يعانى كثير من الأفراد فى المجتمع المصرى من الفراغ العاطفى أو الجفاف العاطفى كبارا وصغارا مما يشعر الفرد برتابة الحياة والملل فيها ويشعر أيضا بأنه وحيدا فى هذه الحياة، سواء أكان رجل أو امرأة ولا يجد من يشعر به، وتأتى الخطورة وتكمن أكثر حينما يشعر أب الأسرة أو الزوج بهذا الشعور مما يجعله يتمنى أن يتخلص من هذا الفراغ القاتل ويغير هذه الظروف المحيطة به ويفكر فى أبغض الحلال عند الله وهو الطلاق فهو الحل الأمثل من وجهة نظره للتخلص من هذا الفراغ العاطفى الذى يشعر به وهو أفضل عنده من الوقوع فى الرزيلة والخطأ الذى يغضب الله عز وجل منه، وأجد أن الزوجة هنا هى المسئولة الأولى فى ذلك فهى زوجته والراعية فى بيت زوجها وهى مسئولة عن رعايتها له أيضا وليس أولادها فقط ولم تحاول أن تشغل فكره وعاطفته بها وأمعنت فى نكران مطالبه الجسدية ولم تعطه حقه فيها وكثيرا من الأزواج من يشتكون من زوجاتهم بأنها لم تعد تحبه ولا تلبى له طلباته الغريزية فماذا يفعل ؟ ويصفها بالبرود الجنسى، ولذلك يلجأ للبحث عن امرأة أخرى يجد فيها ما لم يجده فى زوجته، ونصيحتى لهذا الزوج أن يصبر على زوجته ويشرح لها ما يعانيه من فراغ قاتل لكل مشاعره وأحاسيسه ويكون صريحا معها ويكشف لها نواياه فى الزواج بغيرها، إذا لم تساعده على الحياة السعيدة والهانئة معها. وكذلك المرأة يمكن أن تشعر هى أيضا بهذا الفراغ أو الجفاف العاطفى هذا إذا أهملها الزوج ولم يراع الله فيها وفى مشاعرها ولم يلب مطالبها وحقها عليه ولذلك تشعر بأنها مهملة وغير مرغوب فيها وتبدأ فى الإحساس بهذا الفراغ العاطفى مما يجعلها تستجيب لأبسط كلمات الإعجاب بها من أى رجل غريب عنها، ولكن الوضع هنا مختلف فالزوجة لا يحق لها أن تتزوج على زوجها ولكن هذا من الحقوق التى أعطاها الله عز وجل للرجل فقط (مثنى وثلاث ورباع) فهو القائد لهذه الأسرة وهو من يختار زوجة لكى يملأ هذا الفراغ العاطفى التى تقدمه الزوجة له، و لكن نصيحة لكل زوج لا تترك زوجتك عرضة لهذا الفراغ العاطفى كى لا تنهار أسرتك ويضيع أبناؤك وتضيع الثقة أيضا بينكما، وتقام علاقات محرمة ينتج عنها أبناء فى الحرام وينسبون لك، وأنا لا أشكك فى الزوجة ولكن أوضح مدى خطورة هذا الفراغ العاطفى على الأسرة كلها فهو يهدد كيانها كلها، ويتشرد فيها الأبناء ولا يجدون من يرعاهم ويخاف عليهم وتنهار حياتهم كلها أيضا بتفكك هذه الأسرة وضياعها، وبالنسبة للأبناء فالابن الأكبر يجب أن يعامل معاملة كرجل ينوب عن الأب عند غيابه فيشعر بأنه عضو فعال فى الأسرة وليس كم مهمل وخصوصا فى فترة المراهقة نجد الكثير من أبنائنا يشعرون بملل يملا حياتهم وفراغ عاطفى كبير ناتج عن أسباب كثيرة من أهمها إهمال الأب والأم لهم، فالأب أصبح مشغولا ولم يعد يحنو على أولاده كما فى الماضى ولا يعرف حتى المشاكل التى يعانون منها ولا حقيقة مشاعرهم ومراحل النمو التى يمرون بها بأعمارهم المختلفة فهو لا يتحدث كثيرا معهم ولا يجلس حتى لتناول الغذاء معهم فكل فرد يأكل بمفرده، فيشعرون بهذ الفراغ الأسرى والعاطفى القاتل لكل موهبة لديهم ويقضى حتى على كل أمل يريدون تحقيقه، وكم من موهبة دفنت لهذا السبب فلم يهتم بها الوالدان ولم يعملا على نموها حتى تكبر، وأرجو من كل أب أو أم أن يهتم بأبنائه ويحنو عليهم فهم ثمرة مجهوده وتعبه فى الحياة فهو يعمل من أجل إسعادهم، فعليه أن يساعدهم على حل مشاكلهم ويوجههم فى كيفية التخلص منها كى لا يلجأون لغيره فى حلها أو الهروب منه كى يجدوا الخلاص لمشاكلهم العاطفية وليعمل الأب جاهدا أن يزوج ابنه أو بنته بما يتناسب لهما ويراه كفء لهما ويكون ذو خلق ودين أو ذات خلق ودين كما قال لنا الرسول الكريم ( إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه ) صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويحاول الأب أو الأم أن يملأ فراغ أبنائهم بما ينفعهم من علم أو رياضة تتناسب معهم أو هواية تعود عليهم بالنفع، فى أى مجال مما يملأ أوقاتهم بما يفيدهم ويشكر الأب أو الأم فيهم أمام أصدقائهم. وأما إذا كان هذا الابن طفلا صغيرا فعلى الأب أن يكون حنونا عليه يلاعبه ويلاطفه ويملأ فكره وعقله بمحبته، فالطفل ذكى جدا ويعرف من يهتم به ومن لا يهتم ويطلب أيضا هذا الاهتمام إذا لم يشعر به وبعض الأطفال يهربون من أسرهم إذا لم يجدوا فيها الحب والعطف والحنان، فيجب أن نعى ذلك جيدا ونعطى كل ذى حق حقه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته) فالإمام راع ومسئول عن رعيته والرجل راع فى أهل بيته ومسئول عن رعيته والمرأة راعية فى بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها والخادم راع فى مال سيده ومسئول عن رعيته) رواه البخارى ومسلم، وحين يشعر الأبناء بهذا الاهتمام أو الرعاية لن يكون هناك فراغ عاطفى، ويكون هناك انتماء لهذه الأسرة ويفاخرون بها أمام أصدقائهم ويبتعد بذلك هذا الشبح عن أبنائنا وفلذات أكبادنا، والله ولى التوفيق.