تشكيل هيئة مكتب نقابة أسنان القليوبية    نقيب الفلاحين يعلن دعمه لاتحاد القبائل العربية بقيادة العرجاني    إحتفاء بذكرى ميلاده..محافظ الشرقية يؤدى صلاة الجمعة بمسجد الدكتور عبدالحليم محمود في بلبيس    الملتقى الأول لشباب الباحثين العرب بكلية الآداب جامعة عين شمس    إزالة حالة تعدي على أرض زراعية بقرية الفاوية في قنا    أسعار البصل اليوم بالمحافظات.. انخفاض في سعر الكيلو وتوقعات بالمزيد    حملة بحي شرق القاهرة للتأكد من التزام المخابز بالأسعار الجديدة    محافظ كفر الشيخ: انتهاء أعمال رصف شارع المعهد الديني ببلطيم بطول 600    «المشاط»: 117 مشروعًا لدفع مشاركة المرأة وتمكينها اقتصاديًا واجتماعيًا    وزيرة التخطيط: 7.7 مليار جنيه استثمارات عامة لمحافظة الأقصر خلال 23-2024    وزيرة الهجرة تشهد احتفال «يوم أوروبا» وتؤكد: علاقات متميزة وتعاون وثيق بمختلف المجالات    محافظ بني سويف يوجه بمتابعة استمرار التسهيلات في تلقى طلبات التصالح بالقانون الجديد 187    تحذير شديد من الأمم المتحدة بشأن الأوضاع في غزة    الاتحاد الأوروبي يدين الهجوم على مباني الأونروا في القدس الشرقية    أوكرانيا: روسيا بدأت هجوماً برياً في منطقة خاركيف    قصة غلاف| «تايم» ترصد انتفاضة الجامعات الأمريكية ب«عدسة الصحفيين الطلاب»    فانتازي.. أفضل 4 لاعبين ذوي ملكية منخفضة للجولة المزدوجة (DGW37)    أعضاء مجلس الزمالك يستقبلون المنسق الأمني لمباراة نهضة بركان    محلل أداء منتخب الشباب يكشف نقاط قوة الترجي قبل مواجهة الأهلي    بيرسي تاو يحصد جائزة أفضل لاعب في اتحاد دول جنوب إفريقيا    ضبط 40 شيكارة دقيق مدعم في السوق السوداء بقنا    إصابة 6 أشخاص في حادث انقلاب سيارة ميكروباص بالطريق الأوسطي    تشييع جثمان عقيد شرطة ضحية تصادم سيارة مع جمل ببني سويف    مشاجرة بين عائلتين بالأسلحة البيضاء وإصابة شخصين بالفيوم    ضبط لحوم وكبدة غير صالحة للاستهلاك البشري بأحد المطاعم في الفيوم    حفاران حطما الجدران.. كيف ساهمت مياه الشرب في إخماد حريق الإسكندرية للأدوية؟- صور    ما حكم إيداع الأموال في البنوك وأخذ الفوائد؟ مفتي الديار المصرية يجيب    بالصور- جامعة المنيا تحصد 4 مراكز متقدمة في منافسات مهرجان "إبداع"    أحمد العوضي.. "ياسمين خير حبيبة وزوجة"    سنوات الجرى فى المكان: بين التلاشى وفن الوجود    خطيب الجمعة ب "الأزهر": الحضارة الإسلامية حوربت عبر تشكيك المسلمين في تراثهم    الأدلة 60 صفحة.. توضيح مهم لمفتي الجمهورية بشأن التعامل مع البنوك    الرعاية الصحية: تقديم 16 مليون خدمة طبية بالمستشفيات والوحدات التابعة    عادات يومية للتحكم في نسبة السكر بالدم.. آمنة على المرضى    وزير الري يلتقى المدير الإقليمي لمكتب اليونسكو بالقاهرة    الكشف الطبي بالمجان على 1282 مواطنًا في قافلة طبية بدمياط    دعاء الجمعة للمتوفي .. «اللهم أنزله منزلا مباركا وأنت خير المنزلين»    الجيش الإسرائيلي و"حزب الله" يتبادلان القصف    انطلاق فعاليات القوافل التعليمية لطلاب الثانوية العامة بالشرقية    في محكمة الأسرة.. حالات يجوز فيها رفع دعوى طلاق للضرر    الاستغفار والصدقة.. أفضل الأعمال المستحبة في الأشهر الحرم    رحلة مبابي في باريس تنهي بمكالمة الخليفي    هنا الزاهد وشقيقتها فرح يرقصان في حفل زفاف لينا الطهطاوي (صور وفيديو)    رد فعل محمد عادل إمام بعد قرار إعادة عرض فيلم "زهايمر" بالسعودية    تجنب 4 أطعمة لتقليل خطر الإصابة بالسرطان    الإسكان تناقش آليات التطوير المؤسسي وتنمية المواهب    463 ألف جنيه إيرادات فيلم فاصل من اللحظات اللذيذة في يوم واحد بدور العرض    حماس: الكرة الآن في ملعب الاحتلال للتوصل لهدنة بغزة    فضل يوم الجمعة وأفضل الأعمال المستحبة فيه.. «الإفتاء» توضح    نشوب حريق بمصفاة نفط روسية بعد هجوم أوكراني بالمسيرات    شخص يطلق النار على شرطيين اثنين بقسم شرطة في فرنسا    لمواليد 10 مايو.. ماذا تقول لك نصيحة خبيرة الأبراج في 2024؟    الناس بتضحك علينا.. تعليق قوي من شوبير علي أزمة الشيبي وحسين الشحات    3 فيروسات خطيرة تهدد العالم.. «الصحة العالمية» تحذر    مايا مرسي تشارك في اجتماع لجنة التضامن الاجتماعي بمجلس النواب لمناقشة الموازنة    رد فعل صادم من محامي الشحات بسبب بيان بيراميدز في قضية الشيبي    اللواء هشام الحلبي يكشف تأثير الحروب على المجتمعات وحياة المواطنين    نهائي الكونفدرالية.. تعرف على سلاح جوميز للفوز أمام نهضة بركان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مفهوم "الوساطة" الدولية (3).. مصر ونموذج "الوسيط" الإقليمي
نشر في اليوم السابع يوم 03 - 01 - 2023

يبدو أن الاختلاف، الذي باتت تفرضه المستجدات الدولية، في اللحظة الراهنة، على مفهوم "الوساطة" الدولية، لم تعد قاصرة على طبيعة الدور، وضرورة تحول القوى القادرة على القيام بهذا الدور، من مجرد وسيط بين أطراف الصراع، إلى طرف يمكنه تقديم ضمانات حقيقية، فيما يتعلق بتحقيق ما يمكن التوصل إليه من اتفاقات، في ظل الطبيعة الخشنة التي سوف تتسم بها المراحل القادمة من عمر الصراعات القائمة، وعلى رأسها الأزمة الأوكرانية، وهو ما ساهم في بزوغ قوى دولية جديدة، على غرار الصين، والتي استطاعت الاحتفاظ بقدر كبير من التوازن، في علاقاتها مع محيطها الدولي، لتتجاوز في نفوذها القيادة الدولية بمعناها التقليدي، والقائم على فرض رؤيتها على محيطها الدولي، عبر التقارب مع مختلف أطراف المعادلة الدولية، ومن ثم تحقيق اختراقات كبيرة في تجاوز الأزمات الراهنة.
ولكن بعيدا عن الأزمة الأوكرانية، والتي تمثل امتدادا للصراع الدولي التقليدي بين الشرق والغرب، والدور الصيني المرتقب، وهو ما أسهبت في الحديث عنه في مقالي السابق، ثمة أزمات دولية تبدو جديدة تماما، على غرار حالة "الصراع مع الطبيعة"، في ظل ظاهرة التغيرات المناخية، وتفشي الأوبئة، والتي كشفت حالة من التباعد بين دول العالم، في ظل انقسامات كبيرة حول الكيفية التي يمكن التعامل بها، لاحتواء الأوضاع الدولية الراهنة، وهو ما يمثل خطورة كبيرة ليس على دولة أو منطقة بعينها، وإنما على الكوكب بأسره، وهو ما يضفي طبيعة جديدة لدور "الوسيط"، ليتجاوز الصراع بين دولتين أو معسكرين متناحرين، إلى نطاق إقليمي أكبر، عبر القوى الإقليمية المؤثرة في كل منطقة جغرافية، والتي من شأنها تبني مواقف موحدة، في مناطقها، تجاه مثل هذه القضايا، مع تقديم الضمانات حول التزامها بالمعايير المطلوبة للوصول إلى حلول في مناطقها، جنبا إلى جنب مع التفاوض باسمها، مع القوى الدولية والإقليمية الأخرى، حول ضرورة الإحتفاظ بحقوقهم، فيما يتعلق بالتنمية والاستقرار.

فلو نظرنا إلى قضية المناخ، باعتبارها أحد أكثر الأزمات المستحدثة بزوغا على الساحة الدولية، نجد أن مصر تمثل نموذجا مهما للدور الجديد يمكننا تسميته ب"الوسيط" الإقليمي، وهو ما بدا بوضوح إبان القمة التي عقدت في شرم الشيخ في شهر نوفمبر الماضي، وما قبلها، حيث نجحت في الحديث أمام العالم باسم محيطها القاري والإقليمي، والدفاع عن حقوقه التنموية، وأحقيته في الحصول على تعويض بعدما لحق دوله من تجريف، بسبب جموح طموحات الدول الكبرى، والتي دأبت على استنزاف الموارد هنا أو هناك، دون مراعاة لمستقبل الشعوب، التي قبعت في الفقر لعقود، أو حتى لثورة الطبيعة، التي ضجرت من الاستخدام غير المسؤول للموارد.

ولعل نجاح مصر في القيام بدور "الوسيط" الإقليمي، يرجع في جزء كبير منه إلى خبراتها الدبلوماسية الكبيرة، وموقعها المتميز، كنقطة اتصال إقليمي، ناهيك عن تحركاتها الدؤوبة طيلة السنوات الماضية لتحقيق التقارب بين مختلف الأقاليم، انطلاقا من إفريقيا، مرورا بالشرق الأوسط، وحتى أوروبا، نحو آسيا، عبر العديد من الشراكات، التي انطلقت في نطاق ضيق، لتتسع بعد ذلك، لتتجاوز الجغرافيا الضيقة نحو العالمية، على غرار العديد من منتدى غاز شرق المتوسط، والذي انطلق من الشراكة الثلاثية مع اليونان وقبرص، ليتسع ويشمل العديد من الدول، من مختلف مناطق العالم، وكذلك مؤتمر بغداد، والذي بدأ بشراكة مع كلا من العراق والأردن، ليتحول إلى منتدى إقليمي بمفهومه الأوسع.

إلا أن مؤهلات الدولة المصرية للقيام بالدور المستحدث، لا تقتصر على قدرتها الدبلوماسية العملاقة، وإنما امتدت إلى نجاحها في تقديم نفسها كنموذج لمنطقتها، في إطار الالتزام بالمعايير البيئية في مشروعاتها العملاقة، والتي تهدف في الأساس لتحقيق التنمية المستدامة، وهو ما يؤهلها لتعميم، تجربتها، ليتحول هذا النجاح إلى "ضمانة" عملية، إلى جانب ثقلها الدبلوماسي، لإمكانية تحقيق طفرة فيما يتعلق بالقضية المناخية، في دول العالم النامي، شريطة التزام الدول المتقدمة بتقديم الدعم المطلوب لهم، في إطار المصالح المشتركة، والتي تتجسد، في حماية الكوكب من المخاطر المحدقة به في اللحظة الراهنة، خاصة مع التداعيات الكبيرة التي تشهدها مختلف المناطق جراء تفاقم الأزمة، بين حرائق تلتهم مساحات واسعة من الأراضي، وفيضانات تأكل الأخضر واليابس، في السنوات الماضية.

وفي الواقع، يبدو تدشين صندوق الخسائر والأضرار خلال قمة المناخ الأخيرة، بمثابة دليلا دامغا على نجاح مصر في القيام بدورها ك"وسيط" إقليمي، عبر مارثون من المفاوضات، قدمت فيه الدولة المصرية "الضمانات" المطلوبة حول قدرة منطقتها على مواكبة المعايير البيئية المطلوبة، عبر تقديم نفسها كنموذج في هذا الإطار، بينما استغلت ثقلها الدبلوماسي لتحويل حالة "الصراع"، بين الدول المتقدمة والنامية إلى تعاون، من خلال إطلاق منتدى الهيدروجين الاخضر مع بلجيكا، والتي تعد عاصمة الاتحاد الأوروبي، ليكون لبنة مهمة للتكامل الدولي، بين مختلف الأقاليم، في إطار اعتماد الطاقة النظيفة، بدلا من الوقود الأحفوري مع تنامي أزمة الطاقة، والتي تجلت في أبهى صورها مع اندلاع الأزمة الأوكرانية.

وهنا يمكننا القول بأن "الوساطة" الإقليمية، تمثل صورة جديدة للمفهوم، والذي بات لا يعتمد على مجرد النفوذ، ولم يعد مقتصرا على هيمنة قوى بعينها، وإنما أصبح مرتبطا بالمرونة التي تحظى بها الدولة، سواء في موقفها من القضايا الدولية، أو في التعامل مع الأزمات، عبر تقديم ضمانات حقيقية من شأنها تحويل حالة الصراع إلى تعاون أو تكامل لتحقيق الانطلاق نحو تقديم حلول طويلة المدى للأزمات القائمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.