عندما غادر " هتلر" ألمانيا متوجها إلى " فيينا" لكى يدرس فى معهد الفنون نزولا عن رغبة أبيه لاحظ هناك شيئا غاية فى الخطورة، وهو سيطرة اليهود والماركسيين على إصدار الصحف والتحكم فى مضامين ما يبثه أثير الإذاعات وأن اليهود والماركسيين بامتلاكهم تلك الامتيازات كانوا يتحكمون بشكل كبير فى عملية تشكيل الرأى العام لدى النمساويين. لذلك أخذ على عاتقه عندما وصل إلى سدة الحكم فى ألمانيا أن يهتم ب (الإعلام) تلك الوسيلة التى يستطيع من خلالها شحذ همم الألمانيين لتبنى أفكاره المعادية لليهود والماركسيين لذلك سأل وزير إعلامه "جوبلز" آنذاك ما هى الآليات التى سوف تقدمها لى للسيطرة على آراء الجمهور فما كان من جوبلز إلا أن قال له ( أعطنى إعلاما بلا ضمير أعطك شعبا بلا وعى). فى هذا الصدد أردت أن أسلط الضوء على إعلامنا المصرى بعد ثورة 25 يناير على خلفية ما يحدث الآن على الفضائيات من تضليل وشائعات وعبث بأفكار المتلقين لتحقيق مزيد من الإثارة ليس إلا. فهناك إعلاميون كانوا يمجدون الرئيس المخلوع "مبارك" وعندما اشتعلت الثورة شرعوا يزفونها فى برامجهم وما أن هدأت الثورة أثخنوها بالجراح وأهالوا على الثوار بوابل من سخام الأكاذيب وهؤلاء هم أنفسهم الذين يرون أن تخلى المجلس العسكرى عن السلطة هو ضرب فى تيه. فهم يبصقون شائعة أو فتوى فى المساء ولكنها لو مست نعل المجلس العسكرى يلعقونها فى مساء اليوم التالى ، فلا يخفى على كل ذى لب أن المجلس العسكرى حديث العهد بالسياسة فهو ليس بحاجة لأن يمجّد من قبل هؤلاء الإعلاميين لاسيما أننى أرى أن كفى المجلس العسكرى فى جدال و خلاف فهناك كف يزف الثورة و الآخر يلوح لأعدائها وأيقنت أن عينيه فى حول فعين ترى ميدان العباسية وعين لا ترى ميدان التحرير رمز الثورة. إن للثورة أعداء ولدوا مع ميلادها وكبروا معها ولبسوا أزياءها وصاحبوها بالسوء وحاصروها بالفتن وحفوها بالعداوات هم حقا أولئك الإعلاميون الأفاقون الآكلون على كل الموائد ومهما حمّلت عليهم المسئولية فى تضليل طريق الثورة وتجفيف منابعها فإننى بذلك أكون قد ضيقت واسعا... فإذا أرادت الثورة أن تستعيد هيبتها فإن ذلك يسوغ لى أن أقول إنه لابد وأن تغذوا آمالنا فى ذاتنا منعقدة وألا نطلب من مارد (الإعلاميين) لكى يخلصنا من المردة لأن الشعب بات يحتاج إلى مزيد من القرارات الفعالة لا مزيد من القنوات الكذّابة وبات يحتاج إلى تعبئة البطون وأنابيب الغاز بدلا من تعبئة الرأى العام.