لاشك أن ما حدث مساء الأحد الماضى أمام ماسبيرو قد أثار فى نفوس المصريين كثيرا من مشاعر الحزن والأسى والألم وجعلها مقسمة بين أمرين أولهما اختلاط الأفكار والمفاهيم بين الأقباط والجيش مما أدى إلى نشوب هذه المصادمات العنيفة التى وقعت بين الطرفين أما ثانيهما فيتمثل فى المخاوف من إثارة الفتن والكراهية بين طوائف الشعب، ونحن إزاء هذه المشكلة الجمة فإننا لا نكاد نصدق تصاعد هذه الأزمة وتنامى حدتها إلى هذه الدرجة الكبيرة والتى نجم عنها هذا الصدام العنيف الذى راح ضحيته العديد من القتلى والجرحى صحيح أنه كانت هناك مقدمات سالفة للضغط على الحكومة لإقالة محافظ أسوان وصحيح أيضا أن هناك مشاكل بل وإشكاليات كامنة كان الأخوة الأقباط يبرزونها ويقفون وراءها من حين لآخر خاصة بعد سقوط النظام السابق، وزيادة مساحة الحرية لدى كافة الناس فى مصر والدليل على ذلك هو ما شهدته ساحة ماسبيرو فى أول تظاهرة للإخوة الأقباط فى أعقاب الاعتداء على كنيسة اطفيح وإصرارهم على استمرارها حتى تتحقق مطالبهم وبالفعل لم تنفض هذه التظاهرة إلا بعد أن أعادت القوات المسلحة بناء الكنيسة آنفة الذكر. وأغلب الظن أن التظاهرة الأخيرة كانت تحمل فى مضمونها نفس المطالب السابقة مصحوبة بدوافع جديدة تتمثل فى تحقيق معظم مطالبهم السالفة واستعادة الحقوق التى سبق وأن عدلت الحكومات المتعاقبة عن تحقيقها بما فيها حكومة الدكتور شرف الحالية حيث قد تأصل فى خلدهم أن الحقوق لم تأتيهم ماداموا لم يسعوا إليها وقد أشار إلى ذلك المتحدثين باسم الأقباط من رجال الدين والمفكرين وضربوا أمثلة على ذلك منها أحداث نجع حماد وكنيسة القديسين وآخرها دور العبادة والمناسبات بالماريناب. ومن المؤكد أنه من حق الأخوة الأقباط المطالبة بحقوقهم المشروعة فى المحافظة على الكنائس وزيادة دورة العبادة وبعض المناصب التى حجبت عنهم فى السابق غير انه فى ذات الوقت لا يصح للأقباط أن يفتعلوا الأزمات فى الوقت التى تحتاج فيه الدولة الأم إلى سواعد أبنائها وجهودهم لتقال من عثرتها و يتوجب عليهم أن يغلبوا صوت العقل الذى غاب عنهم فى معالجة الأزمة الأخيرة مما أدى إلى سفك دماء ذويهم واشتعال الموقف كما رأينا فى وقت نحن فى أمس الحاجة فيه إلى الهدوء والسكينة وعدم الاستماع إلى أصوات الخلاف والشقاق التى تمس آذاننا بسوء من خارج مصر لصالح أجندات أجنبية وظيفتها هى العمل على زعزعة الأمن والاستقرار فى البلاد وذلك فى مثل هذه الأوقات الحرجة والعصيبة من تاريخ مصر نريد من الأقباط ضبط النفس والتسامح وتصحيح أفكارهم وإرجاء مطالبهم برهة من الزمن إلى أن تستعيد الدولة عافيتها كونهم من نسيج هذا الوطن ويعنيهم فى كل الأحوال وحدة صفه وإعادة بناء مؤسساته واستتباب أمنه ويتوجب على الحكومة الحالية أن تنظر فى الإشكاليات السابقة للأقباط وتعمل على حالها فى أقرب وقت ممكن حتى لا تأخذنا النزاعات الداخلية إلى حافة الهاوية ونصل إلى يوم لا تغنى فيه النذر.