سأبدأ حديثى حول العلاقة الراسخة والقوية بين الدستور القرآنى والتشريع السنى، فهما مكملان لبعضهما، أستطاع الفقهاء والعلماء من استخلاص تلك التشريعات والقوانين التى تعتبر كفيلة ببناء دستور قوى ومنظم ولا يوجد فيه أى تعارض بين مواده وقوانينه، ولا يستطيع أحد أن يشكك فى ذلك، ولكن لماذا أصبح ذلك التشريع شيئاً لا يريده الناس أو لأكون عادلا وصادقا تطبيقه يجعل الدولة دولة دينية وليست مدنية!! وكل الأدلة الدينية تثبت أن الدستور الإسلامى فى الأصل وضع من أجل أن يحيا الناس فى سلام وأمان ورخاء، ولم يفرق الدستور الإسلامى بين أحد وآخر ولم يضع الغنى فى كفة والفقير فى كفة ولم يطلب بطرد أصحاب الديانات الأخرى، لقد جعل هناك الظالم والعادل، الطيب والشرير، المحبوب والمكروه، الصادق والكاذب، هذا ما فرق بينهم الدستور الإسلامي، فهو دستور كوني، أنزله الله للإنسان..فما المشكلة ؟! دعونى أذهب إلى مقال الدكتور طارق البشرى وهو حاليا رئيس لجنة تعديل الدستور، فقد قال فى مقالته "فى الجدل حول الدينية والمدنية"، إن ليس هناك دولة دينية أو دولة مدنية بل هما وجهان لعملة واحدة وضرب مثلا بأن كان للشاعر جلال الرومى تلميذ أحول وقدم له إبريق شاى وعندما هم التلميذ بالشرب، فقد رأى الإبريق إبريقين بسبب حوله فاحتار من أين يبدأ وجاءته فكرة بكسر أحدهما لينهى تلك الحيرة وعندما كسره فوجئ بأنه كان الإبريق الوحيد!!! بالطبع ما ذكره الدكتور طارق نصفة صحيح، النصف الصحيح فهو ما ذكرته فى بداية المقال الدين جاء إلينا لحياة هادئة أمنة سالمة، وألا تعارض بين الدين فى الدنيا نهائيا بل بالتفكير سنجده الأصلح والأصح من كل الهراء الذى نفعله، أما النصف الثانى الخاطئ فإنه يتلخص فى مقولة للشيخ محمد الغزالى فى مقدمة كتابه "السنة النبوية بين أهل الفقه وأهل السنة" إن ممثلين يعيشون فى الأوحال صنعوا لأنفسهم بطولة على أساس أن الإسلام يحارب الفن !!، نحن الذين مكّنا المهازل من الدعوى العريضة، وهم بفنونهم الرخيصة لا يساوون شيئا، أنا أكره التعصب المذهبى وأراه قصور فقه، وقد يكون سوء خلق، وبديهى أن تسمع حدثا يقول فلان لا يعرف حديث الاستفتاح ولا سنة الاستعاذة ولا يدرك خطورة البسملة، أبو حنيفة لا يرفع يديه قبل الركوع ولا بعده". ما يريد أن يصل إليه الشيخ محمد الغزالى الدين يسر، الدين فى الأول والأخر علاقة العبد بربه ما هو إلا الوسيلة والأداة للوصول إلى رحمة الله، وأن كلما زادت نظرتنا تشددا إلى الدين بأنه يقيد الحريات، تظهر نلك الأصوات فتفترى على الدين ما هو ليس بصحيح!! ويوما بعد يوم أخذت سيرة التكفير تزداد، وأصبحت كلمة سهلة على ألسن الناس، فتلك الكلمة العالم الوحيد بها هو الله، هو الوحيد الذى يعلم الكافر من المؤمن، والنطق بها هو تعدى صارخ على حدود الإنسان مع الله!! ومن الأمور الغريبة أيضا لماذا نقحم الدين فى أى شىء، فمثلا فى إحدى الحملات السلفية للانتخابات كتبوا بما هو معناه بأن ترشيح الفلول أو مساندتهم حرام شرعا!!!.. وأيضا الغريب كلمة حرام تستخدم أكثر من حلال، كل ذلك يضح حواجز نفسية بين فهم الدين للدنيا، ما أراه فى كلام الدكتور طارق البشرى صحيح ولكن نظرة المجتمع للدين بسبب هؤلاء الجهلاء والمدعين هى التى صنعت تلك المسافة!!!!!