ماذا يحدث فى مصر؟ ماذا جرى للشباب، لماذا كل هذا العبث؟.. الشباب المصرى أصبح يعبث فى كل شئ وبأى شئ دون مراعاة لأى شئ. هزنى للغاية العبث الذى يحدث فى الرقم المجانى للإسعاف والتى تستقبل يوميا مائة ألف مكالمة، الحقيقى منها 700 مكالمة فقط، هل هناك عبث أكثر من ذلك؟ هل هو الفراغ الذى يلف حياة الشباب الآن؟ هل كفر الشباب بكل شئ حتى حياة الإنسان البسيط الذى يحتاج إلى المساعدة لإنقاذه؟ لا يوجد فى العالم عبث بحياة الناس، هذا هو الخط الأحمر فى حياة الشعوب مهما كانت همجيتها، اعتقد أننا بهذا السلوك تخطينا الخط الأحمر فى قضية من أهم القضايا، فكفى أننا لاندرك مدى اهمية الثوان لإنقاذ حياة مريض، ولا نقوم بإفساح الطريق لسيارات الإسعاف التى تنقل المريض، وتحت ادعاء أزمة المرور وضيق الشوارع والزحام، ولكن أن نعبث ونلهو إلى هذا الحد. أصبحت هناك شكوى دائمة من جموع الشباب التى تجوب شوارع القاهرة ليلا ونهارا دون هدف أو قصد، بل ولا أنشر سرا عندما تحدث معى مسئول كبير أن قرار الحكومة برفع سعر البنزين الأخير جاء للحد من ظاهرة انتشار الشباب ليلا ونهارا فى الشوارع، والاستخدام السيئ للسيارات واستهلاك البنزين المدعوم بصورة مسرفة، ولم يفلح أى إجراء للحد من انتشار الشباب، خاصة فى فترات الليل بالشوارع حتى التغاضى عن إقامة المقاهى جاء من أجل السيطرة على هؤلاء الشباب داخلها. جزء كبير من المكالمات الهاتفية الخادعة للإسعاف كان فى فترات الليل تلك الفترات التى تعتبر الآن ملكا خاصا للشباب، والتى تشهد لهوهم وشغبهم وعبثهم. وحقيقة فشلت أن أفسر أو أحلل الأسباب الرئيسية لهذا العبث، هل هو مجرد لهو؟ أو مجرد تهريج رخيص أو تعبير عن سخط عام أو تعبير عن فقدان الأمل أو توجيه الانتباه إلى شباب يشعر أنه مهمش داخل وطنه، أو هو غياب للقيمة والقيم؟ هل هو غياب للقدوة، هل هو جرس انذار من هؤلاء بأن هذا هو العبث الأصغر والقادم هو العبث الأكبر؟ وهل هذا نتيجة طبيعية لتهميش هذا الجيل؟ وهل هذا العبث نتيجة للفساد الموجود؟ وهل هذا مجرد تنفيث عن الإحباط الذى يشعر به الشباب؟. القضية أكثر وأكبر من مجرد عبث مكالمات تليفونية لاستدعاء كاذب للإسعاف، بل إنها تعدت حتى المشاعر الإنسانية، ولابد من النظر إليها على أنها بداية للعمل الإيجابى فى المنطقة السلبية، منطقة الهدم والدمار، وتشويه أى شئ، وخاصة مكتسبات الشعب والمرافق الأساسية والتى هى ممتلكاتنا جميعا، وليس هناك إمكانيات فى ظل الظروف الاقتصادية الصعبة لإعادة بنائها من جديد اذا ما تعرضت لا قدر الله إلى أى دمار أو إتلاف. حان الوقت للاهتمام بهذا الجيل من الشباب وعدم تهميشه فى كافة نواحى الحياة، وإشراكه بصورة إيجابية فى المنظومة العامة، وإعادة انتمائه المفقود مرة أخرى، وإعادته إلى أحضان مصر التى كانت دافئة قبل أن يستشرى الفساد فى عروقها.