سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
ذات يوم..26 مايو 1966 .. «كلاى» بطل العالم للملاكمة يلغى عودته من لندن إلى أمريكا ويزور مصر.. ويعلن: «جمال عبدالناصر يجذبنى إلى القاهرة وأحمل فيها ابتسامتى وفى شيكاغو أحمل مسدسا
كان الوقت مبكرا صباح يوم 25 مايو 1964 حين وصل محمد على كلاى، بطل العالم فى الملاكمة للوزن الثقيل إلى القاهرة، قادما من لندن لقضاء بضعة أيام فى مصر، بدعوة من «المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية» برئاسة توفيق عويضة. كان «كلاى» وقتئذ يبلغ من العمر 24 عاما فهو مواليد 17 يناير 1942، والأشهر فى العالم بعد أن فاز ببطولة العالم للوزن الثقيل فى فبراير 1964، ثم أختير فى عام 1999 أعظم رياضى فى القرن العشرين، ليس لكونه بطلا تاريخيا للملاكمة ثلاث مرات، وأطلق على نفسه شعاره الشهير أثناء نزاله فى حلبة الملاكمة: «أطير كالفراشة وألسع كالنحلة»، وإنما لموقفه المناهض لحرب أمريكا ضد فيتنام، ورفضه التجنيد الإجبارى للمشاركة فيها مما أدى إلى سحب لقب بطولته للعالم عام 1967، وسجنه واضطهاده داخل أمريكا بسبب سياسة التفرقة العنصرية، وإشهار إسلامه. كان فى لندن، ويستعد للعودة إلى أمريكا بعد فوزه على الملاكم البريطانى «كوبر» بالضربة القاضية، غير أنه ووفقا لتصريحاته الصحفية التى نشرتها الأهرام يوم 25 مايو 1964، قام بتعديل برنامجه، وألغى سفره إلى نيويورك، ولبى دعوة المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية التى وصلته فى لندن قبل حضوره إلى القاهرة بيومين فقط، وتذكر «الأهرام» أن كلاى سيمضى خمسة أيام فى مصر، وسيتلقى بعض الدراسات عن التفكير الإسلامى، حسب طلبه، وأنه زار القنصلية المصرية فى لندن قبل أن يتوجه إلى المطار، وتناول المرطبات مع عدد من أفراد البعثة الدبلوماسية المصرية. قوبل حضور البطل العالمى الفذ باهتمام شديد فى القاهرة، حسبما تذكر «الأهرام»، وتضيف: «تلقى المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية قبول «كلاى» الدعوة بحماس وفرحة، وأعد له على وجه السرعة استقبالا شعبيا كبيرا، شارك فيه عدد من علماء الأزهر وأساتذة وأعضاء اللجان الفنية للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، وطلبة البعوث الإسلامية، وعدد كبير من الرياضيين من أسرة الملاكمة خاصة والرياضة عامة، وأعلن «المجلس» برنامج الزيارة، وتضمن توقيعه فى سجل الزيارات بالقصر الجمهورى صباح يوم «25 مايو»، وزيارة المحلة الكبرى وكفر الدوار وحلوان والسد العالى لمشاهدة معالم النهضة الصناعية فى مصر، وزيارة الإسكندرية، ومخيمات اللاجئين فى قطاع غزة، كما تم ترتيب لقاء له مع علماء الدين الإسلامى»، وأذاع المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية أن محمد على كلاى أبرق من لندن يعرب عن أمله فى مقابلة الرئيس جمال عبدالناصر. كان قراء «الأهرام» على موعد مع «كلاى» فى حوار صحفى أجراه الكاتب الصحفى «عزت السعدنى»، ونشرته الجريدة فى عددها الصادر يوم 26 مايو، مثل هذا اليوم، 1966، وأكد كلاى، أن طفل أسمر هزه وطير دموع الفرح فى عينيه، ويود أن يلقاه، وأضاف: «جرى الطفل بالمشوار بجوار العربة المسرعة التى أركبها وأنا فى طريقى إلى الفندق، ويقول: «كلاى، كلاى»، ولكنه تعثر وسقط على الرصيف»، يعلق مندهشا: «لم أكن أعرف أن الناس هنا يحبوننى إلى هذه الدرجة»، وسأله السعدنى: «هل أنت قوى؟، «أجاب: جدا، وسأله: ماذا فعلت بقوتك؟، أجاب: الشىء الكثير، سجل من الانتصارات بلا هزيمة واحدة، 24 انتصارا على التوالى، منها 19 انتصارا تولت قبضتى القاضية إعلانها على الدنيا كلها، سأله السعدنى: وماذا يهم النصر؟، أجاب: فى النصر حلاوة وفرحة، لقد رقصت 4 مرات، وأطلقت لسانى على كل الدنيا». سأله «السعدنى»: هل أنت رجل طيب؟ أجاب: «جدا»، وماذا فعلت بطيبتك؟، أجاب: لم أفعل شيئا، ولكنها جنت علىّ كثيرا، أننى أحب الناس كل الناس، ولكنهم فى أمريكا لا يحبوننى، لا أعرف لماذا؟، سأله: قد يكون بسبب انتصاراتك؟، أجاب: لا أعتقد، وإلا كانوا قد أعلنوا كرههم ل«روكى مارشيانو»، ملاكم أمريكى، الذى اعتزل دون هزيمة، سأله: قد يكون بسبب لونك؟، أجاب: إذن لكان من باب أولى يكرهوا «باترسون»، ملاكم أمريكى، وهو أسود مثلى، سأله: ربما بسبب إسلامك؟، سرحت عيناه لحظة ثم قال: ربما، ولكن الإسلام معناه المحبة والسلام، وأنا أحبهم، وأمد يدى إليهم بالود والصداقة ولكنهم يرفضون، يرفضون ويقولون: «أحمل سلاحك يا كلاى، واعبر البحر إلى فيتنام وحارب، ولا يضيرنى أن أحمل السلاح وأذهب إلى الحرب، ولكن يحز فى نفسى أن أحارب بغير اقتناع». سأله: «أين إذن يحبك الناس؟، أجاب فى حماس طفل: هنا فى القاهرة، سأله: لقد دافعت عن لقبك 5 مرات أمام ملاكمين أقوياء، فمن يا ترى أقوى ملاكم؟، أجاب: سونى ليستون، سأله: ماذا ستفعل فى استدعائك للخدمة العسكرية؟، أجاب: لقد أعطونى مهلة 10 أيام حتى تنتهى زيارتى للقاهرة، وبعدها ربما أعطونى مهلة أخرى حتى أدافع عن اللقب، سأله: ما الذى يجذبك إلى القاهرة؟، أجاب: جمال عبدالناصر، سأله: وماذا أيضا: أجاب: حب الناس لى، يكفى أننى عندما أسير فى شوارع شيكاغو مثلا أحمل مسدسا أو اثنين معى، ولكنى فى القاهرة لا أحمل سوى ابتسامتى».