التعليم العالي: مشاركة مصري في فاعلة في مبادرة بوابات التعلم الرقمي بمدينة ووهان بالصين    حزمة قرارات تنظيمية وتمويلية جديدة وتحديث البنية الرقمية للتأمين الصحي الشامل    «التخطيط» تعلن حصول قرية «الحصص» بالدقهلية على شهادة «ترشيد» للمجتمعات الريفية الخضراء    كالاس: يجب توقف إسرائيل عن استهداف المدنيين ومنع إدخال المساعدات    لوكهيد مارتن تكشف مفاتيح بناء قبة ترامب الذهبية.. وتصفها ب"رؤية رائعة"    وزيرا الشباب والأوقاف يلتقيان أعضاء اتحاد بشبابها    مباراة الأهلي وفاركو .. الموعد والقنوات الناقلة مباشر والحكم والمعلق والتشكيل    «الخطيب مش هيوافق».. كيف تفاعلت جماهير الأهلي مع أنباء اقتراب كريستيانو؟    مصرع طفلين إثر سقوطهما فى بئر مياه بالشرقية    ديو جديد مع الشامي.. هل تُفيد الديوتوهات المتكررة تامر حسني جماهيريا    ابتعد أيها الفاشل، قارئة شفاة تكشف سر صفع ماكرون على الطائرة    طارق يحيي: لن ينصلح حال الزمالك إلا بالتعاقد مع لاعبين سوبر    رومانو: تاه يخضع للفحص الطبي تمهيدًا للانتقال إلى بايرن ميونخ    تقارير تكشف.. لماذا رفض دي بروين عرضين من الدوري الإنجليزي؟    الحزمة الأولى من مبادرة التسهيلات الضريبية.. مجلس الوزراء يوافق على مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون الضريبة على العقارات المبنية.. التعديلات تستهدف تخفيف الأعباء الضريبية مراعاة للبعدين الاجتماعي والاقتصادي    مصرع شخص أسفل عجلات قطار في بني سويف    مسئول أوروبي يتوقع انتهاء المحادثات مع مصر لتحديد شرائح قرض ال4 مليارات يورو أواخر يونيو    الناقد سيد سلام مديرًا لمسابقة الفيلم المصري الطويل بمهرجان الإسكندرية    تيتة نوال خفة دم مش طبيعية.. وفاة جدة وئام مجدي تحزن متابعيها    هيئة فلسطينية: فرض النزوح القسرى واستخدام التجويع فى غزة جريمة حرب    9 عبادات.. ما هي الأعمال المستحبة في العشر الأوائل من ذي الحجة؟    نائب وزير الصحة تتابع مستجدات توصيات النسخة الثانية للمؤتمر العالمى للسكان والتنمية    طريقة عمل الموزة الضاني في الفرن لغداء فاخر    زيارات ميدانية ل«نساء من ذهب» بالأقصر    الرقابة المالية: التأمين البحري يؤدي دور محوري في تعزيز التجارة الدولية    أكاديمية الشرطة تُنظم الاجتماع الخامس لرؤساء إدارات التدريب بأجهزة الشرطة بالدول الأفريقية "الأفريبول" بالتعاون مع الوكالة الألمانية للتعاون الدولى GIZ    حرام شرعًا وغير أخلاقي.. «الإفتاء» توضح حكم التصوير مع المتوفى أو المحتضر    د.محمد سامى عبدالصادق: حقوق السربون بجامعة القاهرة تقدم أجيالا من القانونيين المؤهلين لترسيخ قيم الإنصاف وسيادة القانون والدفاع عن الحق.    الإمارات تستدعي السفير الإسرائيلي وتدين الانتهاكات المشينة والمسيئة في الأقصى    الإعدام لمتهم والسجن المشدد 15 عامًا لآخر ب«خلية داعش قنا»    الاتحاد الأوروبي يعتمد رسمياً إجراءات قانونية لرفع العقوبات عن سوريا    اليونيفيل: أي تدخّل في أنشطة جنودنا غير مقبول ويتعارض مع التزامات لبنان    الحكومة تطرح 4 آلاف سيارة تاكسي وربع نقل للشباب بدون جمارك وضرائب    خبر في الجول - الجفالي خارج حسابات الزمالك بنهائي كأس مصر    نسرين أسامة أنور عكاشة ل«البوابة نيوز»: مفتقد نصيحة والدي وطريقته البسيطة.. وأعماله تقدم رسائل واضحة ومواكبة للعصر    اسكواش - تتويج عسل ونوران جوهر بلقب بالم هيلز المفتوحة    5 أهداف مهمة لمبادرة الرواد الرقميون.. تعرف عليها    افتتاح الصالة المغطاة بالقرية الأولمبية بجامعة أسيوط (صور)    سليمة القوى العقلية .. أسباب رفض دعوى حجر على الدكتورة نوال الدجوي    ألف جنيه انخفاضا في سعر الأرز للطن خلال أسبوع.. الشعبة توضح السبب    «بيت الزكاة والصدقات» يصرف 500 جنيه إضافية لمستحقي الإعانة الشهرية غدًا الخميس    في أول أيام الشهر.. تعرف على أفضل الأعمال في العشر الأوائل من ذي الحجة    الاتحاد الأوروبي: يجب عدم تسييس أو عسكرة المساعدات الإنسانية إلى غزة    حملة أمنية تضبط 400 قطعة سلاح وذخيرة خلال 24 ساعة    نائب وزير الصحة تشارك فى جلسة نقاشية حول "الاستثمار فى صحة المرأة"    بالصور- إقبال على المراجعات النهائية لطلاب الثانوية العامة ببورسعيد    وفاة «تيتة نوال» تشعل مواقع التواصل الاجتماعي.. تعرف على أبرز المعلومات عن جدة الفنانة وئام مجدي    روبوت ينظم المرور بشوارع العاصمة.. خبير مرورى يكشف تفاصيل التجربة الجديدة.. فيديو    وزير التعليم العالي يترأس اجتماع مجلس الجامعات الأهلية ويوجه بسرعة إعلان نتائج الامتحانات    وزير التعليم: 98 ألف فصل جديد وتوسّع في التكنولوجيا التطبيقية    نائب وزير الصحة: إنشاء معهد فنى صحى بنظام السنتين فى قنا    صحة أسيوط تفحص 53 ألف مواطن للكشف عن الرمد الحبيبي المؤدي للعمى (صور)    وزير الثقافة: ملتزمون بتوفير بنية تحتية ثقافية تليق بالمواطن المصري    وزير الخارجية يتوجه إلى المغرب لبحث تطوير العلاقات    قرار من «العمل» بشأن التقديم على بعض الوظائف القيادية داخل الوزارة    الحماية المدنية بالقليوبية تسيطر على حريق مخزن بلاستيك بالخانكة| صور    وزير الأوقاف يهنئ الشعب المصري والأمة العربية بحلول شهر ذي الحجة    ألم في المعدة.. حظ برج الدلو اليوم 28 مايو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جهاد النفس والصيام.. سر الانتصارات الخالدة عبر التاريخ
نشر في اليوم السابع يوم 17 - 03 - 2025

يُعد من أصعب التحديات التي يواجهها الإنسان جهاد النفس، فهو معركة داخلية تتطلب إرادة صلبة وقدرة على ضبط الغرائز والسيطرة على الشهوات، وهو ما يجسده الصيام كفريضة إيمانية تهدف إلى تهذيب النفس، وتعزيز قوة التحمل، وبناء الإرادة الصلبة؛ فالصيام ليس مجرد امتناع عن الطعام والشراب، بل هو تدريب روحي وبدني يُعدّ الإنسان لمواجهة التحديات، ويمنحه القدرة على التحكم في رغباته، وتقديم إرادة العقل والروح على نزعات الجسد، مما يجعله أكثر استعدادًا لمواجهة أي معركة، سواء كانت ضد نفسه أو ضد أعدائه.
ولقد كان شهر رمضان عبر التاريخ سرًا للانتصارات الكبرى، حيث شهدت الأمة الإسلامية أعظم الفتوحات التي غيرت مجرى التاريخ، فكان رمضان شاهدًا على أولى المعارك الإسلامية في غزوة بدر الكبرى، التي شكلت نقطة تحول فارقة في مسار الدعوة الإسلامية، ثم فتح مكة الذي كان تتويجًا للجهود النبوية في إرساء أسس الدين، وكذلك فتح الأندلس الذي مهّد لحقبة ازدهار حضاري امتدت لقرون، ومعركة حطين التي استعاد بها المسلمون القدس، وعين جالوت التي كسرت شوكة المغول، حتى وصلنا إلى العصر الحديث حيث سجلت مصر نصرًا تاريخيًا في العاشر من رمضان خلال حرب أكتوبر المجيدة، التي أظهرت قدرة الجيش المصري على استعادة الأرض وكسر أسطورة الجيش الذي لا يُقهر.
فقد استطاع الجيش المصري في يوم العاشر من رمضان، أن يحقق تحولًا استراتيجيًا غير مسبوق في الصراع العربي الإسرائيلي، حيث سطّر جنود مصر أروع ملاحم البطولة والفداء، وتمكنوا من تحطيم خط بارليف المنيع، الذي وصفته التقارير العسكرية العالمية بأنه أقوى خط دفاعي في التاريخ، وهو ما أثبت للعالم أن الإيمان الراسخ والإرادة والعزيمة القوية قادرة على تحقيق المستحيل؛ فلم يكن هذا النصر مجرد انتصار عسكري، بل كان نموذجًا للدروس المستفادة في التخطيط الاستراتيجي، والإعداد النفسي والمعنوي، والتنسيق بين القيادة السياسية والعسكرية، وهو ما جعله واحدًا من أعظم الانتصارات في تاريخ الأمة العربية والإسلامية.
ولقد كان السر وراء هذه الانتصارات يكمن في القوة الروحية التي يمنحها الصيام، والتي تدفع الإنسان إلى تجاوز ضعفه الجسدي والانتصار على نفسه أولًا، مما يؤهله ليكون قويًا في ميادين القتال والتحدي؛ فالصيام يُعلّم الإنسان الصبر، والانضباط، والقدرة على تحمل المشاق، وهي الصفات التي يحتاجها أي مقاتل في ساحات المعركة، لذلك ظل شهر رمضان على مر التاريخ شهرًا للفتوحات والانتصارات، وشهرًا تجتمع فيه الإرادة الإيمانية مع القوة الجسدية لتحقيق أسمى الغايات وأعظم الإنجازات.
ويظل شهر رمضان شاهدًا على أعظم الانتصارات التي سطّرها التاريخ، فقد ساهم هذا الشهر الكريم في رفع الروح المعنوية للشعوب العربية قاطبةً، إذ جسّد قيم الولاء والانتماء، وأكد عمق الشعور القومي والعزة الوطنية، ورسّخ الثقة في قدرة الأمة على تحقيق الانتصارات مهما كانت التحديات. كما أظهر أهمية الوحدة العربية، وعمق الاهتمام العالمي بالقضية الفلسطينية، حيث أدرك العالم آنذاك ضرورة إيجاد حلول عادلة للصراع العربي الإسرائيلي، خاصة بعد الانتصار الكبير الذي حققته مصر في العاشر من رمضان، السادس من أكتوبر عام 1973.
وقد توالت نتائج هذا الانتصار بمسارات تفاوضية مكثفة بين مصر وإسرائيل تحت إشراف الولايات المتحدة، بهدف التوصل إلى حل سلمي للصراع، وهو ما تُوج بتوقيع اتفاقية كامب ديفيد، التي مهدت لاحقا لمعاهدة السلام المصرية الإسرائيلية، وقد ساهمت هذه الاتفاقية في إنهاء حالة الحرب بين البلدين، وإحلال السلام وإقامة علاقات دبلوماسية مستدامة، مما أدى إلى تغييرات سياسية وأمنية واقتصادية واسعة في المنطقة.
وبما لا يدع مجالًا للشك، فقد أحدثت حرب أكتوبر تحولًا جذريًا في العلاقات المصرية الإسرائيلية، ليس فقط على المستوى العسكري، بل أيضًا على المستويات السياسية والاستراتيجية، وأثبتت قدرة الجيوش العربية، وعلى رأسها الجيش المصري، على استعادة الأرض والكرامة وسيظل هذا الشهر الكريم رمزًا للعزة والفخر، ومصدر إلهام للأجيال القادمة، حيث يذكرنا ببطولات العسكرية المصرية التي حوّلت مسار التاريخ، ويظل هذا النصر العظيم وسامًا على صدور المصريين وكل عربي حر، يفخر بتاريخه وأمجاده.
وفي ذكرى العاشر من رمضان، نرفع أسمى آيات الشكر والتقدير والاعتزاز إلى بلادنا العربية قيادةً وشعبًا، وإلى مصر العظيمة التي كانت ولا تزال مهد الحضارات وصانعة المعجزات، كما نوجه تحية إجلال وإكبار إلى قواتنا المسلحة المصرية الباسلة، درع الوطن الحصين، وسيفه الذي يحميه في كل العصور، كما نثمّن دور القيادة السياسية الرشيدة التي واجهت التحديات الجسام بحكمة وشجاعة، ساعيةً إلى حفظ الأمن والاستقرار، وتحقيق التنمية والازدهار.
وفي هذا الشهر المبارك، لا ننسى أن نتذكر بكل فخر واعتزاز شهداء العزة والكرامة الذين بذلوا أرواحهم الطاهرة دفاعًا عن الأرض والعرض، ووهبوا حياتهم فداءً للوطن، ليبقى مرفوع الهامة، عزيزًا شامخًا بين الأمم، هؤلاء الأبطال الذين جسدوا أسمى معاني التضحية والفداء، وخلّدوا أسماءهم بحروف من نور في سجل المجد والبطولة، مصداقًا لقوله تعالى (وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا، بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ) "سورة آل عمران: أية 169".
فطوبى لهم وحسن المآب، فقد خطّوا بدمائهم الزكية طريق النصر، وكانوا نورًا وقدوة للأجيال القادمة، ورايةً خفّاقة تعلو في سماء العزة والإباء، فذكراهم لا تمحى، وأثرهم باقٍ في قلوبنا ووجداننا، وحكايات بطولاتهم تظل درسًا لنا تجسيدًا لمعاني الإخلاص والتفاني من أجل الوطن، إنهم خالدون في ضمير الأمة، تتردد أسماؤهم في كل لحظة عز وفخر، ونستلهم من تضحياتهم معاني العزيمة والإرادة الصلبة، لنبني وطنًا يليق بدمائهم التي روت ترابه، ونحفظ أمانتهم التي استودعوها بين أيدينا، حتى يظل هذا الوطن شامخًا بأبنائه المخلصين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.