السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أنا مش عارف أبدأ منين.. بس أنا مشكلتي إني إنسان انطوائي. أنا خلصت كلية 2010، ومالقتش شغل؛ فده أثر عليّ لدرجة كبيرة، بس أنا بدأت أعمل دراسات عليا، ودخلت الكلية من تاني؛ بس أعصابي تعبت من كل حاجة، وبتنرفز على أقل حاجة، ومش مستحمل أي حد، وبافكر كتير في الانتحار، وبسبب الحالة دي أنا مش باخرج من البيت إلا للضرورة القصوى.
coo8oo
صديقنا العزيز.. "كبّرها تكبر معاك".. ينطبق هذا المثل على كل شيء في حياتنا، فأي شيء تعطيه أكبر من حجمه فإنه يتضخم أمام عينيك؛ حتى يحجب عنك الرؤية، وأي شيء تعامله على أساس أنه بسيط وتافه؛ فإنك لا توليه اهتماما إلا بالقدر الذي يسيطر على تفكيرك حياله، وبين هذا وذاك (التهويل والتهوين) تقبع الحقيقة؛ وهي النظرة المتوازنة المنطقية المناسبة بأن تعطي لكل شيء حجمه الطبيعي، وتزن الأمور بمعايير صحيحة واقعية، فلا تخطئ التقدير عندئذ فتتصرف حسب معطيات الصواب.
ويبدو من كلامك أنك ضخمت موضوع العمل، وهولت من حالة الفراغ التي تعيشها لصورة أكبر من حجمها؛ حتى لم تعد ترى مميزاتك، وفقدت الأمل في المستقبل المشرق الواعد الذي يدنو منك.. نعم أمامك مستقبل مشرق واعد ينتظرك أن تخطو إليه.
لا تكثر التفكير في اللحظة الآنية؛ ولكن فكر في الغد.. ماذا سيكون، وعلى أي وضع يمكن أن تجعله أنت، فأنت الذي تصنع مستقبلك لا مستقبلك هو الذي يصنع نفسه.
ومن رسالتك يبدو أنك شاب متفوق ولديك طموحات والطريق أمامك لتحقيقها، فلماذا إذن تتكاسل وتحاول أن تضع نفسك في خانة الضعيف العاجز الذي يكاد أن ينتحر من قسوة الظروف، قسوة الظروف هذه يتحدث عنها شاب لم يتلق فرصة في التعليم أو لا يملك مالا ليعيش به فضلا عن أن يتعلم، أو شاب عاجز معاق في يد أو قدم أو عقل..
استشعر نعم الله عليك يا صديقي، واعلم كم يحبك وكم فضلك على غيرك، واحمده على هذه النعم، واشكره على فضله عليك.. حين تشعر أن الله يحبك ويفضلك، وحين ترى نعمه الجليلة عليك؛ وقتها ستحافظ على حياتك التي وهبك إياها، ولن تفكر في شيء اسمه الانتحار؛ لأنه كفر بالله وبنعمته ويأس من رحمته، والله قادر على أن يبدل عذابك نعيما ووحدتك ألفة وبهجة، فقط لو فكرت بإيجابية في حلول لمشكلاتك، لا أن تيأس وتستلم لوساوس الشيطان التي يلقيها في قلبك وعقلك لينتهي بك الحال إلى خسارة وندم حيث لا ينفع الندم.
أعد التفكير في مستقبلك وحدد خطة طموحة لحياتك، واخلق داخلك عزيمة لتتحدى ظروفك، وأنت تستطيع أن تصنع من واقعك الحالي مجدا تفخر به في المستقبل فقط لو قررت ذلك.
كن إيجابيا، ولا تنزوي في ركن بعيدا عن بهجة الحياة ومتعتها ونعيم المشاركة والإيجابية.. الواقع كله يتغير من حولك ومصر توشك أن تدخل مرحلة الدولة الحديثة، وتحفظ كرامة وحقوق أبنائها، وترتقي حتى تحقق لكل منا طموحه فلماذا نترك المستقبل المشرق، ونحبس أنفسنا في ظلمة الماضي المؤلم، وأمامنا الضياء أو النور يوشك أن يحل علينا.. يا صديقي دع نفسك تشرق من جديد.
وأنت تحتاج حقا إلى معونة الله، فلا تحرم نفسك منها أقبل على ربك واسأله الهداية، وادعه أن يلهمك الرشاد والسداد، وثق أنه سيكون معك ما دمت معه، فالله يعدك مغفرة منه وفضلا، أما الشيطان فلا يريد لك إلا التعاسة والشقاء والفقر والفحشاء واليأس والقنوط من رحمة الله.
فلا تيأس يا صديقي، واستمسك برحمة الله، واستشعر بنعمه وأفضاله عليك، واشكرها بالحفاظ عليها وبالارتقاء بروحك إلى ما يريده لك الله.
أدعو لك من كل قلبي أن يهديك الله سواء السبيل، وأن يرزقك النجاح والسعادة، وأن يمن عليك بحبه وشكره.. آمين.