بعيداً عن السياسة والعلاقات المتوترة بين مصر وإيران، وجدت الشعب الإيرانى يحب الشعب المصرى كثيراً، فهو حينما يعلم أنك مصرى لا يعلم ماذا يفعل من أجلك، فهم لا ينظرون إلى دينك أو مذهبك، ينظرون إليك كونك مصرياً فأنت المصرى أمامهم صاحب أقدم حضارة عرفها التاريخ فتجدهم يبتسمون ويقولون لك مصر والأهرام الثلاثة، كما أنك بالنسبة لهم بطل وصاحب ثورة عظيمة ثورة 25 يناير. فى رحلتى أنا والوفد النسائى إلى إيران عن طريق السفر بالترانزيت استقلينا طائرة من دبى إلى طهران، جلس فى الطائرة بجوارى إيرانى يدعى على افتخارى مهندس يعمل بكينيا، عندما علم أننى مصرية قال لى بلهفة حدثينى عن الثورة المصرية وكيف كانت أوضاع البلاد قبلها، فسألته وكيف تلقاها الإيرانيون وما شعورهم نحوها؟ قال الإيرانيون فرحون لانتصار ثورتكم أنتم صرتم أبطالا حقيقيين فى عيوننا إننا تلقينا خبر نجاح ثورتكم بالفرح والسرور وكنا نتابعها لحظة بلحظة. أما فى شوارع طهران الواسعة بمجارى المياه الجانبية التى تنحدر من الشمال نتيجة ذوبان جليد الإقليم الشمالى أذربيجان، عندما كان يسير الوفد كان الإيرانيون يعرفوننا أننا مصريون من ملامحنا فتجد من يعرف منهم العربية يأتى ويلقى التحية علينا ويرحب بنا ومن لا يعرفها يشير لنا بعلامة النصر من بعيد أو يتحدث الإنجليزية، ومنهم من يقترب منا أثناء تجوالنا ببازار تهران الكبير ويمطرون علينا أسئلة لا حصر لها ويسألون عن أحوال مصر بعد الثورة ومن سيحكم البلاد ويلوحون بعلامة النصر. فى شمال طهران أثناء زيارتنا لمنزل الإمام الخمينى التقيت بالسيد على رجل يبدو أنه فى العقد السادس من العمر صاحب أحد محلات الأدوات المنزلية رحب بى كثيراً وقدم لى ولصديقتى الشاى الإيرانى وبدأ يسألنى عن أحوال مصر وفى بساطة سألتنى "رحل ملككم" قلت له لم يكن ملكاً، كان رئيساً للجمهورية، قال لى نعم "مبارك"-يبدو أنه اعتقد أننا ثورنا على الملك مثلهم، وسألننى فى مصر مازالت هناك ثورة ومظاهرات؟ والرئيس السابق هل أتيتم برئيس جديد. سألته: "هل ذهبت إلى مصر؟"، أجاب: "لا، لكن يجب أن أزورها أنا ذهبت إلى أذربيجان وتركيا والاتحاد السوفيتى قبل سقوطه، وأتمنى أن أسافر إلى مصر". وعن الأوضاع فى إيران قال لى الرجل الذى تبدو على ملامحه كهولة السن: "الشعب الإيرانى راض الآن عن أوضاع البلاد وإن لم يكونوا راضين لما بقى أحد هنا والحياة جيدة". وأضاف:"عندما تريدين تقييم بلد يجب أن تنظرى إلى إمكاناته، مثلا أنتم تعيشون فى مصر لو تعيشون حياة جيدة فيجب أن تكونوا راضين ولو خانكم حاكم يجب أن تثوروا، وهنا الحياة جيدة، وسألته هل أنت من المؤيدين لأحمدى نجاد قال نعم المنطقة هذه التى أعيش فيها بها نسبة كبيرة تؤيد أحمدى نجاد وتحبه، ومن لا يؤيده هم قلة قليلة". فيما قال شاب يقف معه بالمحل يدعى كريم: "المصريون شعب جميل ولدى أصدقاء مصريون يعيشون هنا فى إيران منذ ما يقرب من 7 سنوات، وأعشق مصر وأتمنى أن أسافر إليها". وعن إيران تابع كريم ببساطة "فيه فلوس فى البلاد، الحياة جيدة والكل راض لكن بدون ذلك لا يمكن العيش ويكون هناك عدم رضا على أوجه الناس، لكن الغلاء هو المسيطر على السلع فكل يوم ترتفع أسعار السلع". كما التقيت بإحدى الصديقات تدعى محبوبة صالحى تدرس ماجستير فى اللغة العربية، وكانت ضمن المرافقات للوفد النسائى المصرى، تحدثت إليها قليلا قالت إن المصريين طيبون جداً، وأنا أعشقهم، لم يكن لدى أصدقاء مصريين وبعد أن قابلتك أنت والوفد المصرى أصبح لدى أصدقاء. سألتها عن رأيها فى الثورة المصرية قالت:"أنا فرحت لقوة ومتانة الشعب المصرى التى أظهرها فى ثورته العظيمة والاتحاد الذى جمع بينهم فى ميدان التحرير، وبعد الثورة سمعت عنها كثيراً وأحب أن أسافر إليها". كان من المقرر يوم الجمعة بناء على البرنامج المعد للوفد أن نذهب برفقة منظمى الرحلة إلى صلاة الجمعة فى مصلى تهران الشهير الذى يقام داخل جامعة طهران ويصلى فيه ما يقرب من مليونى شخص، انتهينا من الصلاة فى الركن المخصص للسيدات وبعدها قمن لتلقى التحية علينا ونجدت عيونهن تملأها شوق تجاهنا ومن يعرف العربية منهن يحيينا ويقول لنا "أهلا مسهلا بكم فى بلدكم إيران".. كل السيدات التى صلين أتين بجوارنا وهن يحدقن فينا ويسلمن علينا، استوقفتنى سيدة كبيرة فى السن وقالت لى "كنت أتمنى زيارة مصر وأنا صغيرة لكن الآن مع كبر سنى لن أستطيع أوصلى سلامى وتحياتى للشعب المصرى العظيم أنتم أبطال"، وأخرى قالت "لا نحب السياسة التى فرقت بيننا وبين المصريين". وتتسم شوارع طهران بالملامح الإسلامية فمقولات الإمام الخمينى وصوره تملأ الشوارع، وكذلك الأحاديث الإسلامية، أول ما تلاحظ وأنت تسير فى الشوارع أن عدد الشباب ما دون الثلاثين يتجاوز ال60%، ترى فى أوجه بعضهم الملامح الغربية وقصات الشعر المستوحاة من الغرب، وكذلك نسبة كبيرة من السيدات الإيرانيات رغم جمالهن الفائق يستخدمن مساحيق التجميل بكثرة، حتى المحافظة منهن، والتى ترتدى الشادور الإيرانى تراها تضع أيضاً مساحيق التجميل.