سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
سكايب من الريادة إلى الوداع.. التطبيق أحدث ثورة في عالم الاتصالات.. جمع مئات الملايين من المستخدمين حول العالم قبل أن يتراجع تدريجيًا.. وانهار أمام موجة تطبيقات الفيديو الأسرع والأكثر تطورًا
في أوائل الألفينات، عندما بدأت شبكة الإنترنت تنتشر في المنازل والمقاهي والمدارس، لم يكن أحد يتخيل أننا بعد سنوات قليلة سنتحدث عبر الشاشات بالصوت والصورة بجودة شبه مثالية، لكن في ذلك الوقت، كان هناك ثلاثي ذهبي سيطر على وسائل التواصل الإلكترونية: سكايب، ياهو ماسنجر، وهوت ميل (مع خدمة Windows Live Messenger لاحقًا)، كانت تلك الأدوات هي "السوشيال ميديا" في زمن ما قبل فيسبوك، وكان وجود حساب على أحدها يُعتبر خطوة أساسية في الحياة الرقمية لأي مستخدم. تاريخ سكايب سكايب، الذي انطلق عام 2003، جاء ليقدم شيئًا جديدًا تمامًا، مكالمات صوتية مجانية، لاحقًا مكالمات فيديو، بجودة لم تكن متاحة من قبل، بينما كان ياهو ماسنجر يوفر المحادثة النصية وبعض الرموز التعبيرية المتحركة، وكان الهوت ميل (أو MSN Messenger) يقدم واجهة رسومية مليئة بالألوان وال"نينجز" وال"إيموشنز"، جاء سكايب ليضيف بعدًا جديدًا، صوت حقيقي، وصورة حقيقية، أصبح سريعًا التطبيق المفضل للمغتربين، والعائلات البعيدة، والطلاب الدوليين. ورغم أن سكايب لم يكن وحده، فقد تميّز بتقنيته المتقدمة آنذاك، واعتماده على الاتصال عبر بروتوكول P2P (ند-لند)، ما جعله أكثر استقرارًا من منافسيه، فبينما كان المستخدمون يواجهون انقطاعات أو بطء في ياهو أو MSN، كان سكايب يقدم تجربة متفوقة. بل إن بعض الشركات بدأت تعتمد عليه في مقابلات العمل والاجتماعات.
سكايب انطلق عام 2003 على يد المطورَين نيكلاس زينستروم ويانوس فريس، وحقق انتشارًا سريعًا بفضل تقنية الاتصال عبر P2P التي وفرت جودة صوت غير مسبوقة مقارنة بالتطبيقات الأخرى مثل ياهو ماسنجر وهوت ميل، وخلال سنوات قليلة أصبح سكايب الاسم الأول في المكالمات الصوتية والمرئية، وتجاوز عدد مستخدميه 100 مليون بحلول عام 2009، مما جذب انتباه الشركات الكبرى، فاستحوذت عليه eBay أولًا، ثم باعته لاحقًا إلى مايكروسوفت في 2011 مقابل 8.5 مليار دولار، وكان ذلك أعلى مبلغ تُدفعه مايكروسوفت في استحواذ تقني وقتها، واستمرت نجاحات سكايب حيث وصل عدد مستخدميه إلى أكثر من 300 مليون مستخدم نشط شهريًا في 2015، وكان يستخدمه الأفراد والشركات، بل أصبح وسيلة رسمية لعقد المقابلات والاجتماعات في مؤسسات كبرى. بداية الإنهيار بداية الانهيار بدأت مع بطء مايكروسوفت في تطويره مقارنة بالمنافسين الجدد، وخصوصًا مع صعود تطبيقات الهواتف الذكية، فلم يتمكن سكايب من مجاراة السرعة وسهولة الاستخدام التي قدمها Zoom أو WhatsApp أو Google Meet، كما أن مايكروسوفت ركزت أكثر على دمجه في تطبيق Teams، مما أدى إلى تراجع الاهتمام به، وبدأ المستخدمون يشعرون بثقل التطبيق ومشاكله التقنية، حتى أن جائحة كورونا التي كانت فرصة ذهبية لعودة سكايب لم تكن كافية، إذ تفوق Zoom بسرعة وسهولة التجربة، وبدأ نزيف المستخدمين، ومع نهاية 2024 بدأت المؤشرات الرسمية عن نية مايكروسوفت لإيقافه، وفي 5 مايو 2025 أُعلن إغلاق سكايب رسميًا بعد 22 عامًا من الخدمة، لتنتهي حقبة رقمية ارتبطت بذكريات ملايين الأشخاص حول العالم أبرز البدائل لكن الزمن تغيّر، ومع ظهور الهواتف الذكية وانتشار الإنترنت المحمول، لم تعد تطبيقات الحاسوب وحدها كافية. وهنا بدأت حقبة جديدة بأسماء لم تكن معروفة في الماضي، وعلى رأسها: Zoom وIMO. Zoom، الذي انطلق بهدوء عام 2011، انفجر فجأة خلال جائحة كورونا، وأصبح اسمًا مألوفًا في كل بيت ومدرسة وشركة. ميزته لم تكن فقط في جودة الفيديو، بل في سهولة الاستخدام، وإمكانية دعوة الآخرين برابط مباشر، بدون حاجة لحساب مسبق. Zoom لم يقدم نفسه فقط كأداة للتواصل، بل كمنصة كاملة للاجتماعات، التعليم، وحتى المؤتمرات الكبيرة.
أما IMO، فقد استهدف شريحة مختلفة. بواجهة بسيطة، وإمكانية استخدام منخفضة للبيانات، أصبح محبوبًا في المناطق ذات الإنترنت الضعيف. وقدّم خدمات اتصال مرئي وصوتي مجانية، ما جعله اختيارًا مفضلًا للمستخدمين الباحثين عن بدائل سهلة وغير معقدة.
وبينما كان Zoom وIMO يشقان طريقهما، بدأت الأسماء القديمة تختفي تدريجيًا. ياهو ماسنجر أغلق أبوابه نهائيًا في 2018، بعد أكثر من 20 عامًا من الخدمة. MSN Messenger اندمج مع سكايب في 2013، ثم انتهى بدوره في 2025. ومع نهاية سكايب، تنتهي صفحة كاملة من التاريخ الرقمي.
لكن المفارقة أن الكثير من المستخدمين لا يزالون يشعرون بالحنين لتلك الأيام. لم تكن الخدمات وقتها مثالية، لكنها كانت مفعمة بالدهشة، وكانت المحادثات مليئة بالعاطفة، لأن كل اتصال كان يحمل قيمة. الاتصال عبر سكايب بعد منتصف الليل، رسالة "buzz" من صديق قديم على MSN، أو انتظار ظهور الشخص الذي تحبه على ياهو ماسنجر… كلها لحظات لا تنسى.
اليوم، نحن في عصر يسيطر عليه الذكاء الاصطناعي، والانسيابية في التواصل، والتكامل بين التطبيقات، لكن يظل السؤال مفتوحًا: هل فقدنا شيئًا من البساطة والدفء وسط كل هذا التطور؟ ربما تكون التكنولوجيا قد تقدّمت، لكن المشاعر التي صاحبت سكايب وياهو والهوت ميل، قد تبقى أعمق من أي دقة فيديو أو سرعة اتصال.