يؤكد معظم علماء الأجنة أن ل "موانع الحمل" تأثير مهدد لحياة الأمهات والأجنة فى حال حدوث حمل بالخطأ أثناء تناول الأم لهذه الموانع، ويؤدى ذلك أحيانا إلى الإجهاض أو تشوه الأجنة.. وما ينطبق على موانع الحمل، يشمل أيضا "موانع الثورة"، وأهم هذه الموانع، هى الثورة المضادة، فبعد خلع رأس النظام وبعض معاونيه ووضعهم فى السجون تركوا لنا من بعض "الثعابين" الصغيرة التى ما زالت تلدغ فى الخفاء وتسبب خللا فى المجتمع وانشقاقا فى نسيجه الوطني. فبالرغم من مرور عشرة أشهر على الثورة، إلا أنها لم تنجح بعد بسبب التأثير السلبى لموانع الثورة التى تسعى بكل جهدها وبمساعدة أصحاب المصالح، أن تجهض الأم (مصر) أو يشوه الجنين (الثورة) ولا يبقى منهما إلا ذكرى غائمة! من هذه الموانع أيضاً، الخلافات الشخصية والحزبية والدينية التى تؤدى بالنهاية إلى عدم وجود تصالح وتعايش بين فئات المجتمع وانتشار الفتنة وإشاعة الفوضى خصوصا فى ظل التعتيم والتواطؤ الإعلامى ونشر الخوف والتشويه والتخوين من هذا وذاك، واللعب بمشاعر البسطاء، والتخويف من فصائل بعينها ونشر مفاهيم خاطئة عن العلمانية وكأنها مساوية للكفر والعياذ بالله، إضافة إلى تعامل الجهاز الأمنى والحكومة الانتقالية والمجلس العسكرى ببطء بالغ مع مطالب الثورة والمحاكمات، والمماطلة فى تنفيذ المشروع الديمقراطى الناجح. إن عدم إدركنا لخطر هذه الموانع، يجبرنا على السير فى اتجاهات مجهولة، مثلما حدث فى تجربة انتخابات الجامعات وتولى تسعين بالمائة ممن كانوا يحتلون المناصب نفسها، وتغليب الشللية والمصالح كما كان قبل الثورة! إن ما نتج عن سبعين عاما من حكم العسكر لا يجعلنا نأمل الآن فى وجود يوتوبيا سياسية، بل إن احتمال مجىء رئيس غير مرغوب فيه ولا يمثل الإرادة الثورية، أمر وارد، خصوصا إذا كانت الاختيارات فى البداية قائمة على أيدلوجيات خاصة. لكن السؤال: هل سيكون هذا الرئيس قادرا على العبور خلال الفترة المحددة أم سيظل الأمر صعبا ومعقدا إلى حين وجود رئيس ناضج تم اختياره على أساس منهج ديمقراطى صحيح. إن موانع الثورات فى كل الدول، وارتفاع نسبتها وتأثيراتها السلبية، والابتكار فيها، قد يؤدى إلى شلل جزئى، يعرقل سير الثورة فى طريقها الصحيح وقيام الدولة المدنية، بل وتفرض علينا أن نعيش فى صراعات دائمة قد تؤدى بنا إلى عقم ديمقراطى وسياسى، يصل فى النهاية إلى عدم قدرة الدولة على انتخاب رئيس وتظل محملة بأمراض لا طائل من ورائها. نحن نحتاج إلى السعى وبسرعة فى الاتجاه المعاكس وحشد الشعب والثوار على تخطى هذه الموانع وعدم النظر لها والاتفاق على نهج سياسى إنسانى يعتنقه المسلم والمسيحى، الحزبى والمستقل، المدنى والعسكرى، والنظر بواقعية لثقافة الفرد وكيفية اختيار رئيس دولة يحقق الديمقراطية والعيش والعدالة الاجتماعية التى قامت من أجلها الثورة والاستمرار فى خط مستقيم وكسر حدة الخلافات، كما تم كسر حاجز الخوف أثناء الموت من أجل الثورة.