الساعة السادسة مساء، والهدوء يسيطر على شارع حسن محمود خليل النحاس المتفرع من شارع الهرم، والطلاب يتوجهون لحضور الدروس الخصوصية، والبائعون يتجولون لبيع بضاعتهم، بينما يركن موظف بالمعاش سيارته أمام العقار رقم 6 المكون من 3 طوابق ملك والديه المسنين اللذين حضر لزيارتهما والاطمئنان عليهما خاصة وأنهما يقيمان بمفردهما. يتحدث فى هاتفه المحمول أثناء اقترابه من مدخل العقار وصعوده على السلم، ويلقى تحية على عم "على" حارس العقار المجاور ثم يضغط على جرس باب شقة والديه مرة واثنتين، فلم يتلق استجابة فيطرق الباب بقوة إلا أنه لم يسمع أى رد منهما، مما دفع الشك إلى قلبه ويقرر الاستعانة بالمحامى الذى يستأجر مكتبا بالطابق الثانى، ويساعده على كسر باب الشقة، ليعثر فور دخوله الصالة على والده ووالدته ملقيين أرضاً فى سكون تام، أسرع إليهما وحاول تحريكهما إلا أنه تأكد والمحامى من أنهما أصبحا جثتين لا روح فيهما، فصرخ بكل قوة، ووصلت صرخته إلى جيرانه بالشارع، الذين تجمعوا لاستكشاف الأمر فيتضح الموقف لهما فيتصل أحدهم بغرفة النجدة وآخر على المقدم أحمد النواوى رئيس مباحث الطالبية ليبلغه عن الجريمة. وبعد مرور ساعة حضرت قوة أمنية من مباحث الجيزة يتقدمهم اللواء طارق الجزار، نائب مدير الإدارة العامة لمباحث الجيزة، ليعثر على الضحيتين مفارقتين للحياة، إثر تعرضهما للخنق وعلى الفور يتنشر رجال المباحث بأنحاء الشارع لجمع المعلومات وسؤال الجيران والبحث عن أى خيط يكشف ملابسات وغموض الحادث. وتتوصل تحريات العميد محمود فاروق مدير المباحث الجنائية إلى أن المجنى عليه "حلمى.م.ن" 96 سنة بالمعاش وحاصل على عدة بطولات رياضية فى تنس الطاولة وزوجته "صفية" 89 سنة ربة منزل، وابنهما الأكبر الذى اكتشف مقتلهما يقيم بشقة بمكان آخر، ويتردد عليهما من وقت لآخر للاطمئنان عليهما، يتردد عليهما 3 أشخاص بصفة أساسية أولهما "على" حارس العقار المجاور والذى يحضر لهما احتياجاتهما من السوق لعقارهما، وسيدة تحضر كل أسبوع لغسل السلم والحصول على أجرتها وعامل النظافة الذى يحضر يوميا فى الساعة السابعة صباحا. وعلى الفور تم استدعاء "على" حارس العقار المجاور لمناقشته وسؤاله عن الحادث ومدى علمه به وعلاقته بالمجنى عليهما، ومتى شاهدهما قبل الحادث، وهل صعد يوم الحادث إلى شقتهما أم لا، كما تم تكليف الرائد هشام حجازى، معاون قسم الطالبية بإجراء التحريات حول عامل النظافة والسيدة المختصة بمسح السلم أسبوعيا، للتأكد من حقيقة ارتباطهما بالحادث من عدمه ومناقشتهما حول الجريمة. فى ذات الوقت، بدأ النقيب إسلام الدينارى فحص علاقات المجنى عليهما وآخر المترددين على الشقة وحقيقة وجود خلافات بينهما، وجيرانهما من عدمه لتحديد الدافع وراء ارتكاب الحادث من خلال سؤال الابن الذى اكتشف الواقعة، والذى أصيب بحالة إنهيار نتيجة فقده والديه كما تم سؤال سكان العقار. وتوصل فريق البحث الجنائى إلى أول خيوط كشف الجريمة حيث تبين للعميد جمعة توفيق رئيس مباحث قطاع غرب الجيزة والعقيد محمد عبد التواب مفتش المباحث إلى وجود بعثرة بمحتويات الشقة، واختفاء مبلغ مالى ومصوغات ذهبية من داخل دولاب المجنى عليهمان وهو الأمر الذى أكد لرجال المباحث أن الدافع وراء الحادث هو السرقة. انتقلت "اليوم السابع" إلى المكان الذى شهد الجريمة وذكر سمير نشأت صاحب "سوبر ماركت" بالشارع أنه كان دائما ما يشاهد المجنى عليه متوجها إلى المسجد المجاور وبيده كرسى صغير يجلس عليه لأداء الصلاة نظرًا لكبر سنه، وكان يشاهده أيضا أثناء ركنه سيارته، حيث كان يتميز بإحداث ضجة أثناء إدخال السيارة للجراج الخاص به لبطء حركته وتكدس السيارات خلفه. وأضاف أن الضحيتين ليس لهما أى خلافات مع جيرانهما، مؤكدا أن الدافع وراء الحادث سينحصر فى كونه سرقة لأن المتهم استغل كبر عمرهما وإقامتهما دون أى مرافق لارتكاب الجريمة والاستيلاء على المسروقات. وعلمت "اليوم السابع" أن الجريمة تشهد اهتماما كبيرا من جانب رجال المباحث نظرا لأن المجنى عليهما يرتبطان بعلاقة قرابة بشخصية هامة.