منذ أن عرفت الأغاني وعشقت صوت محمد منير وطريقته الخاصة في التعبير وجرأته على كسر المألوف في اختياره لكلمات أغنياته، منذ ذلك الحين وأنا أهتم بأسماء من كتب أغنياته، وفي بداية التسعينيات فاجأنا منير بأغنية كانت في ذلك الوقت خارجة عن شكل أغنياته، حيث لأول مرة تكون السجاير والولاعة بطلا في مشهد: حط سجايره والولاعة علق حلمه على الشماعة حينها أسرعت عيني للنظر في غلاف الألبوم كالعادة ففاجأني اسم (الشاعرة)، كانت كوثر مصطفى، من تلك الفتاة التي استطاعت اختراق حاجز الصوت بتعبيرات على الرغم من رشاقتها الظاهرة فهي توحي بعمق شديد استهوى شلة الشباب المتجمعة حول أغنيات منير، فبدأت رحلة البحث عن كوثر على أغلفة ألبومات منير التالية والبدء في الغالب بالأغنية التي يظهر اسمها بجانبها، ولا أنسى أبدا صدمة الاستماع الأولى لأغنية بنات التي كررتها ربما عشرين مرة أو أكثر لأستمتع كل مرة بعمق جديد في تعبير بسيط بتحلم تضوي زي النجوم بتحلم ترفرف زي الرايات بتقدر تعاند وتقدر تثور لكن ساعات بترمي الساعات دق الساعات بيجرح حاجات ويخنق حاجات هكذا كانت كل أغنية تحمل في ثناياها سكر نباتها الخاص بها، الذي يكافئنا بمعناه لتنتقل الأغنية إلى مرتبة تترقى لدرجة القصيدة وتكون كوثر مصطفى واحدة من الأسماء التي استطاعت أن تجعل الأغنية شكلا شعريا بكل ما تحمله الكلمة من عمق وجمالية تعبير وهو ما بلغت ذرواته مرات عدة في علي صوتك بالغنا ومدد ويابنت ياللي وساح يا بداح وسو يا سو، وغيرها الكثير من القصائد التي أكملت بها مسيرتها الشعرية ف دواوينها لكن تبقى لأغنياتها مذاق الشعر الخاص حين ينفتح على ذلك العالم الأنثوي الشفاف بكل ما يحمله من رغبة في الحياة. لسنوات طويلة أتابعها تبث فينا ذلك الجمال الخاص ولا أجدها في المنتديات الشعرية أو غيرها حيث علمت أنها تفضل العزلة حتى وجدتها على الفيس بوك فكتبت لها مرة بعد مرة وهي لا ترد، إلى أن ردت مرة ربما لحظي الحسن، وكنت وقتها رئيسا لهيئة الكتاب فعرفتها بنفسي وأني أحب أن نخطط لمشروع خاص بها وكان اقتراحي أن نجمع كل الأغنيات التي كتبتها في ديوان واحد عنوانه لسه الأغاني ممكنة، ربما رغبة في توثيق فكرة أن أغنية كوثر مصطفى قد ارتقت بالفعل إلى مرتبة القصيدة وربما رغبة في رد دين خاص إلى كوثر مصطفى التي جعلت من العالم مكانا أفضل بكلماتها. هي كوثر مصطفى التي أود لو درست تجربتها المتنوعة الفريدة ليس مع منير فقط ولكن على مدار رحلة إبداع طويلة أثبتت فيها أن الأغاني ليست فقط ممكنة لكنها أيضا قادرة على صناعة عالم مفعم بالحب والجمال.