ما أسهل أن نهتف مع الجماهير المتحمسة لما قمنا به بالأمس من إنزال العلم الإسرائيلى من فوق العمارة، التى فيها السفارة، عند كوبرى الجيزة الذى هو أمام حديقة الحيوان. وما أيسر أن نصفق مع الحشود الفخورة برفع علمنا المصرى مكان علمهم الإسرائيلى احتجاجاً على غدرهم بشهدائنا الذين هم فى الجنة. ولكننا نواصل بذلك دخول الحرب بمنطق الطبلة والربابة وبالعنتريات التى ما قتلت ذبابة. فالنصر الحقيقى هو أن ننزل العلم الإسرائيلى من ساريته المزعومة لنضع العلم المصرى ليس مكانه، ولكن فى موضع اللائق على قمة الشرق الأوسط. أما الفوز الحقيقى فهو الفوز فى المعركة الحضارية بين مصر، ومعها الشعوب العربية ومحبى العدالة على وجه الكرة الأرضية، وبين إسرائيل ومعها كل قوى الباطل والحكومات العربية. ولن يحدث ذلك إلا بالعلم والمعرفة. اما الدين فنحن فى مهبط الأديان أصلاً وهم أبناء العمومة. أما بالنسبة إلى الفتى الجميل الذى تسلق الكثير من طوابق العمارة، التى بها السفارة، ليلقى علم العدو واضعاً مكانه علم الوطن فتحية له واعتزاز، وإن كان هناك معه ملايين الشباب فى كل مكان على أرض الوطن جاهزون لتسلق طوابق الوطن مسلحين بالأمل والعرق والدموع لكى يجعلوا مصر بلداً مستكفياً فى إنتاجه ثم مصدرا للخير إلى الصين وأوروبا وأمريكا وجزر القمر. ولن يكون ذلك إلا بالديمقراطية التى هى موجودة بكثرة فى البلد التى نحاصر لها السفارة، التى هى فى العمارة. وأرجو ألا يسىء أحد فهمى. فلا عيب فى أن نستورد منهم التكنولوجيا شريطة أن نصدر لهم تكنولوجيا أخرى. فإن كان لديهم جامعات فعندنا جامعات مثلهم سوف نجعل رئاستها بالانتخاب. وإن كان لديهم ميسى فعندنا متعب الذى يعشق ملكة الجمال. وإن كان عندهم إنجلينا جولى فلدينا دينا التى تفوقها وزناً وقيمة وحاصلة على ماجستير الفلسفة وتقضى ليلها رقصاً ونهارها فى الموازنة بين هيجل وماركس. وإن كان لديهم تويتر والفيس بوك فعندنا أسواق عكاظ الفضائية للرغى وتبادل التهم. وحتى إن كانوا يعملون بجد خمسة أيام فى الأسبوع فنحن نصوم رمضان عن الطعام والعمل وأشياء أخرى. والخلاصة إننا لن نلقى بعلم النجمة السداسية ونرفع مكانه علم النسر فى الواقع، وليس فى السفارة التى هى فى العمارة، إلا إذا استمسكنا بما عندنا حصرياً وليس عندهم، وهما ميدان التحرير والثورة المصرية الجميلة. ارفع راسك فوق أنت مصرى.