الإنسان كائن بطبعه يؤثر ويتأثر بما يحدث له، وكثير ما يتعرض لأحداث كثيرة، ولكنها لا تمر مرور الكرام، بل تظل تلازمه أينما ذهب كظله، مما تجعله أسيراً لأفعال وتجارب سابقة، وقد تؤثر بالسلب عليه، نعم.. الماضى جزء لا يتجزأ من الإنسان، ولكن العيش فيه يجعلك تشعر بالمعاناة المستمرة، ويجعلك دائماً فى صدام وصراع نفسى مع الأحاسيس السلبية التى تسرق منك لحظات فرحك وسعادتك، حتى المستقبل لا تفكر فيه بشكل مستمر، وتجعله شغلك الشاغل، فقد يسبب لك القلق الدائم. كل الأشياء فى الكون تتقدم للأمام ولا ترجع للخلف أبداً.. فالكون لا يسير على وتيرة واحدة، ودائماً متغير، وما يحدث لنا من أحداث ما هى إلا تجارب وخبرات المفروض أن يتعلم منها الإنسان، ويسعى إلى الأفضل منها، وهنا يكمن ذكاء الإنسان فى أنه وليد اللحظة والوقت الذى يعيشه الآن، لا فى الماضى، ولا فى الغد المبهم. لذلك غربل حياتك، واستشعر منها ما يجعلك تواجه المصاعب بقوة، حتى لا تلوث المساحة الباقية من أيامك وأحلامك، فلا تترك نفسك ريشة فى مهب الريح، ينغص عليك الماضى بكل ما فيه، كن أقوى من ذلك كله، فهناك أمور عظيمة لابد أن تنجزها الآن، كلها تحد وإصرار على إثبات الذات، وتدارك ما مضى، وثق تماما أن كل منا يخوض معركة شرسة فى وقته الآن، ولديه الكثير من الماضى الذى يؤرق حياته، ولكن الإنسان القوى يسير فى طريقه، ويجدد حياته بيقين بأن الآن أفضل، فما يدهش من حولك هو ما تفعله الآن، وما تحاول أن تثبته وتحققه من أحلام، فلا تجعل أحداً أو أى شىء يشغلك عن عملك، بل استمر واصبر واصمد وتطلع إلى تطوير وإثبات الذات بحيوية ونشاط، وحاول أن تبثت أن ما بداخلك وبروحك المشرقة قادر على إنجاز مهامك الآن. وتذكر معى ما قاله هاريت بيكر ستو: "عندما تجدُ نفسك فى مكان أُغِلقَ عليك فيه بإحكام، وتشعرُ أن كل شىء يبدو وكأنه يعمل ضدك.. عليك أن تدع نفسك.. وعقلك يقتنعان بأن هذا الأمر لن يدوم.. حتى ولو لدقيقة واحدة.. فالمد يعقبه جزر.. فهناك تغيير موجود ودائم". لا تظل حبيس ماضيك فهو فى حكم الأشياء الميتة، وتظل فى مكانك بدون حراك، بل ما يدهشك الآن ويدهش من حولك، هو ما تقوم به من عمل، وما تحققه من إنجازات، وعندما تشرع فى عمل ما، لا تنشغل عنه، وثق تماماً أن الكون كله يتفاعل معك، وأن ما تقوم الآن به يطهر ما مضى وانقضى.