سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
«الأمن الصناعى» المتهم الرئيسى فى كارثة حريق البترول بالسويس ..طائرات الجيش استخدمت مياهاً مالحة للإطفاء!.. والأهالى يعتبرون الحادث تهديداً من فول النظام السابق
أعاد شبح الحريق بشركة النصر للبترول لأذهاننا الانفجار الذى حدث بالشركة فى أعقاب النكسة ، ورغم أن الفارق الزمنى بينهما كبير، فإن المشهد تكرر بكل حذافيره، وإذا كان الفاعل الأول يبحث عن الاحتلال فلا أحد يعلم هدف الفاعل الثانى حتى الآن، كما أن معرفة الفاعل والسبب فى القيام به تبدو مستحيلة. البداية من أمام شركة النصر للبترول التى تحولت كل الشوارع المؤدية إليها إلى بركة مياه يصعب السير بها، كما أنها أصبحت أشبه بثكنة عسكرية ممنوع التجول فيها، ويصحبك دوما خلال السير حولها عربات جيش وسؤال دائم من العساكر أين تذهب؟ وماذا تريد؟ وإن حاولت التخلص من هؤلاء فيظهر لك أمن الشركة وعمالها الذين يرفضون حتى الدخول من البوابة المؤدية لها، ومع محاولات مستمرة للتسلل استطعنا دخول الشارع المواجه بصحبة أحد موظفى شركة بتروجت، ويدعى إسلام ذو الهمة إسلام الذى كانت علامات الغضب تظهر على وجهه أثناء سيره معنا قال «بداية المشكلة تكمن فى وجود 6 شركات بترول داخل منطقة آهلة بالسكان حيث توجد 5 شركات بجانب شركة النصر التى حدث بها الحريق، وبالتالى إذا حدثت أى كارثة فى هذه الشركة من السهل أن تمتد إلى المنطقة المجاورة وسيتأثر السكان بها سلبا». وأضاف: «سمعنا منذ سنوات طويلة عن رفع عدد من سكان المنطقة قضايا لنقل الشركات من هذه المنطقة لتأثيرها سلبا عليهم، ولكن كل هذا جاء دون جدوى، ويبدو أن الحريق الذى يشتعل منذ أربعة أيام داخل شركة النصر للبترول يؤكد ضرورة نقلها بعيدا عن المنطقة السكنية». نقل إسلام أسرته ووالده من سكنه المواجه للشركة خوفا من زيادة حدة الحريق أما هو فلم يستطع الانتقال كما يوضح «لا أستطيع السفر فإذا تغيبت عن العمل ليوم واحد يتم الخصم من راتبى، ولكن والدى على الأقل إن لم يحدث له سوء ولا يتطور الحريق إلى انفجار فسيسبب له الدخان الكثيف حساسية بصدره». ويعتبر إسلام الحادث مجرد تهديد لأهالى السويس من الفلول لأنهم كانوا الشرارة الأولى للثورة، مؤكدا: إذا أرادوا تفجير المدينة كاملة فمن الممكن أن يضربوا كور الغاز، التى توجد فى الشركات المجاورة للنصر ويبلغ عددها حوالى 7 «كور» كل واحدة تحمل حوالى 70 كليو بار من الغاز إذا تم ضربهم فسيحدث انفجار امتداده 6 كليومترات للواحدة بما يعنى تدمير كامل للمدينة، ومدللا على هذا بقوله: تسريب الغاز لا يحدث إلا بفعل فاعل كما أن التوقيت نفسه به دلالة ما وهو حدوث حريق يوم السبت فى شركة النصر للبترول، نفس اليوم حدث به حريقان فى حى الأربعين وسبقه حريق بترسانة بقناة السويس، مما يؤكد أن المواعيد مدبرة للانتقام من الأهالى الذين أشعلوا الفتيل الأول للثورة، مشيرا إلى أن الشركة استخدمت مياها مالحة فى الإطفاء مما زاد من اشتعال الحريق بدلا من إطفائه، وهذا يؤكد على جزأين إما عدم علمهم بالوسائل المستخدمة فى إطفاء الحريق أو علمهم وتعمد عدم إطفائها. ألسنة اللهب التى تستطيع أن تراها على بعد أمتار بمجرد دخولك المدينة وتزادا بصورة أكبر كلما اقتربت من الشركة يصحبها دوما صوت لتكبير داخل المسجد المواجه للشركة لا ينقطع ويستمر مع اشتعال النيران وهذه هى الطريقة الوحيدة التى حاول استخدامها عدد من عمال الشركة وذويهم الذين ظلوا ينتظرونهم أمامها أربعة أيام متتالية خوفا من حدوث سوء لهم. مصطفى كامل شاب عشرينى كان ينظر بعين يملؤها الخوف والحزن على ألسنة النيران الخارجة من الشركة ينتظر أخويه اللذين يعملان فى الشركة، يتنقل سريعا من آن لآخر عله يسمع شيئا أو يعرف ماذا يحدث بالداخل بدأ حديثه معنا قائلا: «الحريق كان أكبر من قدرة الدولة والشركة على الإطفاء رغم أنها معروفة بقدراتها العالية فى مجال الأمن الصناعى ولكن ما حدث هذه المرة كان أكبر من قدراتهم، ناهيك عن التأخر فى تقديم المساعدات من قبل أجهزة الدولة فما يقال عن إرسال أربع طائرات لمساعدة الشركة غير صحيح، كما أن الطائرة الوحيدة التى جاءت كانت السبب فى إشعال الحريق بصورة أكبر لأنها استخدمت مياها مالحة أدت لإشعال الحريق، رغم أنه من المعروف أن استخدام المياه يزيد إشعال المواد البترولية ومع ذلك قامت الطائرة باستخدامه مما أدى إلى اشتعال النيران مرة أخرى بعد أن تمت السيطرة عليها». وأكد كامل: كانت هذه هى المحاولة الوحيدة من الدولة فى السيطرة على، الحريق مما يطرح تساؤلا هاما حول كيف يترك المسؤولون كارثة كهذه ويذهبوا منذ عامين لمساعدة إسرائيل فى إطفاء غاباتها. الشك حول الانتقام من أهالى السويس باعتبارهم الشرارة الأولى للثورة راود كامل أيضا، مؤكدا أن هذا الحريق هو الأول الذى حدث فى المنطقة منذ عام 1967 ولكنه أوضح أن هذا لن يعيدهم إلى هجرة مساكنهم أو ترك البلدة مرة أخرى قائلا: «لن نترك السويس حتى إن متنا هنا، لن نعيد ما حدث ونترك بلدتنا وأهالينا». مصطفى أيضا تربطه علاقة قرابة ببشير سعد حالة الوفاة الوحيدة بالشركة ويقول عنه «أهله فى حالة يرثى لها بعد أن لقى أخيه حتفه فى حادثة شركة السويس للبترول منذ شهرين ولم تقدم لهم الدولة شيئا سوى تعويض قدره 50 ألف جنيه، ولكنها لم تحاول التعرف على السبب أو حل أزمة الأمن الصناعى التى تواجه أغلب شركات البترول، فبالرغم من وجود أقسام خاصة لها لكنها غير مفعلة، والعاملون بها ليس ليم معلومات جيدة عن كيفية استخدامها فى الكوارث». الانتظار قليلا أمام مقر الشركة تصحبه رؤية العمال الخارجين من لهب النيران محاولين إطفائها بأيديهم، محمد إبراهيم واحد منهم كان يصرخ قائلا: نحن من قمنا بإطفاء الحريق وليس المسؤولين، الذين اكتفوا بالتصريحات للقنوات الفضائية، أما عمال الشركة فهم من رأوا الموت بأعينهم وكل فرد منهم مهما كانت وظيفته حاول المساعدة بقدر المستطاع، فستجد عامل الجراج والمحاسب والإدارى والعامل فى الأمن الصناعى الجميع وقفوا يدا واحدة فى محاولة منهم لإطفاء الحريق والحفاظ على شركتهم، عكس المسؤولين الذين انسحبوا عندما رأوا زيادة حدة الحريق، فحتى عمال النادى المقابل للشركة كانوا يعطون وجبات للعمال بالداخل الذين يقومون بمهمة الإطفاء. يقول أحد المسؤولين بالأمن الصناعى -رفض ذكر اسمه- إن السبب الرئيسى فى الحريق كما يقال هو الشرارة التى خرجت من السيارة ولكن استمراره بهذه الصورة جاء نتيجة ترك قسم الحركة أحد بلفات تنك البنزين مفتوحة، وقد كان هذا هو السبب الرئيسى فى التسرب، وأكد أن الجهاز بالشركة من أكبر الأجهزة ولكنه كان أكبر هذه المرة من الحريق وأكبر من إمكانات أى أمن صناعى، ويبلغ عدد عمال الأمن الصناعى فى الشركة وفقا له 120 عاملا يتم تقسيمهم على أربع ورديات الوردية الواحدة بها 30 عاملا، وهو عدد قليل للسيطرة على حريق بهذه القوة، وأشار إلى أن الشك يدور حول عدد من الموظفين تم تعيينهم فى الفترة الأخيرة فى الشركة سجلاتهم الجنائية بها جرائم سابقة فأغلبهم بلطجية ومن متعاطى المخدرات، مشيرا إلى أن المسؤولين يريدون خصخصة الشركة ويبحثون عن تدهورها بكل السبل لبيعها لمن يريدوا بعد ذلك لذا تحدث كل هذه المشاكل بها، ولكن الحريق فى نظره يعد صندوقا أسود لا يعرف أحد تفاصيله حتى الآن. كما اتهم عدد من العمال بالشركة -رفضوا ذكر اسمهم- مدير الشركة الحالى محمد سعد رئيس مجلس محلى سابق، وأحد الأعضاء البارزين فى الحزب الوطنى المنحل، وأشاروا إلى أن المادة التى تم استخدامها فى إطفاء الحريق وهى «الفوم» كانت تبتعد عن النيران كلما وضعوها مما يؤكد أن النيران يتم تغذيتها بصورة كبيرة من المادة الخام نفسها، وطالبوا بفصل تنكات البترول عن بعضها فى مسافة أكبر فليس من الطبيعى وجود 12 صهريجا للنفتة بجانب بعضها بهذه الطريقة فمع حدوث أى حريق سينتقل بسهولة إلى جانبه، موضحين أنه فى الجانب الآخر من الشركة توجد صهاريج سولار على مسافات بعيدة عن بعضها. وأوضح محمد سعيد أحد موظفى الشركة أن تصميم التانك نفسه يؤكد استحالة حدوث حريق له بنفس الصورة التى حدثت،إلا لو كانت بفعل فاعل، فالمفترض أن يبدأ الحريق من أسفل وليس من أعلى كما حدث، وأشار إلى أن مقيمى الأفراح فى النادى المواجه للشركة كثير ما يقومون بإلقاء شىء أشبه بالألعاب النارية، فمن الممكن أن يتم إلقاء أجزاء منها فى الصهاريج. أحمد عبدالتواب أحد الموظفين بالشركة قال إن موظفى الأمن الصناعى لا يعرفون شيئا عنه وتم تعيينهم فى الفترة الأخيرة بدون امتحانات أو دورات تدريبية كافية، وكل ما يعرفونه عن الأمن الصناعى، الخوذة والنظارة، أما الوسائل الصحية فغير معروفة لدى أغلبهم.