يتردد الآن على كل الألسنة أن على السيد عصام شرف أن يرحل ويستقيل لأنه رجل طيب، ومصر تحتاج لرجل قوى، يمسك بيده بسوطٍ من حديد، لكن الحقيقة أنا لى رأى آخر، أتفق مع رأى الرحيل، لكن ليس لأنه طيب بل لأنه سلبى. وأرجو ممن يقول إن مصر تحتاج لرجل قوى أن يتذكر قدر الحب والاحترام الذى ناله اللواء محسن الفنجرى بعد أن قام بتحية الشهداء، لكن سرعان ما فقد هذه المحبة بمجرد خطاب شديد اللهجة بالرغم من أن مضمونه لم يحو أى إهانة أو ما شابه، فهذا يثبت أن مربط الفرس ليس الطيبة أو القوة والحزم.. ما نحتاجه يا سادة الآن هو قرارات وخطوات إيجابية وملموسة.. فإذا أحس الشعب ببعض التغيرات ولمس تحسنا فى أى مجال، سيهدأ وينتظر المزيد من التحسن. وبصراحة أرى الموقف أيسر وأبسط مما تتخيله الحكومة الانتقالية الحالية، ودعونا نضرب المثال الآتى حتى نرى ما إذا كانت هذه الخطوات الإيجابية التى ستجعل الشعب يهدأ ويجلس فى منزله مشاهداً ومنتظراً وراضياً عن أداء الحكومة.. فلو أن شخصاً دخل إلى غرفته ووجدها مرتبة ومهندمة ومنظمة وكل شىءٍ فى مكانه، وطُلب منه أن تكون له لمسات إيجابية فى هذه الغرفة لكان الأمر صعباً عليه، حيث إنها لا تحتاج إلى ترتيب أو تنظيم أو ما شابه، فيجب عليه حيئذ أن يفكر ويبتكر حتى يأتى بأفكار جديدة كى يلمس الجميع قراراته ولمساته فى هذه الغرفة. أما إذا طُلب من نفس الشخص أن تكون له قرارات ولمسات إيجابية فى غرفة مهدومة، ليس بها إنارة، وجدرانها مشققة، وأثاثها مكسور ومبعثر، فإن أى خطوة سيفعلها وأى قرار سيأخذه وإن كان بسيطاً سيكون إيجابياً.. فلو رتب الأثاث وأزال الغبار ورمم الجدران وغيّر المصابيح المكسورة، وأنار الغرفة.. فكل خطوة من تلك الخطوات تعد إيجابية وملموسة، ستُفرح أهل هذه الغرفة. وأعتقد أن الدكتور عصام شرف وحكومته أمام هذه الغرفة المهدومة منذ ما يقرب من تسعة أشهر لم نر حتى الآن أى خطوة إيجابية، بالرغم من تعدد أوجه الإصلاح.. فإذا عددنا المجالات التى يمكن أن نرى فيها تلك الخطوات الإيجابية التى ستهديء من روع الشعب الذى بات متربصاً ببعضه، ويائساً من حكامه قبل وبعد الثورة.. سنرى أن هذه المجالات كثيرة ومتعددة وملموسة وقريبة من الشعب. فلننظر إلى المواصلات، الخبز، اللحوم، المياه، المرور، المرتبات، البنزين، التعيينات... إلخ. هل من الصعب أن يتم إنجاز أى خطوات إيجابية بهذه المجالات؟! ثم أننا سمعنا عدة اقتراحات ومشاريع مثل ممر التنمية للدكتور فاروق الباز، وتغيير خريطة المحافظات للمهندس منصور عامر، وغيرهم الكثير من تنمية لسواحل مصر، أو استغلال مواردها الطبيعية من سياحة ونهر وبحر وجو وشمس ليس لهم مثيل فى العالم. هل لو تم البدء فى تنفيذ أحد هذه المشاريع كنا وصلنا إلى هذه الحالة من السخط، والكراهية من الشعب للحكومة؟؟ ماذا تنتظر الحكومة؟؟؟ بل ماذا تفعل الحكومة؟؟ وماذا فعلت؟؟ أين التخطيط؟؟ أين التفكير؟؟ أين الاستماع للأفكار.. وتنفيذها؟؟