انتقد الباحث السياسى، عمار على حسن التيارات الإسلامية بقصور فهم الشريعة الإسلامية على تطبيق الحدود دون التطرق للحقوق التى تضمنتها الشريعة الإسلامية أو لمبادئ العدل والمساواة وتكريم حياة الإنسان، مستشهدا بقوله تعالى" ولقد كرمنا بنى آدم "، واقتصار الحديث الدائر حول الدستور فى شكل نظام الحكم وهوية الدولة والسلطات ووضع المؤسسة العسكرية، ولا أحد يتحدث عن الحقوق والضمانات الإجتماعية فى مجتمع يعيش فيه أكثر من 40% تحت خط الفقر، مطالبا أن تنعكس قيم الشريعة الإسلامية فى حفظ الحقوق والحياة الكريمة. قائلا: لا يمكن تطبيق حدود الشريعة الإسلامية، إلا إذا توافرت الحقوق الاجتماعية للمواطنين، مشيرا إلى أن الفاروق عمر بن الخطاب عطل تطبيق الحدود فى أوقات التقشف والأزمات الاقتصادية. وأدان عمار خلال ورشة عمل "الدستور المصرى والتشريعات العقابية المصرية بين عقوبة الإعدام وحماية الحق فى الحياة"، التى نظمها المركز العربى لاستقلال القضاء والمحاماة اليوم السبت، التعديل الحالى على تشكيل الجمعية التأسيسية للدستور قائلا: ليس توافقا أن تختار الأغلبية الأطراف التى تناسبها وإنما أن يتفق الجميع على الغايات والآليات، مشيرا إلى أن استدعاء القوى الإسلامية للتيارات السياسية الأخرى أصبح لا يشكل فارقا، مؤكدا أن قاعدة التصويت فى الأساس خاطئة وقائمة على تصويت الأغلبية البرلمانية. وأشار عمار فى تصريح ل"اليوم السابع " إلى أن هناك خلطا بين دور الأغلبية البرلمانية فى الحكم وسن التشريعات وبين صياغة الدستور، موضحا أن صياغة الدستور أسندت إلى غير أهله، ووضعه أعضاء غير جديرين دون إعلاء مبدأ الاستحقاق والجدارة، وتم استخدام بعض الأشخاص من التيارات المدنية كديكور لبناء مزيف وضعه الإسلاميون. وانتقد عمار لجوء بعض التيارات المدنية إلى المجلس العسكرى لحل أزمة الدستور قائلا: إن حل المشكلة ليست باستدعاء العسكر، وإنما ببناء تنظيم مدنى قوى قادر على اجتذاب الجماهير وحصد أصواتهم فى الانتخابات، مؤكدا أن المجلس العسكرى إذا تدخل للحفاظ على مدنية الدولة سيلحقها بوضعية خاصة للمؤسسة العسكرية فى الدستور. وأضاف عمار أن المجلس العسكرى يرى أن الثورة انتفاضة ضد التوريث ولن يسلم السلطة طواعية دون ضمانات للخروج الآمن والحفاظ على المكتسبات الاقتصادية للمؤسسة العسكرية، مشيرا إلى تصريحات قيادات المجلس العسكرى حول تمسكها بعدم إخضاع مشاريعها لرقابة الدولة كشفت على أن معركة الجيش الأخيرة هى الحفاظ على امتيازاته الاقتصادية خاصة أن المؤسسة العسكرية كانت لديها مكتسبات عرفية غير منصوص عليها فى الدستور، وكان الضامن لها وجود رئيس عسكرى والآن الأمر اختلف مع إمكانية وجود رئيس مدنى، مشددا على ضرورة جلوس القوى السياسية سويا لبحث حل مشترك لأزمة تشكيل الجمعية التأسيسية للدستور بعيدا عن المؤسسة العسكرية. وأضاف عمار خلال ورشة عمل المركز العربى لاستقلال القضاء أن تقديم السلفيين قانونا لتطبيق حد الحرابة يفتح مجالا لتغيير عقوبة الإعدام إذا تم تعديل المادة 2 من الدستور إذا قيل إن الشريعة هى مصدر أحكام الدستور، مشيرا إلى أنه إذا تم تطبيق أحكام الشريعة فى الدستور قد يرد ذلك إلى مطالبة التيار الدينى بإصدار عقوبة الإعدام على المرتدين، متحديا أى فقية دينى أن يأتى بنص قرآنى تنص على قتل المرتدين، مشيرا إلى أن الآية القرآنية التى تحدثت عن الردة أجلت العقوبة للآخرة والحديث الشريف المستند إليه ضعيف ومتناقض مع النص القرآنى والرسول صلى الله عليه وسلم لم يأمر بقتل المرتدين عن الإسلام. وأشار عمار إلى أن جزءا من مشكلة التيار الدينى أنه يطرح أفكار التيار المدنى باعتبارها مشروعا مستوردا ومؤامرة على خصوصية المجتمع، لافتا إلى أن النظام الاجتماعى الشرقى أفضل بكثير من مثيله الغربى، ولكنه يحتاج إلى مزيد من الاهتمام بقضية الحقوق والحريات. وأوضح عمار أن الصراعات السياسية القائمة استخدمت عقوبة الإعدام فى إطار الصراعات بين النظم السياسية القائمة والمتمردين أو المعارضين لها مستشهدا بالصدام الذى وقع بين الرئيس جمال عبد الناصر والإخوان، مما أدى إلى إعدام عدد من قيادات جماعة الإخوان المسلمين مثل العالم والمفكر سيد قطب الذى اتهم بالقتل وتشكيل تنظيم سرى لقلب نظام الحكم، وكذلك صدور المئات من الأحكام التى تقضى بإعدام أعضاء من الجماعة الإسلامية وحركة الجهاد فى عهد مبارك، لافتا إلى أن تسييس عقوبة الإعدام أمر فى غاية الخطورة، وأن تطبيق تلك العقوبة يتطلب إجراءات غاية فى التأنى وقضاء مستقل، وعدم تسييس القضايا المنظورة أمام القضاء بأى حال من الأحوال. واعتبر عمار أن الثقافة والتقاليد الاجتماعية سبب أساسى فى تطبيق عقوبة الإعدام، والاعتقاد فى أن العقوبة تنقضى فى الدنيا إن لم تكن من خلال القانون فبيد أهل المقتول، وأن هناك إيمانا جازما لدى الناس فى المجتمع بأن من قتل يقتل ولو بعد حين، لافتا إلى أنه إذا كان تطبيق العقوبة من أجل ردع الآخرين فلم يثبت حتى الآن أنها كافية لمنع ارتكاب جرائم جديدة والدليل أن الإعدام مستمر والجرائم متواصلة.