وجهت مجلة "التايم" الأمريكية انتقادات شديدة للثوار فى مصر، فى إطار تعليقها على المظاهرات التى شهدتها البلاد أمس، الثلاثاء، فى مليونية العدالة، وقالت إن آلاف المصريين الغاضبين من فشلهم فى تشكيل الأحداث فى بلادهم، منذ الإطاحة بالرئيس السابق حسنى مبارك العام الماضى، عادوا إلى ميدان التحرير. وكان السبب هذه المرة الأحكام التى صدرت ضد الرئيس السابق حسنى مبارك بالمؤبد، والذى يعتقد الكثيرون أنه قد ينجو منه، وكذلك تبرئة ستة من قيادات وزارة الداخلية من اتهامات قتل المتظاهرين أثناء الثورة، كما طالب المتظاهرون بعزل أحمد شفيق المرشح الرئاسى الذى يخوض جولة الإعادة أمام مرشح جماعة الإخوان المسلمين محمد مرسى. وزعمت الصحيفة أنه رغم كل حماسهم، فإن هؤلاء الموجودين فى الشوارع منفصلون نسبياً عن القطاع الأكبر من الشعب المصرى، ويفتقرون إلى استراتيجية متماسكة، فميدان التحرير، رغم كل شىء، ليس السلطة فى مصر، وهؤلاء الموجودون فيه بإمكانهم البقاء أسابيع وأشهر دون أن يغيروا ترتيبات السلطة من حولهم، فهذا التغيير الكبير الذى حققوه قبل 18 شهراً، عندما مزقت نفس الحشود الخوف الذى كان سبباً فى استمرار حكم مبارك الاستبدادى، وتجرأ عشرات الآلاف على الانضمام إلى المظاهرات المطالبة بإسقاطه، لكن منذ تنحى مبارك، فإن الاحتجاج فى الميدان أصبح مألوفاً، وتغيرت أهميته. وتشير التقارير إلى أن نسبة كبيرة من المصريين خارج التحرير لا يتسامحون بشكل متزايد مع الاضطرابات الاقتصادية التى سببتها الاحتجاجات التى لا نهاية لها. واستبعدت الصحيفة أن تؤدى الاحتجاجات فى التحرير إلى تغيير ديناميكية السلطة التى همشت الثوار، والذين يجدون أنفسهم يكررون أنماطهم الفاشلة، لكنهم يأملون الوصول إلى نتيجة مختلفة. وتحدثت المجلة الأمريكية عن الانتخابات الرئاسية، وقالت إن جولة الإعادة فيها بين محمد مرسى وأحمد شفيق، والاختيار بين الإسلاميين والنظام القديم لم يكن ما يفكر فيه الثوار عندما نزلوا إلى الميدان أول مرة، لكنهم فشلوا فى إنتاج بديل فائز، ويحاولون فى الإعادة أن يبحثون عن استراتيجية جديدة، ومن سوء حظ الثوار أنهم لا يملكون ما يكفى من الأدلة على أنهم يتحدثون باسم الشعب، فأرقامهم أقل من أرقام من شاركوا فى أول انتخابات بعد مبارك، وزيادة التأييد لمرشح الفلول، تعكس غضباً متزايداً فى المجتمع المصرى على انعدام القانون والفوضى التى سادت فى فترة ما بعد مبارك. وترى التايم أن الثوار لا يزالون محاصرين سياسياً فى الميدان بقاعدة محدودة من التنظيم والقوة التى تحد من قدرتهم على تشكيل الأحداث، فهم يسخرون من الفكر المحافظ للإخوان المسلمين، ويتهمونهم بالنفاق والتواطؤ مع النظام السابق، لكنهم يفتقرون إلى استراتيجية تجعلهم يتنافسون بكفاءة مع الإسلاميين وسط الأغلبية الفقيرة، ناهيك عن إحداث نقلة حقيقية للسلطة فى مصر. وتذهب المجلة إلى القول بأن مصر، رغم الأحداث الكبيرة التى شهدتها على مدار الثمانية عشر شهراً الماضية، إلا أنها لم تشهد ثورة، والحقيقة المؤلمة فى مصر أن النظام الذى كان مبارك يرأسه لا يزال يتمتع بالسلطة. والانتخابات الرئاسية والبرلمانية لم تشهد انتقالا للسلطة من الجيش إلى سياسيين يمثلون إرادة الشعب أكثر من تأسيس قاعدة شرعية لهؤلاء الساسة المنتخبين لتحدى الجيش من أجل سيطرة ديمقراطية أكبر، وهى بداية العملية الديمقراطية وليس نهايتها. وختمت الصحيفة تقريرها بالقول، إنه ربما تكون هناك صراعات ملحمية لتشكيل نظام ما بعد مبارك، لكن من المستبعد أن تكون هناك تسوية فى ميدان التحرير، فالمجلس العسكرى أثبت براعته فى امتصاص تأثير الاحتجاجات، واعتمد فى بعض الأحيان على ابتعاد المسافة بين المتظاهرين وجزء كبير من المجتمع لبناء حالة الاستياء من الاضطرابات وعدم اليقين، ومن ثم إخلاء الميدان فى نهاية المطاف، ولو أراد الثوار تجنب هذا المصير مجدداً، فإنهم فى حاجة إلى استراتيجية للتواصل مع الجماهير العادية الذين لم ينضموا للاحتجاجات.