مع اقتراب عيد الأضحى، تظهر فى الأفق أزمة أسعار اللحوم التى تواجه البسطاء ومحدودى الدخل الذين أصبحوا الأغلبية بين المصريين، الأزمة تشعبت إلى عدة أزمات، فمنها ما يرتبط بارتفاع الأسعار بدرجة جنونية، وما يتعلق بالأخبار التى تشير على إصابة الماشية المستوردة بالأمراض، وعدم صلاحية اللحوم المستورة، مما يخلق جواً من الحيرة والقلق لدى المواطن المصرى بين عدم القدرة على شراء اللحوم المصرية ذات الأسعار النارية والخوف من اقتناء اللحوم المستوردة رخيصة الثمن نسبياً لما يشاع عنها. طرحنا القضية على عدد من المسئولين، ومنهم د.حامد سماحة رئيس الهيئة العامة للخدمات البيطرية، والذى قال إن مصر تسعى لتوفير لحوم الأضاحى لمحدودى الدخل من المجتمع المصرى قبل عيد الأضحى، وذلك من خلال الصفقات التى يجريها المستوردون من كبار التجار بعد أخذ الموافقة من قبل الهيئات المسئولة كوزارة الزراعة والصحة، ومحاولة لتوفير لحوم أقل فى الأسعار للمستهلكين. قال د.سماحة إن الارتفاع المتزايد فى أسعار اللحوم فى مصر، ناتج عن قلة الإنتاج المحلى من الثروة الحيوانية مع زيادة سكانية ضخمة، مصاحبة بجشع التجار والجزارين، فوصول كيلو اللحم فى السوق المصرى إلى 44 جنيهاً أو 55 جنيهاً فى بعض المناطق لم يحدث من قبل مثلما حدث الآن، ولكن نحاول أن نوفر اللحوم المستوردة قليلة الثمن. ويؤكد د.سماحة أن الجهات المسئولة استوردت 20 ألف رأس عجل و50 ألفاً من الأغنام، وأن هذه الشحنة قد خضعت لثلاثة لجان رقابية من وزارة الصحة وهيئة الطب البيطرى وهيئة الصادرات والواردات، كما أنها وصلت حية وليست مذبوحة كما يدعى البعض، وسيتم ذبحها فى محجر ميناء العين السخنة، وستوزع فى الأسواق المصرية قبل العيد فى شكل لحوم مجمدة. كما يرى رئيس الهيئة العامة للخدمات البيطرية، أن شائعة اللحوم المصابة بالدورة الحلزونية من أروجواى هى زوبعة إعلامية، لأن التقرير الذى نشر بإحدى الصحف المصرية كان لأطباء قدموه بصورة كتابية، أما ما نشر فغير صحيح، وهذا كله يهدف إلى تخويف الشعب وعدم شراء اللحوم المجمدة حتى يبيع التجار وكبار المستثمرين ما لديهم من لحوم فى المخازن، وهم السبب فى ارتفاع أسعار اللحوم بهذه الدرجة. إجراءات أولية من جانبه، يرى د.محمد مصطفى سيف أستاذ الطب البيطرى بجامعة بنى سويف، أن توفير لحوم عيد الأضحى للمواطنين يبدأ بأن تكون اللحوم المستوردة خالية من الأمراض عبر مجموعة من الإجراءات، مضيفاً "فى البداية، علينا التأكد من الموقف الوبائى للبلد الذى يتم الاستيراد منه، وهذا يتوقف على منظمة الأوبئة العالمية التى توضح موقف كل دولة من حيث الأمراض المتوطنة بها، حتى نمنع دخول حيوان المصابة بأمراض تؤثر على الثروة الحيوانية عندنا، وأن نرسل لجنة معتمدة إلى البلد الذى يتم الاستيراد منه لفحص الحيوانات هناك، ثم شحن هذه الحيوانات ووضعها فى المحجر لمدة من 21 إلى 30 يوماً لكى نتأكد من خلوها من الأمراض. وطالب د.مصطفى بوجود مجازر على الحدود لذبح الحيوانات قبل دخولها مصر منعاً لدخول الأمراض، مثلما حدث فى انتقال الحمى القلاعية من إثيوبيا إلى مصر، ووضع هذه اللحوم فى ثلاجات وتوزع عبر الجهات المختصة. الرقابة ثم الرقابة يشدد د.محمد مصطفى مدير الضبطية القضائية على أهمية الرقابة فى عملية استيراد اللحوم الحيوانية، وكذلك مساعدة الأطباء فى تنفيذ حق الضبطية القضائية التى تعطى للأطباء الحق فى مساءلة من يحاول استيراد لحوم مصابة، حيث يكون للدور الرقابى قوة أمنية تساعد على القبض على المخالفين للإجراءات والشئون القانونية. وعلاوة على ما سبق، طالب د.مصطفى بوجود تعاون مشترك بين وزارة الزراعة والطب لعلاج أى مشكلة ناتجة عن استيراد لحوم غير صالحة للاستهلاك الآدمى. وقال د.مصطفى إن هناك مجموعة من الإشكاليات الناتجة عن استيراد لحوم من الخارج، والتى لابد أن ننتبه لها، ومنها عملية ذبح الحيوانات المستوردة، وطالب بأن يتم الذبح أمام المواطنين الذين يميلون لذبح الأضاحى حية فى أول أيام العيد. وأشار د.مصطفى إلى وجود أمراض مشتركة بين الحيوانات والإنسان، وتتراوح من 30 إلى 40 نوعاً مرضياً، وأن كثيراً من الفلاحين ليس لديهم خبرة ببعض الأمراض الحيوانية التى قد تكون مستوطنة فى مصر، كأمراض الأكياس المائية التى تنتقل عبر الكلاب أو حمى الوادى المتصدع التى تقتل من يصاب بها ومرض الكربونيل الذى يحدث نتيجة للتسمم الغذائى فى اللحوم ومرض الجمرة الخبيثة وغيرها من الأمراض. ودعا د.مصطفى إلى وجود فحص دورى على الحيوانات المستوردة والمحلية، وقاية من الأمراض الحيوانية التى تنتقل للإنسان.