المطالع لأجندات الأحزاب السياسية، والمتابع لفعاليات الكيانات الحزبية، يجد أنها تنصب حول تقديم صور الرعاية، وأطر الحماية للمجتمع؛ ومن ثم تحدد المهام في أرض الواقع على مُسلّمة رئيسة، فحواها أن خدمة الوطن، وأبناءه في قمة هرم الاهتمام الحزبي، وأن تلبية الاحتياجات، وتمهيد الطريق نحو بلوغ الآمال، وتعزيز المقدرة على تجاوز التحديات، والعمل الممنهج من أجل غرس قيم المواطنة الصالحة، وتحفيز فلسفة الاصطفاف حول الوطن، والقيادة السياسية من مقومات العمل الحزبي دون مواربة، بل، ومن المبادئ الجامعة لكافة الأحزاب المصرية قاطبة. الأحزاب السياسية ليست وسيطًا فقط بين المجتمع والدولة؛ لكنها تعبر عن نبضه، ومشكلاته، وطموحاته؛ لذا فقد أضحى العطاء الحزبي مستداما، وباتت الأفكار الملهمة لا تنضب من ساحتها؛ فصار تجديد الفكر السياسي عبر بوابة الحوار الوطني أمرا، لا مناص عنه، وأصبحت المخرجات التي تتمخض عن حس وطني، وتدور في فلك الهموم المجتمعية على مائدة الاهتمام المؤسسي للدولة، وقيادتها السياسية الرشيدة، التي تبذل الجهود المضنية من أجل أن تسير سفينة الوطن في بحور التقدم، والنهضة بصورة مستدامة. رعاية المجتمعات تقع على كاهل سائر الكيانات التي تحملت في مساق أهدافها مسئولية هذا الأمر الجلل؛ فلا فاصل، ولا حاجز، ولا مانع بين لقاء مباشر بين الشعب، وأحزاب الدولة السياسية المؤيدة منها، والمعارضة على حد سواء؛ حيث إن الجميع يقف على مسافة واحدة من غايات هذا الوطن، والكل لا يتوانى عن أداء ما عليه من واجبات، ومهام سواءً أكانت تكليفية، أم تطوعية، وهذا ما يضفي لمسة جمال، ديمومة العمل، والعطاء في واقعنا المعاش. ما أجمل! ماهية التقييم الخاص بالأداء الحزبي لأي كيان في هذا الوطن الحبيب؛ حيث يقف الجميع على واقع الإنجازات، ويعمل الجميع دون استثناء على فكرة التعديل في الممارسات؛ فتصبح المقدرة على التحسين، والتطوير شعارا، وفلسفة، لا تفارق من يخول له أمر خدمة هذا المجتمع الأصيل، صاحب القيم، والخلق الفضيل؛ ومن ثم يسهم الجميع وفق سيناريوهات محددة، تقوم على التخطيط في تنفيذ رؤى طموحة في ضوء ما يتاح من إمكانيات، واعتمادًا على قيمة قد ترسخت منذ الأزل في وجدان المصريين، وهي التكافل، والتراحم؛ فلا ضيم يعاني منه أحد، ما دام باب المحبة، والعطاء مفتوحا في ربوع هذا البلد الأمين. الرعاية المجتمعية عبر البوابة الحزبية تستلزم التواجد في الميادين؛ فالأمر قطعًا لا يقوم على التنظير، ولا ينبري على شعارات براقة، ولا صوت عال يملأ الأرجاء، ولا هتافات تخلو من معان تخاطب الوجدان بصدق، وهنا تنظر أجندة الأحزاب إلى حَيَوات الجماهير؛ فتحاول أن تضع ملامح المشاركة الصادقة، التي تزيد من صدق مشاعر المحبة، والإخاء؛ ومن ثم تنمو الثقة؛ لتصل إلى مستويات الرضا، التي تجعل القاعدة الجماهيرية دافعة لكل من يقدم صكوك العطاء لهذا الشعب العظيم دون مقابل. التماسك المجتمعي من مستهدفات الأحزاب السياسية بكافة توجهاتها؛ فلا يعقل أن تقف هذه الأحزاب مكتوفة الأيدي، حيال من يحاولون النيل من مقدرات هذا الوطن، ولا يصح أن يتجاهل منتسبوها ما تفرزه المنابر الممولة من سيل شائعات مغرضة؛ بغية تقويض مسار النهضة؛ وذلك من خلال إضعاف الثقة بين المواطن، ومؤسسات الدولة الوطنية، والقيادة السياسية الحكيمة، وهنا نتحدث عن مشاركة فعالة، مع سائر مؤسسات الوطن المعنية ببناء الإنسان؛ كي تستنير العقول، وتصحح الأفهام بحقائق، قد تذهب بمحاولات التزييف أدراج الرياح. رغم مشروعية التباين في الرؤى؛ إلا أن الخلاف ينبغي ألا يكون له مكان على المائدة الحزبية؛ فالجميع يعمل من أجل رفعة هذا الوطن، وفي سبيل رعاية المجتمع، والحفاظ على حقوقه، وتعظيم مكتسباته؛ فقد باتت أجندة المغرضين مليئة بغايات غير سوية، يأتي في مقدمتها حفر مستنقعات للفُرْقة، والشرذمة؛ بغية دخول المجتمعات في أنفاق مظلمة، لا تخرج منها إلى نور العمار، والإعمار؛ فتتنامى الخلافات، والصراعات، والنزاعات؛ لتأخذ صورا متدرجة، تصل إلى حد سفك الدماء، دون وجه حق؛ ومن ثم تزول ماهية الأمن، والأمان، والاستقرار وتستبدل بأضرار قد يصعب حصرها. الرضا الجماهيري عن العمل الحزبي نرقبه في رسائل، تتأكد في مقترح آليات، من شأنها أن تساعد في الدفع بعجلة التنمية، وتعضيد الاقتصاد الوطني، والعمل على ضخ مزيد من الاستثمارات، سواءً أكانت داخلية، أم خارجية، وهذا يفتح باب الاجتهاد أمام الكيانات الحزبية؛ لتعظم من أدوارها في نهضة الوطن، خاصة في المجال الاقتصادي، الذي يعد شريان النهضة، ومقوم رئيس للتنمية بكل صورها، وهنا نتحدث بوضوح عن أشكال الشراكة في خدمة المجتمع بصورة مباشرة، وغير مباشرة.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.