مشاركة مصر هذا العام فى قمة البريكس تعد خطوة مهمة على طريق تغيير هيمنة الدول الكبرى على مقدرات الشعوب، وانضمام مصر إلى هذا التكتل له بعد استراتيجى وسياسى فى غاية الأهمية قائم على تحقيق التوازن فى العلاقات الخارجية مع تقرير حق الدولة المصرية وحريتها فى تقرير مصيرها الاقتصادى بعيدا عن هيمنة القطب الواحد على الاقتصاد العالمى، فى محاولة لوضع نموذج جديد من نماذج التعاملات الدولية والتى تعتمد على التعددية ووجود أكثر من بديل، ليوفر هذا التكتل فرصا استثمارية جديدة تتصف بالتنوع والتجديد. فمنذ إنشاء البريكس فى عام 2009، تسعى الصين إلى بناء نموذج اقتصادى عالمى جديد بعيدا عن هيمنة الدولار، وقد دعت الدول الأعضاء مؤخرا مصر، السعودية، الأرجنتين، نيجيريا، وإندونيسيا وغيرها للانضمام إلى التجمع، ما سيزيد من الاستثمارات البينية ويعزز التعاون فى مجالات متعددة، نتيجة لأهمية هذا التكتل وما يحمله من قوة اقتصادية كبيرة تجعله قادرا على تحقيق معدلات تنموية عالية نتيجة لاتساع أسواقه. انضمام مصر إلى هذا التكتل بمثابة شهادة معتمدة من قبل كبرى اقتصادات العالم، واعتراف من تلك الدول على توافر البيئة الصحية للاقتصاد القومى ونجاح برامجه الهيكلية مما يجعله قادرا خلال الفترة القادمة على تحقيق معدلات تنموية كبيرة بالرغم من مواجهته للظروف غير الاعتيادية وقدرته على التكيف ضد هذه العراقيل. وأصبح اليوم تجمع بريكس أحد أهم التكتلات الاقتصادية فى العالم، نظرا للثقل الاقتصادى للدول الأعضاء فى ظل ما تتمتع به من إمكانات بشرية وصناعية وزراعية، بما جعل قراراته محط اهتمام، وتواجد مصر فى هذا التكتل الكبير سوف يسمح لها بالبعد عن سيطرة الدولار «نوعا ما» وفتح أسواق جديدة للصادرات المصرية واستقبال الواردات من دول البريكس. فمن بين أهداف التكتل تعزيز مكانة أعضائه العالمية عبر تعزيز التعاون بينها فى كل المجالات، بما يضمن تحقيق نمو اقتصادى يكفل تحقيق أهداف التنمية المستدامة وتحسين نوعية النمو عن طريق تشجيع التنمية الاقتصادية المبتكرة القائمة على التكنولوجيا المتقدمة وتنمية المهارات، بجانب السعى إلى زيادة المشاركة والتعاون مع بلدان العالم لتحسين وضع الدول النامية والناشئة سواء من حيث تمثيلها فى المؤسسات المالية الدولية، وكذلك تحسين أداء النظم التجارية متعددة الأطراف والتجارة الدولية وبيئة الاستثمار بما يضمن وجود نظام عالمى متعدد الأقطاب. وتأتى الأهمية الاقتصادية والجيوسياسية لتجمع البريكس من كونه يضم دولا مؤثرة مثل روسيا، الصين، البرازيل، الهند، وجنوب أفريقيا. ويهدف التجمع إلى تغيير خريطة الاقتصاد العالمى، من خلال خلق نظام متعدد الأقطاب بدلا من الهيمنة الاقتصادية لقطب واحد، ويستحوذ التجمع على 26 % من مساحة العالم ويمثل 42 % من سكانه، بالإضافة إلى أكثر من 20 % من الناتج المحلى الإجمالى العالمى، حيث تمتد معاملات التجمع الاقتصادى بقلب القارة السمراء. ولا يمكن بأى حال من الأحوال أن تقتصر الفوائد على الدول المدعوة للاتحاد فقط، فعلى سبيل المثال سوف يضفى انضمام مصر إلى البريكس قوة إقليمية جديدة وتمدد معاملات التكتل الاقتصادى بقلب القارة السمراء لما تمتلكه مصر من موقع استراتيجى مهم والذى يجعل من موقعها اعتبار مصر أحد أهم الأقطاب المؤثرة أفريقيا وعالميا، فضلا عن تملكها لقوة بشرية لا بأس بها وأسواق ناشئة واعدة. ومن المعلوم لنا جميعا أن البريكس به دولتان لهما مقعد دائم فى الأممالمتحدة ولهما حق الفيتو هما روسياوالصين، وبه أكبر دول مصدرة للقمح والنفط، وبه دولة تملك أهم مضيق بالعالم وهى مصر، من هنا تظهر قوة البريكس الحقيقية، وهذا ما يفسر لنا سبب الهجوم عليه من الدول السبع وعلى رأسها أمريكا، لقد حان الوقت لأن يكون لتجمع البريكس مكان واضح فى اقتصادات العالم، وأن يقدم خططا اقتصادية قوية تزيح الهيمنة الاقتصادية المعروفة والمسيطرة.