رابط تنسيق الشهادات المعادلة 2025.. جدول اختبارات القدرات للقبول بالجامعات    «الأطباء البيطريين» تدعو لعقد جمعيتها العمومية العادية في 29 أغسطس الجارى    السيسي يصدق على ربط موازنة المتحف المصرى الكبير لعام 2025-2026    وزير الإسكان: 18 و19 أغسطس الجاري..إجراء 3 قرعات علنية لتسكين المواطنين بأراضي توفيق الأوضاع بالعبور الجديدة    الكويت تدين بشدة تصريحات رئيس وزراء إسرائيل بشأن اقتطاع أقاليم من دول عربية    بعد تعرضه لإساءات عنصرية.. توتنهام يدعم «تيل» في بيان رسمي    الزمالك يصرف مقدمات عقود لاعبيه للموسم الجديد ويعد بالانتظام في المستحقات    عاجل.. الأهلي يتجه لطلب حكام أجانب لمباراته أمام بيراميدز بالدوري    7 أخبار لا تفوتك اليوم الخميس    تسليم لجان امتحانات الدور الثاني بالثانوية العامة لرؤسائها استعدادًا لانطلاقها السبت    رسميًا.. جدول امتحانات الثانوية العامة الدور الثاني 2025 كامل pdf    ماركوس عريان يكشف تفاصيل صناعة تريلر «درويش»    25 ألف.. هل سيتم سحب فيلم "المشروع X"؟    وزير الخارجية والهجرة يلتقى وزير الاستثمار والتجارة الخارجية    محافظ الدقهلية يأمر بإحالة المتغيبين عن العمل بمستشفى تمى الأمديد للتحقيق    أسامة نبيه: حققنا مكاسب كثيرة من تجربة المغرب    السودان يرحب ببيان مجلس الأمن الذي يدين خطط الدعم السريع لتشكيل حكومة موازية    إسرائيل تحذر لبنانيين من الاقتراب إلى مناطقهم الحدودية جنوب البلاد    جريمة صادمة في القليوبية| "خطف طفل" أمام منزل والدته والداخلية تكشف التفاصيل.. فيديو    تخفيض مؤقت لسرعة قطارات وجه قبلي بسبب ارتفاع درجات الحرارة    علشان يسرق فلوسه.. قليوبي ينهي حياة جاره المسن داخل منزله    كيف تحصل على شقة بديلة للإيجار القديم؟.. اعرف الخطوات    الرقابة المالية تصدر معايير الملاءة المالية للشركات والجهات العاملة في أنشطة التمويل غير المصرفي    بعد تحويل بدرية طلبة للتحقيق.. رانيا محمود ياسين للجمهور: لا تخلطوا الأوراق    قصور الثقافة بالمنيا تحتفي بوفاء النيل بعروض الفنون الشعبية    محافظ الدقهلية: لا تهاون مع المقصرين وتحقيق فورى للمتغيبين بمستشفى تمى الأمديد    انطلاق منافسات نصف نهائى السيدات ببطولة العالم للخماسى الحديث تحت 15 عاما    الائتلاف المصري يستعد لمراقبة انتخابات الإعادة: خطط عمل وأدوات رصد للتنافسية داخل 5 محافظات    صوت وطنى مهم فى لحظات فارقة    بيان رسمي.. توتنهام يدين العنصرية ضد تيل بعد خسارة السوبر الأوروبي    شقيقة زعيم كوريا الشمالية: لا نرغب فى تحسين العلاقة مع الجنوب.. وتنفي إزالة مكبرات الصوت    خارطة طريق للمؤسسات الصحفية والإعلامية    21 عاملا.. ننشر أسماء ضحايا ومصابي حادث عمال الإسماعيلية    سعر الأسمنت اليوم الخميس 14- 8-2025.. بكم سعر الطن؟    «الأعلى للطاقة» يناقش توفير القدرة الكهربائية ل14 مشروعًا صناعيًا جديدًا    إي إف جي القابضة تواصل مسيرة النمو الاستثنائية بأداء قوي خلال الربع الثاني من عام 2025    عمر الشافعي سكرتيرًا عامًا وإيهاب مكاوي سكرتيرًا مساعدًا بجنوب سيناء    حين امتدّ السيف الورقى من المجلة إلى الجريدة    الليلة.. انطلاق فعاليات الدورة الثالثة من «مسرح الغرفة والفضاءات» بالإسكندرية    السيسي يوجّه بتحويل تراث الإذاعة والتلفزيون المصري إلى وسائط رقمية    تطورات الحالة الصحية للفنانة الكويتية حياة الفهد.. جلطة وممنوع عنها الزيارة    ما حكم اللطم على الوجه.. وهل النبي أوصى بعدم الغضب؟.. أمين الفتوى يوضح    قرار قاسي في انتظاره.. تفاصيل عفو الزمالك عن فتوح وشرط جون إدوارد    درجة الحرارة اليوم.. احمي نفسك من مضاعفاتها بهذه الطرق    طريقة عمل الفراخ في الفرن في خطوات سريعة    حصول معملي الوراثة الخلوية ووحدة المناعة بالمعهد القومي للأورام على الاعتماد الدولي    ضبط موظف بمستشفى لاختلاسه عقاقير طبية ب1.5 مليون جنيه    الداخلية تكشف تفاصيل إجبار سيدة على ركوب سيارة تحت تهديد السلاح    فرنسا ترسل تعزيزات لدعم إسبانيا في مكافحة الحرائق    رئيسة القومي للطفولة تزور الوادي الجديد لمتابعة الأنشطة المقدمة للأطفال    ريبيرو يراجع خطة مواجهة فاركو في المران الختامي للأهلي    مع اقتراب موعد المولد النبوي 2025.. رسائل وصور تهنئة مميزة ب«المناسبة العطرة»    100 منظمة دولية: إسرائيل رفضت طلباتنا لإدخال المساعدات إلى غزة    خالد الجندي: حببوا الشباب في صلاة الجمعة وهذه الآية رسالة لكل شيخ وداعية    «100 يوم صحة» تُقدم 45 مليونًا و470 ألف خدمة طبية مجانية في 29 يومًا    أدعية مستجابة للأحبة وقت الفجر    التايمز: بريطانيا تتخلى عن فكرة نشر قوات عسكرية فى أوكرانيا    في ميزان حسنات الدكتور علي المصيلحي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عام ميلاديّ جديد
نشر في المصريون يوم 04 - 01 - 2011

عام ميلاديّ مضى بكل ما مرّ فيه من تجارب وهموم ومشاكل، وعام ميلادي جديد يستقبله الناس على اختلاف مشاربهم ونحلهم ما بين مفكّر فيما مضى، وما بين مشغول بما هو آت، والعمر أيام مجموعة فمن مرّ يومه مرّ بعضه، ومن مرّ بعضه يوشك أن يمرّ كله. وقد قيل: من تساوى يوماه فهو مغبون، ومن كان يومه شرًا من أمسه فهو ملعون.
كان الناس قديما يتعاملون مع مرور الأعوام بمنطق غير الذي صرنا نتعامل به، كان مرور الأيام والسنين يزيدهم حكمة وتعقلا وتعلمًا من الزمن وأيامه واكتنازا لدروسه وعبره، فأصبح مرور الأيام يزيدنا شره وتطلعات مادية لا تنتهي ولا يمكن تلبيتها، وأحسب أن تزايد الشرهة للاكتناز المادي وتكثير الأموال بأثر من تزايد معدلات العلمنة، فجوهر العلمانية هو الاهتمام بالآني والعاجل من الأمور، وسيادة الأفكار البرجماتية، والبرجماتي لا ينظر إلا تحت قدمه، لا صبر عنده لغد، ولا يقين لديه في مستقبل، ولا احتمال بالخير قادم، هو يحصر ما يريد فيما بين يديه وتحت قدميه وما تقع عليه عيناه.
وما بين طموحات بالاستكثار المادي لا تنتهي وأعوام تمر أو بالأحرى تتسرب بين أيادي البشر كما يتسرب الماء من كف الصغير وكما يقبض الكبير على الريح تنتهي الحياة. وكذلك السنين والأعوام، كل عام فجر جديد لا يعود إلى يوم القيامة، أيام تنتهي وأعمار تمر يحسبها الإنسان جامدة وهي تمر مر السحاب، صحيح يبدو أنها تمر ببطء لكن كل يوم يمر لا يعود، وكل عام يقربنا من الموت أكثر ومن مات قامت قيامته ولا يجد أمامه إلا ما قدم إن كان خيرا فليحمد الله، وإن كان غير ذلك فلا يلومن إلى نفسه.
كان الحسن البصري دائما يردد: (ما من يوم ينشق فجره وإلا وينادي يا ابن آدم: أنا خلق جديد وعلى عملك شهيد، فاغتنمني فإني لا أعود إلى يوم القيامة).
وفي الحديث يقول عليه الصلاة والسلام " (أعذر الله إلى امرئٍ أخَّر أجله حتى بلغ ستين سنة). وقال الحسن البصري: (أدركت أقواما كانوا على أوقاتهم أشد منكم حرصا على دراهمكم ودنانيركم). وقال عمر بن عبد العزيز: (إن الليل والنهار يعملان فيك فأعمل فيهما).
وقديما قالوا: (من علامة المقت إضاعة الوقت). والوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك، والحياة هي مراقي الفلاح، في مدارج السالكين إلى رب العالمين، وما أصدق ما قال الإمام حسن البنّا عليه الرحمة والرضوان "الوقت هو الحياة". وكان يؤكد دائما على محبيه وتلاميذه: "أن الواجبات أكثر من الأوقات".
وكان السلف يعتبرون من كفران النعمة ومن العقوق للزمن أن يمضي يوم لا يستفيدون منه. قال ابن مسعود رضي الله عنه: (ما ندمت عل شيء ندمي على يوم غربت شمسه نقص فيه أجلي ولم يزد فيه عملي).
ومن مواعظ ابن الجوزيّ: "يا من قد وهى شبابه، وامتلأ بالزلل كتابه، أما بلغك أن الجلود إذا استشهدت نطقت؟! أما علمت أن النار للعصاة خلقت؟! إنها لتحرق كل ما يلقى فيها، فتذكر أن التوبة تحجب عنها والدمعة تطفيها".
كم من جداول لضبط الحياة وتنظيمها لا تتم، وكم من وعود بالصلاح لا توفى، وكم من نيات صادقة لم يتبعها عمل، وكم من أماني علقناها على وجود فراغ لم يأت.
وكانت من رعونات النفس التي قال فيها ابن عطاء: "إحالتك الأعمال على وجود الفراغ من رعونات النفس". صحيح، أي رعونة هذه التي تعلّق على ما لا يأتي وتشترط ما لا يحدث.
والإحالة على الشيء هو التعليق عليه والمراد هنا توقف الأمر عليه بحيث لا يتوجه له حتى يتيسر وجوده، والفراغ من الشيء خلوه منه وفراغ القلب خلوه مما يشعر به وفراغ الجوارح خلوها من الأشغال والرعونة نوع من الحمق.
يقول ابن عجيبة في شرحه لتلك الجوهرة من جواهر حكم ابن عطاء الله: "من آداب العارف أن يكون كامل العقل ثاقب الذهن، ومن علامة العقل انتهاز الفرصة في العمل ومبادرة العمر من غير تسويف ولا أمل إذ ما فات منه لا عوض له وما حصل لا قيمة له وفي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ألا وإن من علامة العقل التجافي عن دار الغرور والإنابة إلى دار الخلود والتزود من سكنى القبور والتأهب ليوم النشور. وقال صلى الله عليه وسلم: الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والأحمق من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني، وفي صحف إبراهيم عليه السلام: وعلى العاقل ما لم يكن مغلوبا على عقله أن تكون له ساعات: ساعة يناجي فيها ربه عزّ وجل، وساعة يحاسب فيها نفسه، وساعة يتفكر فيها في صنع الله عز وجل، وساعة يخلو فيها بحاجته من المطعم والمشرب.
وعلى العاقل أن لا يكون ظاعنا إلا لثلاث: تزوّد لمعاد، أو مَرَمَّةٍ لمعاش، أو لذة من غير محرم.
وعلى العاقل: أن يكون بصيرا بزمانه، مقبلا على شأنه، حافظا للسانه، ومن حسب كلامه من عمله قل كلامه إلا فيما يعنيه.
فإحالتك الأعمال وتأخيرها إلى وقت آخر تكون فيه فارغ القلب أو القالب من علامة الرعونة والحمق وهو غرور ومن أين لك أن تصل إلى ذلك الوقت، والموت هاجم عليك من حيث لا تشعر، وعلى تقدير وصولك إليه لا تأمن من شغل آخر يعرض عليك وفراغ الأشغال من حيث هو نادر لقوله عليه السلام نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ. أي كثير من الناس فقدوهما وغبنوا فيهما إذ كثير منهم لا تجده إلا مشغولا بدنيا أو مفتونا بهوى ومريضا مبتلى. ومفهوم الكثير إن القليل من الناس رزقهم الله الصحة والفراغ فإن عمروهما بطاعة مولاهم فقد شكروا وربحوا ربحا عظيما، وإن ضيعوهما فقد خسروا خسرانا مبينا وكفروا بهاتين النعمتين فجدير أن يسلبا عنه. وهو أيضا من علامة الخذلان، والخذلان كل الخذلان أن تقل عوائقك ثم لا تقبل عليه، فالواجب على الإنسان أن يقطع علائقه وعوائقه ويخالف هواه ويبادر إلى خدمة مولاه ولا ينتظر وقتا آخر.
والبصير الصادق من يضرب في كل غنية بسهم لا تجده مشغولا إلا: بفكرة، أو نظرة، أو ذكر، أو مذاكرة، أو خدمة دين، أو إنهاض أمة، أو إقالة عثرة، أو عمل لمحتاج، أو شغل لاعفاف، أو تربية لأسرة. وهي الانشغالات العشر بين الضرورة والاحتياج، وما بين الواجب والمباح، وما بين حقوق الفرد وحقوق الأمة. والعاقل من قطع عوائقه ونظّم علائقه.
من خير الكلام:
أوحى الله إلى داود: يا داود، لو يعلم المدبرون عني شوقي لعودتهم ورغبتي في توبتهم لذابوا شوقا إلي، يا داود، هذه رغبتي في المدبرين عني، فكيف محبتي في المقبلين عليّ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.