لقد طار النوم من عينى، واضطرب فؤادى، وعنست بنات أفكارى مشاركة منى لوزير التضامن الاجتماعى الذى يخوض معركة ضروسا ضد عفاريت الخبز الذين هربوه دقيقا، وشحوروه رغيفا، ومسخروه طابورا، وانتهوا بالزبون قتيلا، فنشاطركم الأحزان سيدى الوزير، يا من بدلا من توصيل الدعم إلى مستحقيه أوصلتم مستحقيه إلى مثواهم الأخير، مشاركة منى للسيد الوزير فى حمل"الهم االلى ما يتلم" فإننى أقترح عليه فكرة ربما تساهم فى حل مشكلة رغيف العيش. ولأننا فى ظل حكومة ذكية تكنولوجية كمبيوترية ويسعى رئيسها إلى أن يكون لدى كل مواطن لاب توب، ربما يلهيه عن الأكل والشرب، ولكن فكرتى تقوم على أن يتحول كل مخبز إلى ما يشبه محطة مترو الأنفاق، حيث يتم عمل بوابات إلكترونية أمام كل مخبز ومع المواطن بطاقة ممغنطة خاصة به لفتح البوابة، ولكل مخبز عدد من المواطنين مربوطين عليه "أى مقيدين عليه" ومقدرة الكمية، أى عدد الأرغفة ومن هنا لا يمكن صرف الخبز إلا للمقيدة أسماؤهم بالمخبز، ولن يستطيع المخبز التصرف فى الحصة دقيقا أو خبزا، ولكن قد يسأل سائل ماذا لو زارنى ضيف؟ كيف أدبر له رغيفين أو أكثر؟.. والإجابة هى أن يقوم المضيف والضيف بإبلاغ إدارة المراسم والضيافة بالوزارة إلكترونيا أى بالإميل ليحصلا على" خبز الضيف "على ألا تتكرر هذه العملية أكثر من مرتين شهريا بحد أقصى عشرة أرغفة، أى تكون هناك كمية معينة لمثل هذه المواقف تسمى "عيش طوارئ"، ويمكن عمل منافذ لخبز الضيوف وتكون بسعر مضاعف حتى يشعر الضيف بغلاوته عند مضيفه، ربما بهذه الطريقة ننهى إهدار الخبز باستعماله علفا للبهائم، ونحد أيضا من الطفاسة والأكل بشراهة، ونقلل من عدد الضيوف الرخمين التقال على القلب والمعدة. وربما يؤدى ذلك إلى تغيير فى فكرنا وثقافتنا الغذائية فنجد مهر العروسة أردبين قمح ونص شوال سكر، ومؤخر الصداق ثلاثة أرادب قمح وأردب ذرة وثلاث كيلات ردة أو نخالة، وثلاثة عشر رغيفا، ربما هذه الثقافة تحد من عمليات الطلاق، وربما تضع حدا للزواج من الأساس. لو أن حاتم الطائى بيننا لكتب على خيمته بالنيون "عزيزى الضيف.. أنا مستعد أدبحلك ناقتى وزوجتى والعيال بشرط أن تحضر معك الخبز"، وربما اضطر حاتم الطائى إلى إطفاء النار وقتل كلبه وكل كلاب الحتة حتى لا يهتدى عابر سبيل إلى خيمته العامرة بكل شئ، ولا ينقصها إلا مشاهدة رؤياكم الكريمة وكام رغيف عيش، وربما يعلن حاتم الطائى فى إحدى القنوات الفضائية إعلانا يقول "الناقة مقابل الخبز" على طريقة الأرض مقابل السلام، هذا وربما إذا استمرت أزمة الخبز طويلاً ربما تغيرت مفاهيمنا لأشياء كثيرة، فبدلاً من أن يحلف المواطن بالعيش بصفته نعمة قائلا: "والنعمة دي" نجده يمسك الرغيف ويحلف قائلا: "والأزمة دي"، وبدلا من أن يدعى المواطن على نفسه بقوله المعتاد: "إن شا الله أموت حرقا فى قطار الصعيد أو أموت غرقا فى العبارة" نجده يدعى على نفسه قائلا: "إن شاالله أموت مقتول فى طابور عيش". وربما يتنبه حاتم الطائى إلى أهمية تشكيل أمانة فرعية لحزب الخضر المصرى فى الصحراء التى يقيم فيها، ويبدأ زراعة القمح أملا فى تحقيق اكتفاء ذاتى لأنه ربما يبيع الناقة ذات يوم ويرفض الجميع أن يبيعوه قمحهم، فيعرض ثمن الناقة نظير رغيف واحد.. فيرفضون.. فيموت المسكين جوعاً.