شهدت الجلسة العامة لمجلس الشيوخ، المنعقدة اليوم الأحد، استعراض تقرير اللجنة المشتركة من لجنة حقوق الإنسان والتضامن الاجتماعي ومكاتب لجان الشئون الدستورية والتشريعية، والثقافة والسياحة والآثار والإعلام، والشئون الدينية والأوقاف عن الدراسة المقدمة من النائب محمد هيبة، بشأن ظاهرة العنف الأسري- الأسباب والآثار وسبل المواجهة. وأكد النائب محمد هيبة، رئيس لجنة حقوق الانسان بمجلس الشيوخ، استناد الدراسة للدستور المصري، الذي أسبغ الحماية على الأسرة المصرية بأطرافها المختلفة عبر العديد من النصوص، لافتاً إلي أن البحث العميق للعنف الأسري بشتى أبعاده كشف عن وجود مشكلة تواجه المجتمع نتيجة الممارسات العنيفة التي قد تشهدها بعض الأسر المصرية، كما يكشف البحث المعمق أيضا وفقًا لاستطلاع الرأي الذى أجرته اللجنة بمعرفة المتخصصين – أن العنف الأسري لا يرقى إلى حد الظاهرة المقلقة لكنه يبقى مشكلة تبحث عن حل.
ونوه هيبة إلي التعريف الذي أقرته الدراسة ل "العنف الأسري" بأنه السلوك الذى يقوم به أحد أفراد الأسرة عمدا ضد فرد آخر من نفس الأسرة، لأسباب قد تكون ذاتية أو نفسية أو اجتماعية أو ثقافية، ويلحق ضررا جسديا أو عاطفيا أو نفسيًا أو اقتصاديا، أو جميعهم، ويتخذ أيا من الصور التالية: الضرب بأنواعه، الدفع بقوة، إلى الذراع، الركل، القذف بشيء صلب، التسبب فى كسر، أو جروح، أحداث جرح بالسكين، الحرق بالنار، القتل، حبس الحريات، الإرغام على القيام بفعل ضد رغبة الفرد، السب، منع الزوجة من زيارة الأهل، منع الزوجة من الإنجاب أو إجهاضها، إساءة معاملة أحد أفراد الأسرة، التمييز فى المعاملة بين الذكور والإناث، الاستيلاء على أموال أحد أفراد الأسرة بالإكراه، كسر أو إتلاف أو تبديد المتعلقات الشخصية لأحد أفراد الأسرة، نشر الصور أو مقاطع الفيديو الخاصة لأحد الزوجين على الإنترنت" العنف الإلكترونى، منع شخص داخل الأسرة من الحصول على الأكل أو الشرب أو الدواء، الزواج المبكر للفتيات، الحرمان من التعليم، ختان الإناث، ودفع أحد أفراد الأسرة للانتحار.
ونوه "هيبة" في محض استعراضه للدراسة، إلي استطلاع الرأي الذي تم إجرائه للمواطنين، تضمن رأيهم حول مسألة العنف الأسري، وانتشاره داخل المجتمع وطبيعة الفئات التى يظهر فيها وظهوره جغرافيا ونسبة تكرارها والطرف الذي يمارس العنف وأسباب حدوثه وزيادة العنف فى فترة كورونا، وأبرز أشكاله داخل الأسرة، ورد فعل الضحية واثاره، وأيضا رأيهم فى إصدار تشريع جديد للعنف الاسرى، ودور الأسرة ووسائل الإعلام ومؤسسات الدولة، ومؤسسات المجتمع المدنى فى مواجهة العنف الأسري.
ولفت "هيبة" إلي أن الدراسة أكدت أن 71 % من المستجيبين أنه سلوك مرفوض تماما، مقابل 26% ذكروا أنه سلوك معتاد حدوثه، فيما قال 3% إنه سلوك لازم في بعض الأحيان، ويشار إلى أن نسبة رفض سلوك العنف الأسري كانت أعلى بين الإناث وبلغت 86 % من إجمالى الإناث في العينة فيما بلغت نسبة الذكور الرافضين %56 فقط، وأفاد 40.4 % من الذكور إنه سلوك معتاد حدوثه، مقابل 11.8 %فقط من الإناث ذكرت نفس الأمر، وأن ضرب الزوج للزوجة واهانتها لفظيا في المرتبة الأولي بواقع 93%.
واستعرض "هيبة" التوصيات المتعددة التي انتهت إليها اللجنة الدراسة البرلمانية، في 7 مجالات وهي التشريع والحماية الاجتماعية والصحة والإعلام والثقافة والدين والتعليم مؤكدة فى تقريرها أن مواجهة العنف الأسرى ليس مسؤولية جهة بعينها بقدر ما تستلزم تضافر الجهود فى تناغم عبر استراتيجية طويلة الأمد تعالج المسببات و المرض.
وتضمنت أبرز التشريعات التي استعرضها النائب محمد هيبة، التأكيد علي أهمية إنشاء منظمة مصرية تهدف إلى تعزيز تماسك الأسرة المصرية ونبذ العنف الأسرى بشتى صوره ومنع انتشاره، والعمل على دعم الثقافة المجتمعية ودفعها نحو توطيد السلوك القويم داخل الأسر المصرية، للوقاية من ظاهرة العنف الأسرى، تُسمى "المجلس الاستشارى لمناهضة العنف الأسرى" يضم فى تشكيله ممثلين عن المجالس القومية: لحقوق الإنسان، والمرأة، والطفولة والأمومة.
كما أوصت بتعزيز الحماية التشريعية من خلال سن تشريع لتجريم العنف الأسرى أسوة بعديد من الدول سواء على الصعيد الإقليمى أو الدولى، فضلا عن التوصية بالتوسع فى برامج تأهيل المقبلين على الزواج عبر المؤسسات الحكومية ذات الصلة ومنظمات العمل الأهلى والمؤسسات الدينية والتوسع فى إنشاء وحدات الدعم النفسى التى تختص بتأهيل وإعادة دمج ضحايا العنف وتأهيل القائمين عليه وزيادة عدد دور استضافة المعنفات فى المحافظات المختلفة وتفعيل أدوار أندية الطفل / الفتاة / السكان داخل مراكز الشباب وتفعيل لجان الحماية التابعة للمجلس القومى للأمومة والطفولة، وبناء قدرات فريق المجلس القومي للطفولة والأمومة ولجان الحماية والشركاء على المستوى المحلى والمركزى بالإضافة إلى تيسير شروط المشروعات متناهية الصغر والمتوسطة لتوفير مصادر دخل مناسبة فى محاولة لسد منافذ العنف الأسرى المحتمل.
وأكدت الدراسة، أهمية تأهيل الأئمة والدعاة والقساوسة - عبر برامج تدريبية علمية – على تناول قضايا الأسرة وبث روح المودة والتآلف بأسلوب جاذب يلائم الفئات المستهدفة وإنشاء منصة إلكترونية تابعة لوزارة الأوقاف تتضمن كل ما يحتاجه الخطيب والداعية من قضايا مجتمعية تمس اهتمام الفئات المستهدفة، فضلا عن البدء فى تدشين استراتيجية وطنية للوعى تستهدف التخلى عن الموروثات البالية المرتبطة بالزواج المبكر وكثرة الإنجاب والعلاقة داخل الأسرة.