أحمد أيوب: برنامج "المرأة تقود" نقطة تحول في تمكين التنفيذيات بالدولة المصرية    رئيس الوزراء يُوجه بالاستعداد الكامل لإجازة عيد الأضحى وتوفير الخدمات المختلفة للمواطنين    استلام 176 ألف طن من القمح المحلي بمواقع التخزين بالصوامع والشون بالجيزة    ضمن مبادرة بداية.. نشاط مكثف لمديريات العمل ب 10 محافظات    ممشى كورنيش بني سويف يستقبل فوجًا يضم 18 سائحًا ألمانيًا (صور)    مصطفى بكري يحذر من المخطط الإسرائيلي في غزة: مصر لن تسمح بتهديد أمنها القومي    نيويورك تايمز: أمريكا تخشى هجوما إسرائيليا محتملا على منشآت نووية إيرانية    إندونيسيا مستعدة لإقامة علاقات مع إسرائيل حال اعترافها بفلسطين    ليفربول يؤمن بقاء جاكبو بعد اهتمام بايرن    «الصفقات لا تتوقف».. شوبير يكشف صفقتين جديدتين في الأهلي    بايرن ميونخ دون صفقات قبل كأس العالم للأندية    وداع الحجاج يتواصل في مصر.. عادة مفعمة بالبهجة والدعوات    دار الإفتاء: التصوير سيلفي مع المتوفى أو المحتضر "حرام شرعًا" ويخالف الأخلاق والقيم الإنسانية    «تمريض بني سويف» تستقبل لجنة الدعم الفني بمركز ضمان الجودة    تامر حسني يعلق على احتفال باسم سمرة بعيد ميلاده (تفاصيل)    البليهي يرحب بالرحيل عن الهلال    وسائل إعلام إيرانية: إيران تعدم رجلا متهما بالتجسس لصالح إسرائيل    الاتحاد الأوروبي: نرفض تسييس المساعدات الإنسانية وندعو لوقف إطلاق النار في غزة    الحوثيون: إسرائيل شنت 4 غارات على مطار صنعاء    صندوق النقد يحث مصر بتقليص دور القطاع العام في الاقتصاد بشكل حاسم    إعادة فتح باب تلقي طلبات توفيق الأوضاع بمنطقة الحزام الأخضر ب 6 أكتوبر    نائب وزير الإسكان يتابع مشروع إنشاء محطة مياه منشأة القناطر    وزير التعليم: 98 ألف فصل جديد وتوسّع في التكنولوجيا التطبيقية    شبكة أمريكية: الأهلي والهلال أبرز الأندية الراغبة في ضم رونالدو    قبل مواجهات حسم الدوري.. كواليس تحركات فريق بيراميدز فى المحكمة الرياضية الدولية    هدف الهلال.. عرض مرتقب من إنتر لاستمرار إنزاجي    وزير التعليم العالي يترأس اجتماع مجلس الجامعات الأهلية ويوجه بسرعة إعلان نتائج الامتحانات    ننشر أسماء المصابين في انقلاب سيارة تقل عمالة على طريق السادات – الخطاطبة بالمنوفية    محافظ المنوفية: تحرير 314 محضر مخالفات مخابز وأسواق وضبط 4 أطنان مواد غذائية    "أدهم ضحية بلا ذنب".. مقتل بائع متجول تصادف مروره قرب مشاجرة بسوهاج    رئيس بعثة الحج المصرية: استعدادات مكثفة لمخيمات منى وعرفات وخدمات مميزة في انتظار ضيوف الرحمن (صور)    3 إعفاءات للأطفال المعاقين وفقا للقانون، تعرف عليها    47 فيلما مشاركا في المسابقة الرسمية لمهرجان منصات    15 شهيدا وسط تصاعد استهداف الاحتلال لمراكز توزيع المساعدات فى غزة    هل نجح فيلم نجوم الساحل في تحقيق إيرادات قوية.. شباك التذاكر يجيب؟    الشركة المتحدة تفوز بجائزة أفضل شركة إنتاج بحفل جوائز قمة الإبداع.. لام شمسية يحصد نصيب الأسد من الجوائز ويفوز بأفضل مخرج وممثلة ومسلسل اجتماعي ومونتاج وعلي البيلي أفضل ممثل طفل ويغيب بسبب وفاة جده    "الوهم" يواصل العروض المسرحية المجانية لقصور الثقافة بالغربية    زيلينسكي يقترح عقد اجتماع ثلاثي مع ترامب وبوتين    دليلك الذهبي في أعظم 10 أيام: كيف تغتنم كنوز العشر الأوائل من ذي الحجة؟    60 نصيحة من دار الإفتاء لاغتنام أكبر ثواب فى العشر الأوائل من ذى الحجة    أول أيام ذي الحجة 2025.. كيف نستعد؟    عبد الغفار يبحث مع وزير التجارة السويدي فرص الاستثمار في القطاع الصحي ودعم الجرحى الفلسطينيين    نائب وزير الصحة: إنشاء معهد فنى صحى بنظام السنتين فى قنا    طريقة عمل قرع العسل، تحلية لذيذة بخطوات بسيطة    وزير الثقافة: ملتزمون بتوفير بنية تحتية ثقافية تليق بالمواطن المصري    وزير الخارجية يتوجه إلى المغرب لبحث تطوير العلاقات    قرار من «العمل» بشأن التقديم على بعض الوظائف القيادية داخل الوزارة    الحماية المدنية بالقليوبية تسيطر على حريق مخزن بلاستيك بالخانكة| صور    مصر وتشاد تبحثان مستجدات إقامة مشروع متكامل لمنتجات اللحوم والألبان    صحة أسيوط تساهم بالحملة القومية للقضاء على «التراكوما»    رابط نتيجة الصف الرابع الابتدائي الترم الثاني 2025 برقم الجلوس فور ظهورها في بورسعيد    أسعار الذهب اليوم بعد الهبوط الكبير وعيار 21 يصل أدنى مستوياته خلال أسبوع    عبد الله الشحات: بيراميدز كان يستحق الدعم من رابطة الأندية وتأجيل لقاء سيراميكا.. وهذا سبب تقديمي شكوى ضد الإسماعيلي    محامي نوال الدجوي يروي تفاصيل محاولة الحجر على موكلته وطلب حفيدها الراحل الصلح    وزير الأوقاف يهنئ الشعب المصري والأمة العربية بحلول شهر ذي الحجة    البلشي يدعو النواب الصحفيين لجلسة نقاشية في إطار حملة تعديل المادة (12) من قانون تنظيم الصحافة والإعلام    ألم في المعدة.. حظ برج الدلو اليوم 28 مايو    حزب الجبهة الوطنية بجنوب سيناء يبحث خطة العمل بأمانة التعليم (صور)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سيناريوهات الحكم على مبارك..هل تلعب شهادة المشير دوراً فى براءة مبارك؟.. ولماذا اعتمد دفاع الرئيس السابق على أقوال عمر سليمان؟
نشر في اليوم السابع يوم 31 - 05 - 2012


المتهم : محمد حسنى السيد مبارك
السن: 84 عاما
المهنة: رئيس الجمهورية السابق
التهم: الاشتراك فى القتل، التربح، إهدار المال العام
صباح السبت القادم وفى تمام العاشرة صباحا، يعتلى القاضى أحمد رفعت «69 عاما» منصته للمرة الأخيرة فى حياته قبل بلوغه سن المعاش أمام مرأى ومسمع جميع وسائل الإعلام المحلية والأجنبية، وسيكون مبارك بالنسبة له فى هذه اللحظة المتهم الأول، الذى تمت محاكمته أمامه بشكل عادل شهد به من يمثلون مبارك نفسه.
فى محاكمة استمرت لأكثر من عشرة أشهر، واستغرقت 36 جلسة، وبلغ متوسط ساعات العمل فى الجلسة الواحدة خمس ساعات، كانت أطولها على الإطلاق الجلسة التى تحدث فيها المتهمون والتى بدأت فى العاشرة صباحا، وانتهت فى الثامنة مساء، وكانت أقصرها جلسة استغرقت عشر دقائق والتى أمرت فيها المحكمة بوقف السير فى الدعوى لحين الفصل فى طلب الرد الذى قدم ضد رئيس المحكمه وأحد أعضائها، إجراءات أمنية لم يسبق لها مثيل فى تاريخ المحاكم المصرية، وأستطيع أن أقول والعالمية أيضا، تغطيةإعلامية فى الجلسات الأولى نقلت الحدث إلى المجتمعات الدولية كافة.
مشهد متكرر وثابت للمتهمين مجتمعين، وكأنهم أرادوا إرسال رسالة إلى الجميع، إننا مازلنا على قلب رجل واحد، تشعر وكأن الدولة القديمة مازالت قائمة فى قفص الاتهام.
لكن الكثير من الناس يصفون محاكمة مبارك، بقضية مبارك بشكل عام، دون أن يدخلوا فى تفاصيل الأوراق التى تجاوب لنا عن سؤال مهم :
ما هى التهم التى توجه لهذا الرجل كى يأتى متهما إلى محكمة الجنايات؟
- فى الحادى عشر من إبريل عام 2011 بدأت النيابة العامة التحقيق مع المتهم محمد حسنى السيد مبارك، ونجليه بتهم الاشتراك فى قتل المتظاهرين السلميين فى أكثر من عشرة ميادين مختلفة فى عدة محافظات مصرية، أثناء الفتره من 25 إلى 31 يناير، وقت اندلاع الثورة المصرية، وكذلك تم فتح تحقيق معه فى تهم تتعلق بإهدار المال العام والتربح، وأمر النائب العام بحبسه ونجليه لمدة خمسة عشر يوما وفى 2 يونيو من العام ذاته، أعلنت محكمة استئناف القاهرة عن تحديد أولى جلسات محاكمة مبارك فى الثانى من أغسطس عام 2011، أمام الدائرة الخامسة جنايات القاهرة برئاسة القاضى أحمد رفعت، وتم اختيار مقر جديد للمحاكمة وهو أكاديمية الشرطة وهذا إجراء صحيح خوله القانون لوزير العدل.
المعلوم للجميع أن مبارك متهم بالاشتراك فى قتل عدد من المتظاهرين السلميين أثناء أحداث ثورة يناير وصور اشتراكه فى القتل تتمثل فى التحريض والمساعدة ،وهى ألفاظ قانونية لها معان كثيرة وللقاضى وحده حرية الاقتناع بها.
أما التهم الأخرى التى قد لا تكون فى ذهن المتابع العادى، هى تهمة إهدار المال العام، بأن قام بإسناد عملية تصدير الغاز لإسرائيل لصالح شركة مملوكة لصديقه حسين سالم، وأهدر على الدولة فى ذلك 3 مليارات و200 مليون دولار، كما قالت النيابة العامة.
كذلك هو متهم بالتربح من منصبه بأن قبل هدية من صديقه حسين سالم خمس فيلات فى شرم الشيخ، دون أن يثبت كيف تم دفع المقابل لذلك، مع حصول صاحب الهدية على مميزات فى شرم الشيخ لم يحصل عليها أحد من رجال الأعمال.
جلسات الكبار:
وفى سابقة تعد هى الأولى من نوعها فى تاريخ المحاكم العربية، أمر المستشار أحمد رفعت باستدعاء كل من المشير محمد حسين طنطاوى، والفريق سامى عنان، واللواء عمر سليمان، واللواء محمود وجدى، واللواء منصور العيسوى، للمثول أمام المحكمة، والإدلاء بشهادتهم فى القضية، وكانت أهم الجلسات على الإطلاق جلسة الرابع والعشرين من سبتمبر، والتى حضر فيها المشير طنطاوى بشخصه أمام المحكمة للشهادة، وهى الجلسة الوحيدة التى بدأت مبكرة ساعة عن الموعد المعتاد لفتح الجلسات، وقد سبق لى أن شاهدت العديد من المحاكمات فى الدول الأوروبية وفى محكمة العدل الدولية بلاهاى، وأستطيع أن أقطع بأن هذه الجلسة شهدت إجراءات أمنية لم يسبق لها مثيل.
وقد بدا المشير طنطاوى شخصا فى غاية التواضع، ورفض الجلوس فى مقعد تم تخصيصه له فى الجلسة، إلا أنه كان قليل الكلام فى رده على أسئلة المحكمة. ووفقا لقرار صادر عن المحكمة تم حظر نشر مادار فى تلك الجلسة، وتستطيع أن تقول إن هذه الجلسة لم تأت بجديد سوى أن مبارك كان عالما بتدهور الأحداث من خلال جهات مختلفة.
وكان قد تمت إذاعة جزء من كلمة اقتطعت من سياقها لاجتماع المشير مع ضباط الشرطة قال فيها إننا رفضنا توجيه أسلحتنا تجاه المصريين، وهو الأمر الذى تم العدول عنه فيما بعد، وتمت إذاعة باقى كلمة المشير الذى أضاف لها وللأمانة لم يطلب منا أن نواجه المتظاهرين بالقوة، وقد تم تداول هذه الكلمات بشكل كبير على مواقع التواصل الاجتماعى.
وقد سبقت شهادة المشير جلسة استماع لشهادة اللواء عمر سليمان نائب رئيس الجمهورية السابق ورئيس المخابرات فى عهد مبارك، وكان سليمان هو الذى أفاد فى تحقيقات النيابة العامة أن مبارك هو من كلف حسين سالم بإنشاء شركة غاز المتوسط، وإسناد عملية تصدير الغاز لإسرائيل إليها وهو الأمر الذى أهدر على الدولة مايزيد على 3 مليارات و200 مليون دولار، ووصف العلاقة بين مبارك وحسين سالم بأنها علاقة صداقة قوامها عشرون عاما.
ولم تكن عملية توجيه الأسئلة لعمر سليمان أمرا يسيرا، فقد حاولنا سؤال الرجل مرارا وتكرارا فى أشياء نريد معرفتها، إلا أنه أثبت وبمعنى الكلمة أنه رجل مخابرات من طراز رفيع، يعرف متى يتحدث وفى أى اتجاه، وكانت مباراة بين المحامين والمحكمة من جهة، وبين عمر سليمان من جهة أخرى، استطاع سليمان أن يخرج منها دون خسائر ووفقا لما أراد.
وبدأت إجراءات المحاكمة تستمر فى الاستماع إلى العديد من الشهود من أول عريف مساعد بالشرطة، مسؤول عن صرف الأسلحة، ونهاية بأحد مساعدى وزير الداخلية الذى حضر اجتماعا بين حبيب العادلى ومساعديه قبل الأحداث.
ثم حددت المحكمة جلسات لمرافعة النيابة العامة التى بدأت مرافعة ضعيفة فى يومها الأول وازدات قوة فى اليومين الثانى والثالث، وعرضت النيابة العامة أفلاما مسجلة لعمليات إطلاق النار على المتظاهرين السلميين من قلب أجهزة الشرطة، إلا أن المحامى العام الأول لنيابات استئناف القاهرة فاجأ الجميع عندما أقر أمام المحكمة أن أجهزة المخابرات والداخلية لم تتعاون مع النيابة العامة فى التحقيقات، وعندما سؤل عن السبب قال إن - رأيه الشخصى – أن ذلك بناء عن تقصير متعمد.
وبعد ذلك ترافع المحامون المدعون بالحق المدنى فى يومين متتاليين، وحددت بعدها المحكمة شهرا كاملا لمرافعة المحامين الحاضرين مع المتهمين، والذين أشادوا جميعهم بالمحكمة ورئيسها.
ثم استمعت المحكمة إلى كلمات من المتهمين فى جلسة انتهت فى الثامنة مساء، رفض فيها مبارك ونجلاه الحديث، واكتفى مبارك بإرسال خطاب إلى المحكمة، أنهاه ببيت شعر يقول بلادى وإن جارت على عزيزة، وأهلى وإن ضنوا على كرام.
وارتكز دفاع مبارك بشكل كبير على أقوال اللواء عمر سليمان، وبدأ يطرح دفوعا قانونية شابها التناقض، حيث قال إن مبارك مازال رئيسا للجمهورية، وعاد وقال إنه مازال عسكريا باعتباره قائدا للقوات الجوية، وارتكز على دستور 1971 علما بأن هذا الدستور تم تعطيله، كما ارتكز على بعض تشريعات حديثة لمحاكمة العسكريين، وبعد كل ذلك حددت المحكمة جلسة الثانى من يونيو للنطق بالحكم.
لكن السؤال الذى يطرح نفسه وبقوة.. ماذا سيكون الحكم؟
- الأمانة المهنية تقضى منى ألا أجيب عن هذا السؤال لسبب بسيط جدا، وهو أنه لا أحد على وجه الأرض – المفروض – يعلم ما يدور فى ذهن القضاة، وما استقر فى عقيدتهم.
لكن المحاكمات الجنائية لها نتيجتان، إما الإدانة أو البراءة، وسأفرق بين الإدانة بحكم ثقيل، والإدانة بحكم مخفف، وسأفرق أيضا بين البراءة فى قضية الاشتراك فى القتل والإدانة فى باقى القضايا.
ابدأ بالإدانة بحكم ثقيل: وهنا لابد أن نعلم أن عقوبة الاشتراك فى القتل قد تصل إلى الإعدام، وهو ما استبعده تماما لأى من المتهمين فى هذه القضية، إلا أن ما يمكن أن نسميه إدانة ثقيلة يتمثل فى السجن المؤبد 25 عاما، أو الأشغال الشاقة 15 عاما. ثم تأتى الإدانة المخففة: وهى – فى وجهة نظرى – السجن البسيط لمدة عشر سنوات أو السجن مع إيقاف التنفيذ.
ودعونا نرصد ردود أفعال الشارع المصرى المتوقعة فى الحالتين السابقتين:
أعتقد أن أى حكم بالإدانة على مبارك، يعنى لى ولمن أمثلهم من أسر الشهداء، هو انتصار لحق ولحقيقة مفادها أن هذا الحاكم آثر سلامته وسلامة منصبه، على سلامة شعبه، وأدى استمراره فى التمسك بكرسى الرئاسة إلى مقتل العديد من الأبرياء، وسمح لوزير داخليته صباح يوم جمعة الغضب أن يستمر فى إطلاق النيران على المتظاهرين بأنواع متعددة من الأسلحة والمركبات الشرطية، وهنا ماينفعش تقولى طيب هو انت عندك شاهد على إنه أعطى أمرا بإطلاق النار؟ الإجابة حددها القانون بأن التحريض على القتل قد يكون بمجرد السماح باستعمال آلة القتل التى يملك الرئيس السابق وحده إيقافها بمجرد مكالمة تليفون، وأنه علم بوقوع ضحايا صباح يوم جمعة الغضب، وعلم بتقارير رسمية أن اعداد المتظاهرين تفوق عدد قوات الشرطة، إلا أنه استمر فى عناده حتى الرابعة عصرا، إلى أن شعر أن الخطر بات داهما على توليه حكمه، أمر بنزول الجيش ولكل ذلك فإن قناعاتنا بأنه شريك فى موت هؤلاء، ستؤكدها المحكمة وتظهرها حال الحكم بأى عقوبة تمثل إدانة لمبارك، فيما عدا السجن مع إيقاف التنفيذ، لأنه بالنسبة لأسر الشهداء والمصابين وبشكل عملى، يمثل خروج مبارك من محبسه ليمارس حياته الطبيعية تماما وهو ما لا يرضى غريزة القصاص التى كتبها الله كشريعة فى أرضه.
أما البراءة لمبارك فى قضايا التربح وإهدار المال العام، فاعتقد أنها لن تشغل بال الكثيرين حال إدانته فى قضية الاشتراك فى القتل، فهنا لن يتحدث الكثيرون عن براءته اعتمادا على إدانته فى القضية الرئيسية.
ثم نأتى إلى الطامة الكبرى من وجهة نظرى ووجهة نظر أسر الضحايا والمصابين، وهى حصول مبارك – بعد الشر – على البراءة، وهنا قانونا يجوز للنيابة العامة الطعن على الحكم، إلا أن هذا الطعن لن يؤثر على إطلاق سراح مبارك الذى برأته المحكمة، وقد تكون احتمالات نقض الحكم ضعيفة.
وهنا لابد أن نتوقع ردود أفعال الشارع المصرى لا سيما التيارات السياسية الثورية، أعتقد وأتخوف من تحرك ميدانى من قبل بعض التيارات، وهو سلوك متوقع، وإن كنت بحكم عملى كرجل قانون أرفض الاعتراض على الأحكام القضائية، لكن تجربة الأيام الماضية تؤكد أن الشارع المصرى يتأثر سلبا وإيجابا بأحكام المحاكم، وهنا لا أستبعد أن يقوم النائب العام بتحريك بعض البلاغات التى لديه ضد مبارك مرة ثانية. وهنا لابد أيضا أن نتوقع ما هو مكان الرئيس السابق فى الحالتين حالة الإدانة وحالة البراءة؟
فى حالة الإدانة سيحق للنيابة العامة وحدها أن تقرر بمطلق حريتها إيداع مبارك فى مستشفى سجن طرة، وهو المستشفى الذى أثبتت التقارير أنه صالح لاستقبال مبارك المحبوس احتياطيا، إلا أن المحكمة الحالية رفضت كل التقارير، وأبقت على مبارك فى المركز الطبى العالمى فى قرار فريد من نوعه، لا نملك إلا احترامه، وقد تأتى ضغوط على الحكومة المصرية وعلى النائب العام للإبقاء على مبارك فى جناحه الخاص بالمركز الطبى العالمى، ومصدر هذه الضغوط قد يكون داخليا متمثلا فى المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذى مازال يحافظ على مبارك الجسد، وممكن أن تكون ضغوطا خارجية متمثلة فى الدول العربية التى ستعرض الكثير، كى تتم رعاية مبارك خاصة فى هذه المرحلة المتقدمة من العمر.
أما فى حالة البراءة فسيصبح حرا طليقا كما يشاء، يبقى فى مصر أو خارجها هذا يعود له وحده، ويبقى سر هذه المحاكمة قائما للأبد، هل كانت محاكمة موجهة أم كانت محاكمة عادلة؟ لا أحد يعلم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.