جاء فصل الصيف مع موسم الإجازات ولكن.. هذا الصيف يختلف اختلافا جذريا عن أى صيف لاسيما بعد أحداث الثورة المجيدة، وما أدراك ما الثورة المجيدة. يمتلك البعض وقت فراغ كبير خصوصا أولئك الشباب الذى اتخذوا من نواصى الطرق مستقرا لهم. وإذا كنا ننظر إلى وقت الفراغ على أنه مرتبط بالكسل والخمول، فإن مثل هذه النظرة يجب أن تتغير إلى الإحساس بمدى أهمية استغلال هذا الوقت لصالح الفرد والمجتمع، لأن كل مفقود يسترد الإنسان إلا الوقت فإن ضاع لا يسترد. ومن الغفلة أن يألف أقوام النوم حتى الظهر، فتطلع عليهم الشمس وهو يغطون فى النوم فى حين تطلع على آخرين وهم منهمكون فى وسائل معاشهم ومصالح مجتمعاتهم. وإذا أدركنا قيمة الوقت وقدرناه حق قدره لاحتجنا إلى أن ترضعه الأمهات مع لبن الأطفال حتى يتشرب الجيل وتتأسس الأمة على هذا المفهوم الخطير. ويقول الحسن البصرى "رضى الله عنه": "أدركت أقوام كان أحدهم أشح على عمره منه على درهمه لأن العمر إذا ضاع فات ولم يعوض، أما الدرهم إذا ارتحل يوما يكون أن تعوضه فى يوم آخر". والعاقل ينتبه إلى أن الفراغ لا يبقى فراغا لكنه لا بد أن يمتلئ إما بخير وإما بشر. وقال أيضا الحسن البصرى "رضى الله عنه": "نفسك إن لم تشغلها بالحق، شغلتها بالباطل". ونحن نرى الأعداد قد هونوا لنا قيمة الوقت لحاجة فى أنفسهم لا تخفى على لبيب مع أنهم على علم كاف بمدى خطورة الوقت وأهميته. وعن ابن عباس "رضى الله عنهما" قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ" رواه البخارى. وقال أيضا: اغتنم خمسا قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك"، صدق رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم. حقا.. إنه من الظلم أن نصف الوقت بأنه من ذهب.... لأن الوقت أنفس وأغلى من الذهب.