العيون شاخصة والقلوب واجفة، فالمعركة شرسة وتستحق القتال حتى آخر نفس، الفلسطينيون فى انتظار أهم حدث فى تاريخ قضيتهم، إن تحقق الاعتراف الأممى بدولتهم التى طال مخاضها ولم تنجب وليدها حتى الآن، لا تريد لهذا الوليد أن يكون لقيطا أو غير معترف به، وفى الآونة الأخيرة شحذ الفلسطينيون الهمم وسخروا الطاقات لحشد الاعتراف الدولى بالدولة الفلسطينية لتأخذ عضويتها الشرعية فى الأممالمتحدة، ومع اقتراب الميعاد فى منتصف سبتمبر الحالى، يزداد العمل الدءوب والمتواصل لنيل هذا الاعتراف، فهو يستحق كل هذا العناء والجهد، مع ما تمارسه إسرائيل من معوقات ومنغصات لإفشال هذا الحدث الأممى الكبير وما يحمله من معان لا ترضى إسرائيل ولا حليفاتها فى العالم. صعوبة هذه المعركة تكمن فى تكالب القوى العظمى ومدى استجابتها لإسرائيل وقدرتها على إجهاض هذا الأمر، ولأن القضية تستحق، فقد قامت مجموعة من الشباب الفلسطينى باستلهام تجربة فريدة من نوعها، وقررت تطبيقها على أرض الواقع، اختارت هذه المجموعة إطلاق حملة لإبراز أهمية دعم قرار القيادة الفلسطينية بخصوص التوجه إلى الأممالمتحدة لانتزاع الاعتراف الدولى بفلسطين المستقلة، والحصول على العضوية الكاملة فى المنظمة الأممية. تقوم فكرة الحملة على صنع مقعدين خشبيين أزرقى اللون أسوة بمقاعد الأممالمتحدة مكتوبا عليهما كلمة فلسطين، وشعار الحملة "فلسطين تستحق" عضوية كاملة فى الأممالمتحدة لنقلها إلى عدد من دول العالم، بغية إظهار تشبث الشعب الفلسطينى بحقه فى إقامة دولته، وقبل أن يتم تسليم أحد المقعدين للأمين العام للأمم المتحدة "بان كى مون" إذا سمحت الظروف. وينتظر أن يتم إطلاق هذه الحملة تحت عنوان "المقعد الطائر" خلال مؤتمر صحفى سيعقده القائمون على الحملة أمام ضريح الرئيس الراحل ياسر عرفات فى الخامس من هذا الشهر. جاءت الفكرة من الشباب الفلسطينى المتحمس لبلده، خاصة بعدما شهدته المنطقة العربية من ثورات مناهضة لأنظمتها، فشعر الشباب بأن عليه واجبا وطنيا، ينبغى أن يكون له دور فى صنعه وبالذات فيما يسمى ب"استحقاق سبتمبر"، وعندما طرحت فكرة أن يحملوا مقعد فلسطين فى الأممالمتحدة بأيديهم، ويذهبوا به إلى هناك لما يحمله من بعد رمزى هام للقضية الفلسطينية، اتسعت دائرة الموافقة بين الشباب حتى توصلوا إلى صيغة لإخراج الفكرة إلى النور، وسرعان ما اتسع نطاقها لتشمل إنشاء جمعية باسم "فلسطين تستحق"، ستكون حملة المقعد الطائر أولى نشاطاتها. القائمون على الحملة صنعوا مقعدين وجلبوا مكوناتهما من كل مدينة فى الضفة والقطاع، تعبيرا عن وحدتهم فى دولة ملتحمة الحدود من الضفة الغربية، وحتى قطاع غزة، ونظرا لضيق الوقت ما بين إطلاق الحملة، وانطلاق أعمال الدورة المقبلة للجمعية العامة للأمم المتحدة، فقد تم تشكيل وفدين سيزور كل منهما عدة دول عربية وأوروبية، وهما يحملان المقعد الطائر الذى صنع بطريقة تجعله سهل الحمل وقابلا للطى، أما مدينة نيويورك فستكون ختام زيارة الوفد، حيث يتم العمل على إجراء الترتيبات المتعلقة بتسليم" المقعد الطائر" للأمين العام للأمم المتحدة بحضور رئيس مجلس الأمن والجمعية العامة والسفير الفلسطينى لدى الأممالمتحدة. هى فكرة جديدة بكل المقاييس، أما إصرار شباب الحملة على توصيل رسالتهم للعالم فتلك أهم أهدافها، لإبراز تصميم الشعب الفلسطينى على انتزاع حقه الذى أقرته الكثير من القرارات الأممية لإنهاء الاحتلال الذى بات آخر احتلال فى هذا العالم، ومطالبة الأممالمتحدة بالاعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود الرابع من يونيو 1967. استحقاق سبتمبر ليس سوى محطة أولى ضمن نشاطات جمعية "فلسطين تستحق"، وبالتالى فإن هناك استحقاقات أخرى ستطرحها الجمعية الشبابية الفلسطينية فيما بعد، نأمل أن يكون على رأس أولوياتها إنهاء مهزلة الانقسام بين الضفة الغربية وقطاع غزة، وإتمام المصالحة بين حركتى فتح وحماس واللتين أصبحتا مثارا انتقادا وسخرية واستغلالا إذا اقتضت الضرورة.