"جميعنا مرضى نفسيين، مختلفو الحالات".. تلك هى الحقيقة مهما حاول البعض إنكارها. هل حاولت أن تصرح لأحد أصدقائك بأنك متعب وتود زيارة طبيب نفسى، ففوجئت بالرد: ليه هو أنت مجنون؟!. لماذا لا يذهب المصريون إلى الطبيب النفسى؟ كان هذا هو السؤال الذى توجهنا به لعدد من الناس من قطاعات مختلفة، وانحصرت الأسباب فى عدم الثقة فى المعالج النفسى، وعدم الشجاعة الكافية للاعتراف بوجود حالة نفسية ما، بالإضافة إلى الموروثات الخاطئة التى تجعل البعض يحجم عن التواصل مع الطبيب النفسى، فضلاً عن عدم توافر الأطباء النفسيين كباقى الأطباء، وارتفاع أسعار الكشف الباهظة التى لا يقدر على دفعها المنتمون للطبقة المتوسطة والفقيرة. هناك سبب آخر أضافه البعض قائلاً: اللجوء إلى الله أفضل من اللجوء إلى معالج نفسى، وهذا سبب لا يقره الدين كما يقول الشيخ فرحات المنجى، فقد خلق الله الإنسان من مادة وروح، فإذا تساوت الكفتان كان الإنسان معتدلاً فى حياته، أما اضطراب الشخصية فيأتى من اعتلال أحد العنصرين، خاصة الجانب الروحانى، وهنا يجب أن يعود الإنسان إلى ربه، ويتمثل ذلك فى تأديته العبادات على أكمل وجه وقراءة القرآن الذى فيه شفاء للصدور، واللجوء إلى الطبيب النفسى إذا كانت الحالة مستعصية. ويفسر د.عصام عبد الجواد أستاذ الصحة النفسية بكلية التربية النوعية بجامعة القاهرة، الإحجام عن الذهاب للطبيب النفسى برغم الحاجة إليه، بأن هناك بعض الأشخاص يعانون من مشاكل نفسية نتيجة الظروف الاقتصادية والاجتماعية الراهنة لكن لا يبادرون بالاستشارة النفسية. وأضاف أن هذا يرجع إلى مجموعة أسباب منها الحالة الاقتصادية، الموروثات الخطأ، قلة العيادات النفسية وارتفاع أسعار الكشف، وهناك بعض الحالات مثل حالات الاكتئاب يصل بها الأمر إلى أنها تريد أن تبقى فى هذه الحالة لشد الانتباه أو أن تكون محوراً للفت الأنظار، وأحيانا يأتى الاكتئاب من المقربين للحالة، فلا تريد الحالة أن تلجأ للعلاج لأنها لا تريد التواصل مع من حولها. ومعظم حالات الاكتئاب تأتى للمسنين لأنهم لا يجدون طريقة سهلة للتواصل مع من حولهم، وهناك إحصائيات تقول أن الرجال أكثر عرضة للاكتئاب من النساء، لأن الوسيلة الأساسية للتخلص من الاكتئاب هى البكاء، وهذا ما يجرى محوه منذ زمن من خلال قاموس التربية المصرية للولد، فمن المعروف أن "الراجل ميعيطش". ويشير د.عبد الجواد إلى أن 90% من مرضى السكر والضغط يصابون بها لأسباب هى فى الأصل نفسية. كما أن هناك حالات نفسية عندما لا تلجأ إلى طبيب نفسى فى الوقت المناسب، يتحول المرض النفسى لديها إلى مرض عقلى، وهنا يصعب التعامل معه و القضاء عليه. "الوعى مهم".. كما يؤكد د. عبد الجواد، فيجب أن نعرف الفرق بين الطبيب النفسى وأستاذ علم النفس، الأول يعالج عن طريق الجلسات النفسية بلا أدوية، أما أستاذ علم النفس فيعمل على إجراء الحوار مع الحالة، والنوع الثالث وهو أخصائى الأمراض العقلية وجراحة المخ والأعصاب، ويستعان به فى حالات الصرع والشلل. الحل كما يراه د. عبد الجواد للتعامل من الأمراض النفسية، هو فى وجود حوار بين أفراد الأسرة، والمبادرة بالذهاب للطبيب النفسى فهناك عيادات مجانية، وعيادات بأسعار كشف مخفضة.