعكس الاتجاه، وتجاهل قواعد المرور أصبحت سلوكيات مألوفة فى شوارعنا، وكأن الأرواح رخيصة، وكأن الدماء التى تُراق على الأسفلت لا تعنى شيئًا. الأدهى من ذلك، أن الكثير من الحوادث القاتلة ترتبط بتعاطى السائقين للمواد المخدرة أثناء القيادة، وهو أمر كارثى بكل المقاييس، وفى مثال صادم، تم ضبط 60 حالة تعاطى مخدرات بين السائقين على الطريق الإقليمى فى يوم واحد فقط، ورغم ما خلفته الحوادث المتكررة من مآسٍ، لا يزال بعض السائقين يمارسون الإهمال واللامبالاة بشكل فاضح. وفى مواقف متكررة، نرى سائق ميكروباص يرفض تهدئة السرعة رغم توسلات الركاب، بل يزيد من سرعته وكأنه فى تحدٍ واضح وسباق لا بد أن يفوز به، ناسياً أن بين يديه أرواحًا أبرياء يشعرون بالرعب والذعر، بل وصل الأمر إلى قيادة أطفال لسيارات نقل وميكروباص فقط لأنهم "يجيدون القيادة"، بلا أى ضوابط ولا قواعد مرورية سليمة. وفى مشهد أشبه بالكوميديا السوداء، وبينما كان الفريق مهندس كامل الوزير يتحدث عن تطوير الطريق الإقليمي، مرت خلفه سيارة تسير عكس الاتجاه فى لقطة تجسّد بوضوح أزمة "ثقافة الطريق" التى نعانى منها، وتُظهر تحديًا صريحًا للقانون، وكأن السائق يخبر الجميع أنه لا يخاف من أى شيء، ولا يهتم بقواعد وثقافة الطريق. ولم تعد هذه التجاوزات مقصورة على سيارات الأجرة، بل امتدت إلى شاحنات النقل الثقيل التى تتسابق على الطرق السريعة وكأنها تستعرض قوتها، ناشرة الرعب والذعر فى نفوس السائقين والمارة فى نفس الوقت، وقد رصدت عدة فيديوهات مؤخرًا، وتمكنت الأجهزة الأمنية من ضبط بعض المتجاوزين. ورغم جهود وزارة الداخلية، والمرور، بشكل كبير، والانتشار الواسع للرادارات، والكمائن لفحص التراخيص وضبط المخالفين، إلا أن ذلك يبدو أنه لا يهدد السائقين الذين ما زالوا يسيرون بلا رخص، أو حتى تحت تأثير المخدرات، ولا يخافون من الوقوع تحت طائلة القانون، ولهذا يجب معرفة أن أرواح الناس ليست لعبة مع المحافظة عليها، حتى ينتهى سيل الدماء على الأسفلت بشكل نهائى.