بصراحة أنا بدأت أحس بالقلق الشديد على الثورة، بل وعلى مصر كلها. فى أيام الثورة الثمانية عشر كانت احتجاجات الشعب المصرى عاقلة وعقلانية وسلمية لا عنيفة فى الكلمات والأفعال معا. وكانت الشعارات الشعب يريد تغيير النظام والشعب يريد رحيل النظام أو رحيل مبارك. ورحل الجميع وأكثرهم فى انتظار الحساب العادل بواسطة قضاء عادل. اليوم كلنا نرى دخان الغضب يخرج علينا من جديد ونسمع جدلا سياسيا وقانونيا حول الكثير من القضايا، منها المهم ومنها غير المهم، وكلنا رصد انقساما حادا فى المجتمع يحمل رياح الفرقة والتشرذم والقلق والخوف. دعونى أكتب بعض ما تم رصده من تناقضات فى داخل الجماعة الوطنية على مدى الستة أشهر الماضية. أولا: مطالبة البعض بتشكيل مجلس رئاسى بديل للمجلس العسكرى، والكثير رأى أن لا يوجد مبرر لهذا الطلب فى الوقت الحالى وتقريبا ماتت الفكرة. ثانيا: بكل أسف تحريض البعض على المجلس العسكرى باعتباره مجلسا سياسيا، وأن المجلس شىء والجيش شىء آخر، وللجميع الحق فى توجيه النقد للمجلس العسكرى ربما يكون هذا الكلام صحيحا، ولكن هناك فرق بين النقد والإهانة، ثم إن المجلس العسكرى هو رأس الجيش، ويمكن التفريق أو الوقيعة بينهما. وتمادى البعض فى محاولات التقليل من شأن المجلس، وعندما حاول المجلس الدفاع عن نفسه، واستدعى البعض للاستفسار منه أو مساءلته غضب الناس واشتعلت الأمور. ثالثا: محاكمة أى مدنى أمام القضاء العسكرى شىء مرفوض من الجميع بدون استثناء كمبدأ، ولكن السؤال المهم عندما تكون هناك قضايا القوات المسلحة طرفا فيها لا مناص من المساءلة والتحقيق بواسطة النيابة العسكرية، حسب القوانين المعمول بها الآن فى الدولة. وأعتقد أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة لن يتخلى عن حقه فى محاسبة كل من اعتدى على القوات المسلحة، سواء بالرصاص أو المولوتوف أو بالألفاظ التى تسىء للجيش أمام القضاء العسكرى. رابعا: مشكلة الدستور التى بدأت بعدم قانونية الإعلان الدستورى، ثم ذهبت إلى مقولة الدستور أولا، ثم دخلنا فى الوثيقة فوق الدستورية، والجدل الواسع حول إمكانية الالتفاف على إرادة الأمة. وأخيرا خرج علينا الأزهر الشريف بوثيقة توافق عليها الأكثرية، وهذه الوثيقة تحدد العلاقة بين الدين والدولة بطريقة أذهلت الجميع حتى أقباط المهجر، واعتبر الجميع أن الأزهر هو مرجعية المصريين، وأعتقد أن هذه الوثيقة هى المخرج الآمن من جدلية الدستور بشرط أن يتوافق عليها الجميع بشكل حضارى، ويضمن تنفيذها المجلس العسكرى باعتبار أنه السلطة العليا فى البلاد فى هذه المرحلة. خامسا: الموضوع الذى يخجلنا جميعا، وهو موضوع التمويل الخارجى لبعض منظمات المجتمع المدنى، وخاصة التمويل الذى يتم بدون علم ومعرفة الدولة. أعتقد أن أغلبية الشعب لن يكون مرتاحا على الإطلاق بأى تمويل خارجى لأى منظمة أو جمعية أو جماعة أو حزب، خوفا من شبهة التدخل الخارجى الذى لن يكون فى صالح مصر على الإطلاق. والحق أقول إن من مساوئ النظام السابق انصياعه التام للأجندة الخارجية فى سياسته الخارجية والداخلية وفى تعامله مع الكيانات المختلفة للمجتمع المصرى. نعم ثورة مصر أبهرت دول العالم لأنها ثورة ليست عنيفة ثورة سلمية والجيش المصرى تصرف بطريقة حضارية ورفض إطلاق رصاصة واحدة على أى فرد من الشعب لما لا وهو جيش الشعب كل أفراده هم من أبناء الشعب حدد وظيفته السياسية بدقة فى حماية ممتلكات الشعب وحماية الإرادة الشعبية هذا الى جوار وظيفته العسكرية فى حماية حدود الوطن والدفع عنها. اعتقد ان الشعب يريد السياسيين العقلاء ولا يريد الصقور الجارحة منهم فى هذه المرحلة الخطيرة لا نريد التخويف والتخوين والاتهامات ولا نريد الإقصاء والتهميش بل نريد الاستقرار والهدوء والاستعداد لتسليم السلطة لحكومة مدنية منتخبة بإرادة شعبية حرة وكفانا الله فى هذه الأيام شر الألاعيب السياسية.